التنوع الثقافي والجمال الإنساني في 23 حكاية فنية بدبي  

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الزائر لدبي سيبقى مشدوهاً أينما حل، فهي تبهره بكل تفصيلة من تفاصيلها، وكل باحث سيجد طريقاً لبحثه سياحياً، أو اقتصادياً، أو فنياً، ويمرّ قطاع الثقافة والفنون والإبداع في الإمارة بمرحلة تعد من أزهى المراحل، إذ يواصل ازدهاره وتطوره بجملة من الإنجازات المهمة، التي باشرت على مدار السنوات الماضية تشكيل ملامح مشهد إبداعي جديد، انطلاقاً من رؤية سديدة واستراتيجية شاملة لتعزيز دبي عاصمة عالمية للاقتصاد الإبداعي وتحويل الإمارة إلى وجهة مفضلة للمبدعين والمستثمرين ورواد الأعمال من كافة أنحاء العالم، بهدف تحقيق الريادة العالمية في مختلف المجالات، بما في ذلك المجال الثقافي والإبداعي.

وفي معرض فني في غاليري ليلى هيلر، في «السركال أفنيو»، تشد الانتباه لوحات فنية أخاذة، ليست مرسومة بفرشاة، أو ألوان زيتية، ولا مائية، إنما هي قطع من السجاد بألوان مزركشة، ومنمنة برسوم وزخارف، تبعث على الأمل، وتتدفق من خيوطها المحاكة بحرفية عالية البهجة والراحة. كما تجسد مختلف المجسمات والتشكيلات جماليات فريدة تثير مختلف التصورات والانطباعات.

ما إن يقترب المرء من قطع السجاد تلك، التي جاءت من إبداع 23 فناناً، حتى يتناهى إلى سمعه صوت «سرفلة» الماكينات التي حاكتها، تروي حكايات أولئك الفنانين الـ23، الذين تمردوا على الريشة والألوان والورق، فأبدعوا بحرير السجاد واعتمدوه خامة لأعمالهم، فشكّلوا لوحات تُقرأ مفرداتها بصرياً، وتثير في الإنسان، مع كل نظرة، الرغبة في اقتنائها، واستضافتها في مكانه الخاص، سواء كان بيتاً للإقامة، أو مكتباً للعمل.

ومن الفنانين المشاركين في عرض لوحاتهم بغاليري ليلى هيلر، في «السركال أفنيو»: شهزاد حسن غازي، أرين حسن، ديبي لاوسون، أيمن بعلبكي، علي شعبان، وغيرهم.

ويتضمن المعرض أعمالاً فريدة على مستوى الحبكة والتطريز، الذي يظهر جمال حدود النقطة، والقطبة، ولمعة الخيط.

قطع السجاد المعروضة ليست مجرد قطع جامدة، فلها من الإنسان روحه، وبإمكانها تخطي قدراتنا البشرية لتخبرنا عن عراقة فن صاحبها، وبراعة صانعها؛ فالنظر إلى «السجادة - اللوحة» لا يحتاج لبيباً ليفك طلاسمها، أو خبيراً ليدرك مضمونها، بل تحتاج نظرة متمعنة تعطي العين فرصة تلمس أثر هذا الفن، وتتبع خيوطه في سردية تاريخية، تقول إن حياكة السجاد فن عريق، وليس صنعة فقط.

تفكير إبداعي

يتجول المرء بأرجاء المعرض، في «السركال أفنيو»، ويقف حائراً تشده مزهرية بارتفاع يفوق قامة الإنسان، محبوكة بخيوط أبدعها جهد وفكر ذلك النساج الفنان، ليصنع تلك التحفة المليئة بالأثر والتأثير، فلا يملك من يراها إلا أن يقف مشدوهاً بالمنظر الذي تصنعه هذه التحفة الفنية، بخامتها غير التقليدية، لتمتلئ نفسه في النهاية بالدهشة إزاء عظمة التفكير الإبداعي التي أتاحت للصانع أن يبتكر هذا «المنتج - اللوحة»، وكم من وقت استغرقه إنجازها، وكم اختبر من لحظة فشل أثناء ذلك، ومقدار فرحه بتمكنه من إنجازها مكتملة، كما تخيلها وأراد لها أن تكون؛ فالأشياء لا تقاس بالنظر، بقدر ما تقاس بما يبذل فيها من جهد، إذ إن أنسنة الخيط، وتحويله من جماد إلى فن، هو الإعجاز بعينه.

الزائر للمعرض سيكون أمام لحظات من التأمل، وسيجول في خاطره، خطاب الفنان العالمي مايكل انجلو تمثاله، وقد لفتته شدة روعته ودقة تصميمه، ناداه: «أنطق أيها الحجر!»، لأنه رأى فيه إنساناً حياً، لا مجرد حجر منحوت على صورة كائن بشري. وأصبحت دبي وجهة المبدعين من مختلف أنحاء العالم لعرض أعمالهم وتحقيق طموحاتهم؛ وعندما تصل أعمال مثل هؤلاء الفنانين إليها، وهي أعمال فريدة من نوعها، تزيد من شهرتهم، مستفيدين من التنوع الثقافي، والسوق المفتوح، والأضواء التي ستسلط عليهم، والاهتمام الذي سيحظون به في الإمارة.

Email