لمياء شمت وعلي لون وعبدالله سابو خلال الجلسة الحوارية «لغة الهوسا: تاريخ أدب وعلاقات لغوية» - تصوير: دينيس مالاري

مكتبة محمد بن راشد تحتفي باليوم العالمي للغة الهوسا

نظمت مكتبة محمد بن راشد، أول من أمس، جلسة حوارية ثقافية بعنوان «لغة الهوسا: تاريخ أدب وعلاقات لغوية»، احتفاء باليوم العالمي للغة الهوسا، الذي يصادف 26 أغسطس من كل عام، ناقشت خلالها الدكتورة وأستاذة اللغويات وعلم الألسن السودانية لمياء شمت كلاً من الشاعر علي لون والكاتب عبدالله سابو، وأضاءت على أطروحات الأدب والشعر في الثقافة الهوساوية.

ومن المعروف أنه سبق لهذه اللغة، التي تعود جذورها إلى اللغويات الأفروآسيوية، أن كتبت بحروف عربية. وهي من اللغات الحية، ويتحدث بها 72 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، منهم 47 مليون شخص كلغة أولى، و25 مليون شخص كلغة ثانية. وقد بلغ عدد المتحدثين بهذه اللغة الأفروآسيوية الأصلية 100-150 مليون شخص في السنوات الأخيرة.

وخلال الجلسة عرفت الدكتورة لمياء شمت في البداية لغة الهوسا بوصفها إحدى اللغات الحية المنطوقة، التي تنتمي إلى اللغات التشادية، ويتحدث بها ملايين الأشخاص موزعين على بقع جغرافية مختلفة، ولهذه اللغة تاريخ قديم وحضارة قائمة وتنسب إلى شعب الهوسا في تشاد، وهي واحدة من أكثر اللغات تحدثاً في أفريقيا، وتمثل جسراً حيوياً بين الثقافات المتنوعة، وخاصة في غرب أفريقيا والعالم العربي.

وأضافت: مع وجود أكثر من 72 مليون متحدث، معظمهم في نيجيريا والنيجر، لم تزدهر الهوسا فقط كوسيلة للتواصل، بل لعبت أيضاً دوراً مهماً في نشر الثقافة العربية والإسلامية، ومن جانب آخر تشكل المفردة العربية 30 % من مفردات لغة الهوسا.

وقد تمت إعادة صياغة المئات منها لتكون ضمن القاموس المتداول في الثقافة الشعبية والشفوية لهذه اللغة الافروآسيوية، ولم يقف تأثير اللغة العربية في لغة الهوسا على مجال المفردات، وإنما امتد إلى الأدب وحقوله المتعددة في الفكرة والمضمون.

التجار العرب

وحول تأثير الثقافة العربية والإسلامية على أطروحات الأدب والشعر للغة الهوساوية، قال الكاتب والروائي التشادي عبدالله سابو إنه يمكن أن تعود أصول لغة الهوسا إلى التفاعلات المبكرة بين التجار والمسافرين من العالم العربي مع الشعوب الأصلية في غرب أفريقيا.

وقد سهل هذا الاتصال تبادل الأفكار والمعتقدات الدينية والتعبيرات الفنية، ما أدى إلى إثراء الأدب والشعر الهوساوي بالمواضيع العربية والإسلامية. وأضاف: تكتب لغة الهوسا بخط منحدر من النص العربي يعرف بالنص «العجمي»، كما تكتب بأبجدية لاتينية تعرف بـــ«أبجدية بوكو»، ابتكرها الأوروبيون في بدايات القرن 19، وطورتها الحكومات الاستعمارية الفرنسية والبريطانية في بدايات القرن 20.

وذلك في عام 1930م، وأصبحت بوكو الأبجدية الأساسية للغة الهوسا منذ خمسينيات القرن الماضي، أمّا النص العجمي المنحدر من العربية فيستخدم في المدارس الإسلامية والأدب الإسلامي بشكل خاص، ويوجد أيضاً نظام برايل خاص بلغة الهوسا. وعن حضور الأدب والثقافة الهوساوية في الحراك الثقافي المعاصر ضمن أطروحات اللغات الأفروآسيوية كاللغة السواحلية.

وكذلك الأمهرية، أوضح الكاتب عبدالله سابو أن اللغة الهوساوية تواصل حضورها كوسيلة للتعبير الأدبي، حيث يحقق عدد متزايد من الكتاب والشعراء، وكذلك المواهب الإبداعية الشابة، شهرة واسعة، وذلك بفضل العديد من المبادرات، التي تتبناها الحكومات والمثقفون بهدف تعزيز الأدب الهوساوي.

تفرد الـ«مواقيت»

وبما يتعلق بأهمية السرد الشفوي وجذوره الشعبية في إثراء تجارب الأدب والثقافة الهوساوية أكد الشاعر التشادي علي لون أن الأدب الهوساوي معروف بتقاليده الشفوية، حيث يعد الشعر عنصراً مركزياً فيه. وغالباً ما يستمد الشعراء، المعروفون بـ«مواقيت»، إلهامهم من المواضيع الإسلامية، مستخدمين فنهم لنقل الرسائل الروحية والدروس الأخلاقية والتعليقات الاجتماعية.

وتابع: يظهر التأثير الواضح للشعر العربي في بنية العناصر الأسلوبية في الشعر الهوساوي، الذي يتضمن أنماطاً إيقاعية وصوراً تذكر بالشعر العربي الكلاسيكي. وقد سمحت هذه التركيبة للشعراء الهوساويين بالتعبير عن القيم الإسلامية والهوية الثقافية بشكل فريد وقوي.

وأضاف: من بين الأشكال الأكثر شهرة للشعر الهوساوي هو «الواكا»، الذي يتناول مواضيع متنوعة، بدءاً من الحب والطبيعة وصولاً إلى العدالة الاجتماعية والتفاني الديني. إن دمج التعاليم الإسلامية في هذه القصائد لا يعكس فقط المشهد الروحي للشعب الهوساوي، بل يتناغم أيضاً مع التقاليد الأدبية الإسلامية الأوسع. على سبيل المثال، يُظهر استخدام الأمثال والاستعارات والأمثال في الشعر الهوساوي تراثاً شفوياً غنياً مشابهاً لذلك الموجود في الأدب العربي، ما يخلق حواراً بين الثقافتين.

 

الأكثر مشاركة