منى الحمودي: الكتابة هوية وشغف وحب

أكدت القاصة الإماراتية منى الحمودي أن الكتابة بالنسبة لها وطن تشعر فيه بالأمان، ومحبرة مليئة بالأمنيات، حيث تتساقط طرود الكلمات على ضفاف روحها، وهي الشغف الذي يأخذها بعيداً إلى ضفاف اللاحدود، حيث تنتمي، وهدنة السلام في وغى الحرب، وشرارة الهدوء الصاخب، والحب الرابض على تخوم الروح، وهي المكان الذي وجدت به هويتها بعد غربة نفسية طويلة.

وكانت الحمودي الزميلة في «البيان»، قد شاركت في جائزة غانم غباش للقصة القصيرة في نسختها الخامسة عشرة بقصة قصيرة تحت عنوان «فرحانة»، وتمكنت من تحقيق المركز الثاني، وحول القصة الفائزة قالت لـ«البيان:» «فرحانة» ما هي إلا رمز نفسي واجتماعي لتحدٍ كبير، تنغلق فيه فتاة في العشرين بعد أن وجدت نفسها حبيسة وصمة عار مجتمعي، كون عقلها بقي في المهد ولم يكبر قط، بينما بقي جسدها يكبر في مجتمع ضيق المعتقدات، تبدأ الرحلة بموعظة، تقول: «أيها المجانين، الموت قادم، أشعلوا جهنم أرواحكم، انثروا الرماد، انحشروا في زوايا الجدران المتهالكة، وصلوا آخر صلواتكم، قبل أن يلتهمكم النمل».

قيم

وتابعت: «تحاول فرحانة بعدها أن تتأقلم، كونها «المجنونة» التي تؤرق القرية بأحلام سوداء في معتقل أبيض، بعد أن أودعت بمصحة عقلية، وكانت ترى أفكارها بين شقوق الجدران، تحاول كلما سنحت لها الفرصة أن تنتشلها، لكن النمل الذي كان يسري في دمها، نمل القيم والأعراف في ذلك المجتمع الذي نبذها، كان يحمل تلك الأفكار نحو ظلمات قصية».

تجربة

وأوضحت الحمودي أنها ليست التجربة الأولى لها في الكتابة، فقد نشرت لها مجموعة قصصية في 2012، كتبت بعدها قصصاً متفرقة فازت بها بجوائز خلال دراستها الجامعية، وهي الآن بصدد إصدار مجموعة قصصية جديدة، ستبصر النور في معرض الشارقة الدولي للكتاب في نسخته المقبلة.

وأكدت الحمودي أنها كانت قارئة من الصغر، حيث دعمت عائلتها شغفها ذلك، مضيفة: «أسهم حب القراءة لدي في تكوين قاعدة معرفية ولغوية كانت كافية لأشارك في المسابقات الأدبية في المدرسة وعلى مستوى الدولة، لا سيما في فن النثر الأدبي والمقالة، ولا أنسى يوماً إحدى معلماتي في المرحلة الابتدائية، حينما نعتتني بكاتبة الفصل، ليكون هذا اللقب رفيقي في سنواتي الدراسية في المدرسة، ثم المرحلة الجامعية، حيث بدأت أكتب القصة بعدما شعرت أنني أمتلك أدوات تعينني على خوض غمار هذا الفن الأدبي، ذلك السحر الذي يستجدي الكلمات لتعزف على الأسطر لحناً شجياً، ورغم أنه مختزل بشخوصه وعقدته وأحداثه، إلا أن جماله يكمن في هذه التحديات، وما يتمخض عنه في نهاية الأمر من قطعة فنية نابضة».

تأثرت الحمودي بكل الكتّاب الذين قرأت لهم، حيث أسهموا بحسب رأيها في فهمها العميق للأفكار والمعتقدات مدى العقود وحقب التاريخ المختلفة، وقد عكست النزهة العميقة في عقولهم هوية وفضاءات من المكتسبات، رغم اختلافها أحياناً أو اتفاقها معهم، مؤكدة أن التجول في عقول الكتّاب الآخرين أسهم في تجذر أفكارها حول المقبول وغير الممكن، وخلق مساحة أكبر من المعرفة حول المعتقدات والأفكار ووجهات نظر غيرت نظرتها في المواقف والأحداث، فالكتب برأيها ليست قوالب ولا النموذج الأوحد للصواب أو الخطأ، بل أفكار تتشكل وتتجذر، والكاتب الواعي هو من يغرف من ذلك المعين بما يتفق مع قيمه وإيمانه.

القراءة بعمق

وحول ما يمكن أن تنصح به الكتّاب الشباب أو الجدد، أشارت الحمودي إلى أن أسمى نصيحة هي أن يقرأوا بعمق في كل المجالات، لتأسيس بناء فكري ومعرفي ولغوي، فضلاً عن أن القراءة تعلّم الكاتب على بناء الجانب النفسي لشخوص القصص والبناء الفكري الصحيح للقصة الذي يقنع القارئ ويربط الأحداث، مدعماً بالمعرفة والأفكار والمنطق، مؤكدة أنه يتعين على الكاتب أن يسهم من خلال كتاباته في إذكاء المعرفة الإنسانية وليس الإمتاع فحسب.

وأضافت: «ثمة كتب غيرتني بشكل إيجابي وعلمتني الكثير من العلوم والفكر، ولا أنسى أن معرفتي المكتسبة من قراءاتي في علم النفس والفلسفة أسهمت في بنائي لشخوص القصة بطريقة أرضتني إلى حد كبير».

الأكثر مشاركة