الراوي

آمنة سعيد الظهوري.. من المحلية إلى العالمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الراوي، زاوية تبرز الرواة ممن توارثوا مهارة السرد ونقل المضامين من الذاكرة إلى الواقع، وذلك عبر المجالس والاجتماعات والفعاليات، متناولين التراث المحلي الإنساني عبر السنوات أباً عن جد، ومعالجين عدداً من القضايا الاجتماعية، ليسلطوا الضوء على التراث والشخصيات والقبائل، خاصة أن لكل منهم أسلوبه المميز للحديث عن الأماكن والقبائل.

وفي الشعر والقصص والمواقف البطولية، يعتبر الراوي الذاكرة الحية التي تضيء لمن أُشكل عليه أمر أو معلومة ما، وهو المعلم في مجال سرد المعلومات التي تناقلتها الأجيال.

ليكون الراوي بذلك الوجهة التي يقصدها الباحث للحصول على أصل المعلومة، فضلاً عن الجهات الرسمية التي تقصده في مناسبات كثيرة لذات الهدف، ولكن اليوم ومن هنا نتوجه للرواة لنقدم نبذة عن حياتهم؛ توثيقاً لسيرة مختصرة عن كلٍ منهم، تكريماً لهم ولدورهم الإنساني.

 

هي سيدة الحديث والسيدة ذات الحضور لمحبي التصوير خلال عملها، والسيدة التي لا تتوانى عن تلبية الدعوات لأجل الحديث عن كل ما يخص التراث الإماراتي.

ولدت آمنة سعيد الظهوري في مدينة دبا، حيث كانت بدايات الجلوس مع الكبار من عمر الثامنة، أحبت سعف النخلة (الخوص) وخاصة تلك اللحظات التي تحول فيها الأمهات السعفة إلى وريقات طويلة يقال لها خوص، وتبدأ عملية التلوين بألوان من الطبيعة، حيث لا يدخل إليها أي لون صناعي، وكان التجمع المسائي للنسوة في (الفريج) منطقة السكن، لا يحلو إلا بتلك الحرف اليدوية، التي تصنع من المواد الخام أدوات أو نسيج، وكل سيدة أو فتاة تتحدث وتعمل في تكوين منتجات مفيدة، وفي ذات الوقت تلتقط من الخبرات التي تحيط بها المفردات والألفاظ التي تخص الحرف اليدوية، وأيضاً تتسلح بالمعلومات التي تتعلق بالعادات والتقاليد.


الأجواء المحيطة بها تدفعها إلى التعلق بكل تلك الصور التي بدأت ترسم لها أماكن في ذاكرتها، ومنها كانت تنطلق باندفاع إلى تعلم المزيد من الحرف اليدوية، وتتبادل مع الفتيات من جيلها ما يعلق في ذاكرتها من خطوات العمل، لتثبت في ذهنها وروحها مجموعة من المهارات، حتى إنها تعلمت أنواعاً من حبك خيوط التلي الذي يعد كل تصميم منها منفرداً، كما انتقلت لمرحلة تعلم الخياطة اليدوية، فكانت من تصبح متقنة لذلك تنفع أسرتها كما تصنع للغير تلك الأثواب البسيطة والتي تتناسب مع البيئة المحيطة، وفي عمر الثالثة عشرة تم تزويجها، ولكنها كانت كبيرة الهمة وكثيرة الخبرة بما ينفعها في حياتها الجديدة، بدءاً من الأخلاق ووصولاً إلى كيفية التعامل مع الكبار أو الآخرين، ثم الجزء الخاص بطهي الطعام ومواجهة الحياة الجديدة بشجاعة ونبل.


هذه الراوية الظهورية كانت تعرف منذ صغرها كيف تتعامل مع الجارات وكيف تتحدث إليهم، وكيف أصبحت بينهم تلك السيدة الصغيرة المميزة، خاصة أنها انتقلت مع زوجها وهو ابن عمها إلى إمارة رأس الخيمة، وهناك كانت لها أم زوجها والدة أخرى أكملت معها تلك الدروس، ومنها تعلمت حرفة جديدة وهي صناعة الدخون، ومن هذه الحرفة وجدت فائدة كبيرة، حيث لم تكتفِ بالتصنيع وإنما بلغت مرحلة أن تعلم الأخريات، ومن الدخون أصبحت تميز الروائح ولذلك اكتسبت ثقة بنفسها وتميز الأفضل في عالم مزج الروائح، وقدمت عدة دورات في حرفة (الدخون) البخور، وكان هناك إقبال كبير من السيدات والفتيات، ومن خلال جمعية شمل للفنون والتراث الشعبي والمسرح، أصبحت تشارك لتتحدث إلى رواد الفعاليات حول المهن والحرف اليدوية، فكان لها أدوار في الفعاليات التراثية عن طريق وزارة الاقتصاد، وأيضاً وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، وكانت آخر مشاركة لها بسانت بطرسبرغ في روسيا، حيث تجتذب رواد المعارض والمهرجانات بهيئتها التي تعكس الأصالة الإماراتية، لتبرز من خلال وقوفها أو جلوسها أمام الكاميرات، الزي الإماراتي أو القطع التراثية التي تستخدم حتى اليوم، وذلك بسبب التشجيع على حفظ التراث ونقله للعالم.

Email