العلاقة بين النقد والأدب تكاد تكون حتمية والزامية حتى لو حاول طرف الا يلقي بالاً على انجازات الطرف الثاني, ولكنها تبقى علاقة مشوبة بالاشكالية ومفتوحة على اقتناع او رفض أحدهما لنتائج الآخر. والنقد, خاصة في الغرب, هو علم قائم بذاته له نظرياته واحتمالاته ومعاييره الدقيقة واصحابه الذين يتصدون له. وفي وطننا العربي نعثر كثيراً على مفردة النقد والتي نصادفها في الصحافة غالباً, لكن هل تنطبق الصفة على المضمون. نشتكي من عدم وجود نظريات نقدية عربية خاصة وخالصة رغم جهود أساتذة عديدين في العراق ومصر وغيرها, فهل اننا منساقون حقاً للغرب ومتأخرون عنه حتى في هذه النواحي؟ في لقاء أجريناه مع الناقدة د. يمنى العيد أثناء مشاركتها في ورشة جائزة الشارقة للابداع ـ الاصدار الاول عن دورتها الثالثة, طرحنا عدة افكار وتساؤلات أجابت عن بعضها محدثتنا التي كانت حريصة على كلماتها واحكامها وعباراتها. هي استاذة في قسم اللغة العربية في الجامعة اللبنانية واستاذة زائرة في جامعة السوربون بباريس وجامعة صنعاء في اليمن. نالت جائزة مؤسسة العويس الثقافية عن دورة 1992 ـ 1993 في حقل (الابحاث الادبية والنقدية) عن مجمل اعمالها التي حسبما ورد في التقرير النهائي للجنة التحكيم ـ تفصح عن وعي متميز لمناهج النقد الحديثة, وحرص واضح على الملاءمة بين النظرية والنص العربي. لديها عشرة مؤلفات تتناول فن الرواية العربية, ومقاربة للكتابة الادبية في زمن الحرب اللبنانية, وتقنيات السرد الروائي, وموضوعات ادبية اخرى. وفي جعبتها ايضا العديد من الدراسات والابحاث المنشورة في مجلات عربية متخصصة, كما شاركت في مؤتمرات عربية ودولية وترجمت بعض ابحاثها الى اللغة الانجليزية. بدأ الحوار بالسؤال المركزي حول علاقة الأديب بالنقد ومدى اهتمامه به وما يعنيه بعد انهاء كتاباته التي تصبح ملكاً للجميع ولتداعيات أفكار الآخرين, فساقت د. يمنى العيد مثال الورشة النقدية التي أشرفت عليها ضمن فعاليات جائزة الشارقة للابداع ـ الاصدار الأول في دورتها الثالثة والتي استقطبت اهتمام الفائزين رغم مآخذهم عليها في البداية. وتشرح عن مضمون الورشة وكيفية اهتمام الكتّاب فتقول: لنوضح أولاً ان القيمين على الجائزة في دائرة الثقافة والاعلام هم الذين ارتأوا ان يكون موضوع الورشة نقدياً وتحت عنوان (النقد: من البلاغة العربية الى المناهج الحديثة) , وأن الاعتراض لم يكن عليهم أو عليّ, بل كان على النقد بحجة أنهم أدباء وغير معنيين بالنقد. وهذه هي المسألة. لكن هل صحيح ان من يكتب أدباً سواء أكان ذلك في الشعر او القصة, او الرواية, او المسرح, غير معني بالنقد؟ او بالاهتمام بموضوعاته؟ النقاش حول هذه المسألة بدأ في الساعات الأولى للقائي بالفائزين في الفندق. وكانت مواقف بعضهم اقرب الى ردود الفعل بسبب العناء الذي لاقوه في تحضير اوراقهم التي كان عليهم ان يشاركوا بها في الورشة, كان هذا البعض غاضباً محتجاً, ولم يكن الجميع, طبعاً, كذلك اذ اشار بعضهم الآخر الى الفائدة التي كسبوها وكيف أنهم خلال بحثهم غيّروا رأيهم, فقد وجدوا أنفسهم يواجهون أسئلة تخصّهم, وبشكل عميق, كأدباء. لقد تحاورنا حول مسائل يعالجها النقد ولكنها تهم الأدباء. مثل مسألة علاقة اللغة بالحياة, وعلاقة الادب بالمجتمع. ومسألة الصورة الشعرية ومفهوم البلاغة ومتغيراتها المعيارية. لقد أثيرت في هذه الورشة نقاط تفصيلية عديدة امتدت كجسور بين النقد والأدب, عبرنا عليها الى الحياة المشتركة والمعرفة المشتركة, والى مسألة القراءة التي تعني الجميع. وأود ان اذكّر كل من يقول بأنه لا علاقة للأدباء بالنقد وقضاياه, ان ثمة ادباء كتبوا في النقد وكانت لهم آراء ومواقف وحتى نظريات في النقد, كما ان هناك نقّادا كتبوا في الأدب, في الرواية والشعر وغيرهما. (أدونيس) مثلاً, شاعر كبير وله, في الآن نفسه, كتابات هامة في النقد وخاصة في الحداثة الشعرية. و(كونديرا) الروائي المعروف له كتاب مهم في (فن الرواية) . طه حسين, الناقد الكبير, كتب (الأيام) وهو من روائع الادب. ولقد كان هؤلاء, وغيرهم معنيين بما كتبوا, معنيين بالنقد كأدباء ومعنيين بالأدب كنقاد. ناقد ومبدع * ننطلق من قول شاع كثيراً لنعرف مدى صحته ومفاده ان الناقد عادة مشروع مبدع فاشل؟ ـ هذا سؤال قديم وأعتقد أنه سيبقى مطروحاً وإن تجاوزه النقد اليوم. ارى ان هذا القول مرتبط بمفهوم معين للابداع, وبتراتبية معيارية للانتاج الادبي او الثقافي. فالابداع المتمثل في الشعر اعتبر قديماً, الهاماً, مصدره آلهة هي آلهة الشعر عند اليونان وعبقر عند العرب. ما منح الشعر قيمة علوية لا يرقى اليها أي انتاج مهما كانت قيمته الفكرية. أضف الى ذلك أنه لم يكن للنقد ما صار له اليوم من قيمة فكرية ومعرفية. كان الشعر هو المعني الأول بالحياة, وكان (النقد) يفسره, او يكرر قوله, او يدوّن انطباعاته عليه, غير أن النقد صار اليوم يجد نفسه معنياً أيضاً بالحياة وأن عليه ان يصدر عنها, وهو إذ يكتب عن الأدب انما يحاوره عن موقع اخر وبرؤية أخرى, مختلفة للعالم نفسه الذي يرى اليه الشعر. لم يعد النقد الحديث تابعاً, بل صار مشاركاً في الموقف, موقف الانسان, من الحياة. صار يحاور الشعر وغيره في صقل مرايا الرؤية للعالم الذي نعيش. ولئن كان للشعر جماليته وكانت متعة التلقّي معقودة ولزمن طويل, على هذه الجمالية, فلقد تعددت الجمالية اليوم وانعقدت متعة التلقّي على المعرفة (بما في ذلك المعرفة التي ينتجها النقد اليوم), ولم تعد الجمالية تجد مصدرها في الغيبي, او في الابداع الصادر عما هو فوقي لا يدرك, بل صارت الجمالية, وفق المباحث النقدية الحديثة, تحققا في استراتيجيات الكتابة. لئن كانت الرواية, كنوع أدبي, قد ساهمت اسهاماً كبيراً بجعل المعرفة مصدراً لمتعة القراءة ولمفهوم الجمالية, فإنها, إضافة الى ذلك, قد ساندت النقد, حين أكدت المصدر الاجتماعي للإبداع, جاعلة من المعرفة معياراً لتقويم ما تنتجه الكتابة. هكذا وضع النتاج النقدي على