علي السادة: قرية حتا الحجرية توثيق لتاريخ الإمارات

في عمق جبال حتا ينبض قلب فنان وشاعر مبدع، استطاع أن يحول الأحجار الجبلية إلى لوحات فنية نابضة بالحياة وقصص الهوية الإماراتية.

فمن خلال «قرية حتا الحجرية» يستعرض الفنان علي السادة براعة فنية فريدة في تشكيل المجسمات، التي توثق تراث الإمارات، وتروي حكاياتها، من خلال الأمثال الشعبية واللحظات التاريخية البارزة.

جمال الطبيعة

«البيان» التقت الشاعر والفنان التشكيلي علي السادة للحديث عن أعماله الفنية، وعن كيفية تعلم هذه الطريقة، فقال: «من الصعب أن تجد مكاناً يعلمك هذا الفن. وأنا لم يكن لدي باع في الرسم، رغم أن أبنائي أغلبهم رسامون. وأنا لليوم لا أعرف أن أرسم، لكن التشكيل شيء آخر. التشكيل عبارة عن صور مطبوعة في ذهنك من خلال نظرتك للأشياء، ومصدر الإلهام الرئيسي لأعمالي هي الطبيعة.

الأشكال والخطوط في الطبيعة لا نهاية لها، ومهما بلغ الفنان من عبقرية لا يستطيع أن يغطي جمال الطبيعية، التي تفرّد بها الخالق سبحانه».

ويتابع الفنان التشكيلي علي السادة: «التصميم بالنسبة لي هو عبارة عن تكامل اللون والشكل، الذي يوفي معنى الفكرة، ويعمل على توصيل دلالات معينة، تعبر عن موضوع أو مادة معينة، بتوافق بين الفكرة ولون وحجم وشكل الحجر. وقد بدأ الإلهام من الطبيعة في رحلاتي وجولاتي بين الوديان والجبال مع الأهل والأصدقاء، وأيضاً لحبي لعمل شيء جديد ومميز.

مثلاً عندما أكتب الشعر لا أكرر المعاني، بل أكتب معاني جديدة، أو عندما أتناول القضايا العلمية كالإدارة، وهو تخصصي، أطرح أفكاراً وحلولاً جديدة، ولكي تكون مبدعاً عليك أن تعلم أن شرط الإبداع أن يكون ما تقدمه جديداً ومؤثراً، ولم يسبقك أحد إليه. وبالتالي فإن ما أقدمه فنياً هو نتيجة ما تعلمته من خلال ممارساتي وهواياتي ومعايشتي للطبيعة، وهي أفضل مدرس للفنون».

الهوية العربية

ويؤكد الفنان علي السادة أن فكرة القرية الحجرية قائمة على عدة ركائز، أولها أن يقدم مجموعة أعمال فنية لا مثيل لها، وقد ولدت مجموعة من فنون حجرية هنا لم تعرف في السابق.

وأساس القرية هو توثيق الذاكرة، ذاكرة الفنان وعلاقته ببيئته، ومجتمعه، وهويته العربية، ووجدانه.

وأضاف: «قرية حتا الحجرية هي عبارة عن كتلة موحدة لعدد من الأعمال الفنية والهندسية والمعمارية والثقافية الحضرية بمادة حجرية طبيعية. كل الأعمال تكمل بعضها بعضاً، ولكنها مترادفه لمعناها وتكوينها وأسلوبها وما تحتوي من توظيف إبداعي جديد، وقد قمت باستغلال الحجر في كل مجال وبكافة أبعاده.

وقد قدم الكثير من الفنانين في العالم أعمالاً جميلة، منهم من عملوا على النحت، وهذا مجال غير مجالي، حيث إنني أستخدم الحجر كما هو».

وفي أحد أعماله الفنية يوثق الفنان علي السادة لحدث تاريخي، وهو لقاء سيح السديرة التاريخي.

، عبر مجسم لافت، نلاحظ في تكوينه بيان التلاحم المعبر باختيار ألوان الحجر تقارباً مع ألوان البشوت، وتطريز البشت الذهبي مع تفاصيل تشكيل العقال، واللون الأبيض للغترة. واختار الفنان بروازاً للمجسم جدارية فيها علامات وشعارات، دلالة على الاتحاد والتطور، والصناعة، والدفاع، والازدهار.

أمثال عربية

وفي السياق نفسه يقول الفنان السادة: «يمكنني الاعتبار بأني أول فنان يجسد مثلاً عربياً في مجسم إنارة، لإنارة البصر والبصيرة، ومن هذه الأمثال، «اللي ما يعرف الصقر يشويه»، وهو مثل عربي إماراتي يتحدث عن فداحة الجهل ببعض الأشياء القيمة وإساءة تقديرها.

كما استخدمت الحجر الطبيعي بأحجامه وألوانه وتكوينه المختلف لإيحاء رمزي للمثل. الشواء يتطلب وجود نار، وللنار مراحل، فالألوان تتوزع بين الحجر الأسود للفحم، والبيج للحطب.

والأحمر اللهب، والأبيض هي الفكرة، للإدراك والتسامي ويتوج المجسم بالضوء يتوسط رأس الصقر، بعرض وطول وهّاج يزين القرية بنقطة محورية فنية، تتناغم مع الأعمال الأخرى. والمثل «الباب اللي يجي منه الريح سده واستريح» يشير إلى تفادي مصدر الإزعاج بحكمة.

وقد شكل المثل تحدياً وفرصة لإبداع جديد، فجاء مجسم إنارة على شكل باب بطرف ممتد، ومتشكل كما الريح، ومتوج بالشخص المحتوي للضوء مع شلال من مصدر ماء، ينزل من آخر مجسم للريح إلى أرضية تحتوي على الماء، وتحيط باستدارة حول المجسم دلالة على آخر كلمة في المثل، الراحة».

الأكثر مشاركة