«دبي لمسرح الشباب».. «سينوغرافيا» مكثفة لإثراء العروض

تستعد إمارة دبي لبدء موسمها المسرحي عبر ورش متعددة المسارات لقطاع الفنون الأدائية لصقل المواهب الشابة في القطاع وشحذ الطاقات الإبداعية، قبل رفع الستار عن مشاركات مسارح الدولة في مهرجان دبي لمسرح الشباب بدورته الــ 15، أكتوبر المقبل.

وتأتي «السينوغرافيا» في مقدمة الورش المكثفة في دبي؛ كونها ذات أهمية استثنائية لسرديات العمل ومضمونه، ومن شأنها قلب موازين الأحداث والتأثير في حراك النص على الخشبة. وأشارت فاطمة الجلاف، مدير إدارة الفنون الأدائية بالإنابة في «دبي للثقافة» إلى أهمية الورش والدورات الصيفية التحضيرية لمهرجان دبي لمسرح الشباب ودورها في صقل المواهب الإبداعية، ويشمل هذا كل أشكال الفنون التعبيرية والموسيقية والأدبية لضمان الاستدامة في إنتاج المشاريع الفنية، وتعزيز ثراء مشهد دبي في المسرح والفنون الأدائية بشكل عام.

قدرات إبداعية

وفيما يتعلق بورش «السينوغرافيا»، قالت الجلاف: إلى جانب الإخراج وقصة العمل تعد السينوغرافيا هي المكون الرئيسي لتطوير قدرات المبدعين الشباب بصورة بصرية في بيئة تعاونية، حيث يمكن التمتع بالانغماس في العمليات الخيالية والتحليلية لتوصيل أفكار التصميم لإنشاء عوالم كاملة على المسرح، إلى جانب استكشاف الإمكانيات الهائلة المتواجدة في عالم الابتكار في مجال الإخراج المسرحي، وإنشاء الديكورات، والأزياء، والإضاءة، والملحقات، وكيفية تصور وتحقيق الإطار البصري لإنتاج مسرحي.

حيث تتوازن الدورات التدريبية والورش الصيفية بين التدريب المفاهيمي والتقني بإشراف فنانين وممارسين بارعين في مجال الفنون المسرحية والأدائية والتصميم المسرحي عبر التركيز على التعلم من خلال التجربة.

تفاعل جماهيري

وعن دور الخيال كعامل مؤثر لرسم ملامح «السينوغرافيا» أكد المسرحي ومصمم الديكور الإماراتي وليد الزعابي أنه في البداية علينا تعريف هذا المصطلح الأكاديمي والذي يستخدم للتعبير عن اللغة البصرية الشاملة لحدث أدائي يشمل جميع الجوانب الفنية والتقنية، ومن الوظائف الأساسية للسينوغرافيا هي إرساء الإطار والأجواء للعرض من خلال اختيار دقيق للقطع المسرحية والخلفيات والأدوات، المرتبطة بالزمان والمكان للعالم الذي يعيش فيه شخوص العمل كي ينخرط الجمهور في القصة.

وأضاف الزعابي: تنفيذ السينوغرافيا يحتاج إلى ذكاء وبراعة، إلى جانب ثقافة مسرحية جيدة، كما أن مفهوم السينوغرافيا قادر على تحليل مواطن القوة في النص ورسمها على خشبة المسرح بريشة متخيلة من مصمم الديكور، خصوصاً إن كان موضوع المسرحية خيالياً أو من حقبة زمنية أخرى.

مع مراعاة أن بعض التفاصيل الدقيقة التي يضعها المخرج قد تعيق خيال المصمم، ولكن يبقى العمل المسرحي بشكل عام عملاً جماعياً، موضحاً أن الفنان عبارة عن مجموعة من الأحاسيس، وهناك الكثير من الثقافات تمتزج مع عمله للخروج به بشكل مميز، وتابع:

الفنان يجب أن يكون مطلعاً على الكثير من المجالات الثقافية والأدبية، وأن يطلع على كل المعلومات التي تطور عمله، إلى جانب الحصول على آراء الخبراء والمسرحيين في فكرة العمل قبل العرض كنوع من الاستشارة الفنية لرؤية العمل من زاوية أخرى وأشخاص يفكرون خارج الصندوق.

وهو الأمر الذي بلا شك يدعم بيئة العمل المسرحية ويحسن فكرة الفريق قبل العرض لتفادي الأخطاء والإخفاقات غير المدروسة. وأكد الكاتب والمخرج المسرحي الإماراتي علي جمال أن فن السينوغرافيا في المسرح يتطلب ليس فقط الإبداع والمهارة التقنية، ولكن أيضاً الفهم العميق للقصة والشخصيات والموضوعات التي يتناولها العرض.

وتابع: يجب على السينوغرافي أن يكون قادراً على ترجمة رؤية المخرج والكاتب المسرحي إلى مجسمات وتصاميم تعكس جوهر العمل المسرحي. مع القدرة على تحويل الفراغ المسرحي إلى عوالم خيالية تعكس وتعزز القصة وتغمر الجمهور بتجربة لا تنسى، من خلال الابتكار ويعكس الروح الإبداعية والقوة السحرية للفن المسرحي .

وبالإضافة إلى إرساء المشهد، ويسهل فن السينوغرافيا حركة الممثلين وتفاعلهم على المسرح، ويسمح التصميم المتقن للديكور بانتقالات سلسة بين المشاهد، ويوفر للممثلين الأدوات والمساحات اللازمة لإحياء الشخوص وحراكها في الفضاء المسرحي.

تعزيز الأداء

وأضاف: يعمل مبدعو فن السينوغرافيا عن كثب مع المخرجين والممثلين لضمان أن البيئة الفيزيائية تعزز الأداء بدلاً من عرقلته بداية من الأبواب الخفية والمنصات الدوارة إلى الأماكن الخفية والقطع المتحركة، وتصميم الإضاءة وهو جانب حيوي من السينوغرافيا يمكن أن يؤثر بشكل كبير على المزاج والنغمة في العرض من خلال الاستخدام الاستراتيجي للضوء والظل.

وأردف: إن تصميم الأزياء هو عنصر أساسي آخر من عناصر السينوغرافيا يساهم في تحديد الشخصيات، وإرساء السياقات التاريخية أو الثقافية، وتعزيز الرواية البصرية للعرض ومن خلال دمج عناصر تصميم الديكور، والإضاءة، والأزياء بمهارة، ويتعاون السينوغرافيون مع المخرجين والممثلين وأعضاء الفريق الإنتاجي الآخرين لصياغة تجربة مسرحية مذهلة بصرياً ومؤثرة عاطفياً تبقى في عقول وقلوب الجمهور بعد نهاية العرض.