مستوى التقويم لا باعتبار علاقته التبعية بالأدب, بل باعتبار ما يقدمه من معرفة بموضوعه, التي هي, وبشكل اساسي, معرفة تحاور معرفة اخرى غير منبتة الصلة, حين الكلام على الأدب, عن طابعها الجمالي. في النهاية اود ان أشير الى أن كل كتابة لها مرجعياتها. هذه المرجعيات ليست فقط الكتب ولا هي فقط الحياة. بل هي الكتب والحياة. ولئن كانت الرواية, مثلاً, تكتب من الحياة والكتب, وكان الشعر يكتب, هو أيضاً, وكابداع, من الحياة والكتب (أو قبلاً من الحياة والشعر المحفوظ) فان النقد يكتب, بدوره من الكتب والحياة. اي من علاقته بالنصوص وبالحياة أيضاً. يتداخل ما يكتب ويتشابك وهو في تداخله وتشابكه يتمايز على حد الاختلاف النوعي, وليس على معيار الدونية المسبقة او التبعية المرهونة بالفشل. ان يكون النقد كنوع من الكتابة قائماً على الفشل او أن يوصف, من قبل البعض, بكونه تابعاً للأدب, أمر لا يستقيم لمنطق العلم والمعرفة والانتاج. ان التبعية مسألة اخرى, البحث فيها يحتاج الى متسع من الوقت لا نتوفر عليه الان. اكتفي بالاشارة الى أن التبعية امر محتمل في كل علاقة, وتجد أسبابها, حين الكلام على الأدب والنقد, في عدم كفاءة المنتج على الإضافة والتجديد وعدم قدرته في أن يكون سيد نصّه. وربما كان شأنه في ذلك شأن الكتابة كلها, كما شأن بلده ودولته وشعبه. * هناك من يأخذ بقوة على النقاد العرب أنهم انشغلوا بالتنظير ونأوا بذلك عن التطبيق؟ ـ لنميز بين التنظير الذي اهتم به العرب كمنتجين لنظريات او لتنظيرات نقدية, وذاك الوافد, او الذي انتجه الغرب واهتم به العرب للإفادة منه. في الشق الأول نعود من جهة الى النقّاد العرب القدامى الذين تركوا لنا نتاجاً ثرياً بعضه مازال حتى اليوم مصدر إفادة لنا, أذكر على سبيل المثال ما قدمه عبد القاهر الجرجاني في علم الدلالة, وحازم القرطاجني في مفهوم المتخيل الشعري ومعيارية الابداع وشعرية الشعر. ونعود من جهة ثانية الى ما قدمه نقّاد النهضة المتنورون في مجال التنظيرات النقدية التي ربطت بين اللغة والأدب والحياة, وتناولت مسألة الثقافة على خلفية التقدم الاجتماعي والنهوض الانساني. في الشق الثاني (الذي انتجه الغرب واهتم به العرب للإفادة منه) اشارة ضمنية الى علاقة النقد العربي, في العقود الثلاثة الأخيرة من الألفية الثانية, بالنقد الغربي الحديث التي اتخذت (أي هذه العلاقة) شكل الاستقبال لمفاهيم البنيوية والتفكيكية, ولكثير من المصطلحات, والتنظيرات التي أشاعتها الألسنية, وتيارات النقد المتأسسة عليها, كالنقد السميولوجي, او الأسلوبي, او الوظائفي. انشغال بالمعرفة * غير ان هذا الاهتمام الكبير من النقاد العرب بما ينتجه ويقدمه الغرب كان عالماً لايحاء بالتقصير؟ ـ أعتقد ان النقد العربي انشغل في بدايات هذه الفترة بمعرفة هذه النظريات والتيارات وبامتلاك المفاهيم, والأدوات... ما جعله يبدو مقصّراً في مجال الممارسة النقدية, او قراءة النصوص الأدبية العربية وتحليلها في سياقاتها الثقافية, وباعتبار مرجعياتها الخاصة, ومنظوراتها للعالم الذي تعبّر عنه. لنقل ان النقد العربي كان في بدايات هذه الفترة اقصد اواخر السبعينيات وأوائل الثمانينات يحاول منهجية حديثة في تناول النصوص الأدبية, وكان يبدو ناقلاً ومحاكياً أكثر منه ممارساً. لكن لم يكن النقد العربي آنذاك كله كذلك, ربما كان كذلك في غالبه, اذ كانت هناك ممارسات جدية. ولو قليلة, لتطوير الفعل النقدي العربي, والانتقال به من التوصيف البرّاني, والانطباعية الذاتية, والأحكام التعسفية, او التقويمات الأخلاقية الى قراءة تفتح النص على احتمالاته المضمرة, وتحاور معانيه باعتبار سياقاتها وفي ضوء ما هو مستقبلي وممكن. وهذا يعني الانتقال بالنقد الى ما يجعله مشاركة حوارية في رؤية الحياة وصناعة شرطها الأفضل والأجمل. أعتقد أن نقدنا العربي يسير اليوم, وإن ليس كله, في هذا الاتجاه, وهو بذلك يواكب, ولا يحاكي, توجهاً عالمياً يحفل, على ندرته, بالمعنى وبالانسان: معنى الحياة وانسانية الانسان. * قلت في احدى جلساتك ان السؤال العربي قد تغيّر من القومية الى طرح اخر؟ ـ ليس ذلك تماماً. اشرت الى اهتمام الرواية العربية الحديثة بالمشهد المعرفي. بمعنى التخلّي اولا عن مفهوم البطل, النموذج, الواعظ, المتماسك, القوي, الذي ينطلق من موقف واضح ضد عدو واضح, او الذي يرى الى الأمور على أساس ثنائية حادة تضع الشر, الشر كله في جهة, والخير, كل الخير في جهة أخرى, وتفصل بشكل قطعي بين الأمور. وبمعنى فسح مجال الكلام, ثانياً, لغير البطل, أي لشخصيات تتعدد أصواتها وتتنوع وجهات نظرها للعالم الواحد الذي تشترك بالعيش فيه. انه شكل من أشكال التعامل الديمقراطي, او هو تعبير عن حق الناس في الاختلاف وفي ان تكون لهم حرية الجهر بآرائهم. صحيح. لقد أكدت على موضوعة المعرفة, لتكون بديلاً للوعظ, وللأحكام المسبقة, او لهذه السلطوية المتمثلة في بطل لا ينقد مرجعية هذه السلطوية في الواقع الاجتماعي, بل يحاكيها. وكأنه يكرسها. عن طريق تعدد الأصوات واختلافها تقدم لنا الرواية معرفة بالشخصيات في مرجعياتها المتعددة موقعاً, ورؤية, وثقافة. وهي بذلك تنطوي على نقد لسلطوية الواحد, وهيمنته القامعة او اللاغية لكل ما عداه, او لكل من لا يحاكيه, ويبقى له تابعاً. سواء أكانت سلطوية الواحد هذه مطروحة على مستوى الداخل, او على مستوى العلاقة بين الدول والثقافات والانتماءات مما يشكّل هوية الانسان ولا يحول دون حقه في وجود حر وعادل وكريم. ان احتفال الرواية بتعدد الاصوات المعبر عن شخصيات تتنوع وجهات نظرها وتختلف هو بمثابة التخلي عن الشخصية البطل الذي يغلب عليه في الرواية, طابع البطل القومي. قراءة نقدية * لطالما ظهرت نظريات تبحث في مسألة القراءة والقارئ, فهل المستهدف فعلاً يلقي بالاً اليها او يهتم بها؟ ـ منذ ان مارست الكتابة النقدية, وصار هذا النوع من الكتابة خياراً لي, عملت, وكمن يعمل على تحقيق حلم, بأن يكون كل قارئ ناقداً. بمعنى اخر عملت على تبديد النقد كسلطة, وعلى قتل الناقد كواعظ, او كهجّاء مغرض. او كمعلم يعلّم الناشئة بعصاه الموجعة. السؤال المطروح في هذا الصدد أو الذي طرحته على نفسي هو: كيف تكون القراءة قراءة نقدية متوفرة لكل قارئ. وهو سؤال يطرح أسئلته المترتبة عليه, مثل: ماذا نفهم بالنقد؟ وهل النقد هو قراءة, وماذا نفهم بالقراءة؟ من هو القارئ المقصود في كلامنا وكيف يصبح كل قارئ ناقداً؟ للجواب, يجب ان نميّز بداية بين نقد يبحث في نظرية الادب وأنواعه وجمالياته, وبين نقد يتعامل مع النصوص الأدبية ليتبين معانيها ودلالاتها وما تنطوي عليه من رؤية للعالم متلّمساً بواعث الجمال في هذه النصوص وصبوات المتعة ومآلاتها. هذا النقد الثاني (المتعامل مع النصوص) هو ما يمكن تسميته قراءة وهو ما نريد منه ان لا يجنح الى تقويم سلطوي والى اصدار احكام تعسفية, او أخلاقية تغلق النص على غير حقيقته, او على غير احتمالاته المرهونة بالزمن وباختلاف القراءة. وهو ما يترك في حال جنوحه هذا, اثره على مجموع القرّاء ويشكّل وعيهم الجمعي جاعلاً منهم تابعين لا في هذه الحدود التي تخص الأدب وقراءة النصوص, بل في معظم مجالات التلقّي لما يقرأ ويقال او يسمع ويشاهد. ان أهمية ان يكون كل قارئ, بالمعني الاجتماعي العام لكلمة قراءة, ناقداً يعني ان يمتلك الفرد قدرة فكرية على التبصّر والمساءلة والفهم والحوار... فلا يتبع, شأن القطيع, لسلطات تجيّره لحسابها. أعتقد ان التعليم بكل مؤسساته يمكن ان يقوم بدور مهم في تكوين الطالب كقارئ بالمعنى الذي أشرنا. ذلك ان النقد كحوار هو فعل يمارس في مجمل العلاقات ومع كل النصوص المكتوب منها وغير المكتوب, اي المرئي والمسموع. ان من نعتبرهم قراء هم, او غالبيتهم, حفظة يكررون المعلومات والمعارف ويعجزون عن حوارها... فكيف بانتاجها! * هل نتوقف قليلاً عند تجربتك الجامعية, ماذا أضافت لك شخصياً ولعملك كناقدة؟ ـ من المفترض ان يشكّل الطالب الجامعي حافزاً وتحدياً للأستاذ, لأن الطالب مشروع باحث, يفكّر ويطرح الأسئلة, ويتعامل مع المعرفة. في بداية تدريسي في الجامعة (1977) في كلية الآداب, للأدب ولمادة النقد الادبي, ثم لمادة تقنيات السرد الروائي. كان الطلاب يشكّلون حافزاً لبحثي. لكن مع استمرار حالة الحرب في لبنان وكل ما حصل من دمار وتشتت وضياع وانصراف الناس الى أمور السياسة والقتال والموت والحياة وشئون العيش اليومي والبقاء والهرب... تراجع اهتمام الطلاب, الا نادراً, بالبحث والمعرفة والتحصيل. وبالتالي لم تعد الجامعة مكان اضافة للأستاذ. على العكس صار على الاستاذ ان يفكّر في ديمومة ما هو قائم ومتوفّر. هكذا حرصت على دوام حضوري الى الكلية, والتدريس وتهيئة المحاضرات وإلقائها... كفعل مقاومة. وكان الطلاب يحضرون وكنت أشعر معهم بالحياة. كنا نتشارك في صنع الأمل, محاطين بكل عناصر الموت. أذكر أنني في تلك المرحلة أصدرت أكثر من كتاب نقدي... كان ذلك بفضل هذا الأمل المحمول على راحات الألم العميق.