الموسيقى في الإمارات.. دمج التراثي بالحداثي وتطلع للعالمية

تمزج الإمارات عبر فعالياتها الموسيقية بين روائع التراث وألوان الموسيقى الكلاسيكية والعصرية، معززة في الوقت نفسه حضور الفنانين والمواهب الشابة، وداعمة مساعي المحافظة على إرث وازدهار الموسيقى التقليدية الإماراتية، ودمجها مع الموسيقى الكلاسيكية والمؤلفات الأوركسترالية العالمية.

وتؤكد فاطمة الجلاف، مدير إدارة الفنون الأدائية بالإنابة في هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، أن دبي تشهد حراكاً موسيقياً بالغ الأهمية والتأثير في كافة قطاعات الفنون الموسيقية. وتتابع: «تأتي مشاريع المزج الكلاسيكي للفنون الإماراتية بنظيرتها العالمية، ونمط المؤلفات الأوركسترالية، بمثابه مسار متجدد ومنتعش لموروث ثقافي موسيقي إماراتي، يلفت الأنظار إلى عراقة الآلات الشعبية الموسيقية وكيف يمكن تضمينها في النمط الكلاسيكي للموسيقى الغربية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر المقطوعة الموسيقية «فارس الصحراء» التي استلهمها المؤلف الموسيقي الإماراتي إيهاب درويش من سيرة الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ولا ننسى أيضاً جهود إيمان الهاشمي التي تعد أول ملحنة إماراتية تدمج الآلات الغربية والعربية بمقطوعات من تأليفها بشكل كامل، وأول من لحّنت لحناً عسكرياً بعنوان (الشهيد)».

ترجمة الموروث

ومن جانبه، يقول الفنان محمد مرشد، عازف الساكسفون الأول بالإمارات، تعد الموسيقى الكلاسيكية في الإمارات امتداداً للموروث والتقاليد، وهي إبداع جماعي مشترك، وقد تنقلت بين العديد من مناطق الخليج العربي. وتتداخل نغماتها ومضامينها ما بين البادية والساحل رغم الاختلاف بالمضامين الجوهرية ذات العلاقة بالطبيعة البيئية.

ويضيف: اليوم الموروث الموسيقي الإماراتي يحمل قيمة معرفية وبحثية لا تقدر بثمن، وإعادة طرحه ومزجه مع المقطوعات العالمية تنعش الحراك الثقافي والموسيقي ليس فقط على مستوى الإمارات بل أيضاً على مستوى الخليج والوطن العربي، وذلك يعزز التجريب والاحتكاك بين أنماط مختلفة من الموسيقى.

توثيق شاعري

من جانبها، تشير الفنانة الدكتورة إيمان الهاشمي، أول ملحنة إماراتية وعضو مجلس إدارة ومؤسس في جمعية الموسيقيين، إلى أن الموسيقى الكلاسيكية وتجارب المزج والتجريب الإماراتية تعتبر من أنجح التجارب في توثيق شاعرية الموروث في ما يتعلق بالنغم والإيقاع الإماراتي الأصيل.

وتضيف: اليوم باتت الموسيقى الكلاسيكية بوجه عام تحمل مكانة مهمة في المجتمع الإماراتي، ولها بلا شك دور كبير في عصرنة الموسيقى المحلية وإثراء التراث الثقافي، إلى جانب دورها المؤثر في ربط الشعوب بجذورهم الثقافية وتعزيز الانتماء والهوية.

ويؤكد الباحث في التراث جمعة بن ثالث، أن الموسيقى وإيقاعاتها المتوارثة في الإمارات تعبير عن مجتمع يتميز بمصداقية أفراده وبعفويتهم وعواطفهم الجياشة. ويتابع: تعكس مسألة عصرنة الموسيقى الكلاسيكية المحلية ومزجها ضمن المؤلفات الأوركسترالية، أهمية موروث الإيقاعات والآلات الشعبية وجوهرها ذي الأصول البدوية الراسخة وتأثيرات البيئة والتواصل والاحتكاك بحضارات وشعوب المناطق المجاورة ما منح الإيقاعات والموسيقى الكلاسيكية الإماراتية طابعاً مميزاً متجانساً باقياً مع مرور الزمن، بدعم من المؤسسات الثقافية ودورها المحوري في تطوير مهارات الفنانين الإماراتيين في الموسيقى الكلاسيكية. وهذه البرامج لا تقدم المعرفة النظرية فحسب، بل تركز أيضاً على التدريب العملي، مما يعزز من الأداء الاحترافي والوعي المجتمعي بأهمية الموسيقى الكلاسيكية.

 

الأكثر مشاركة