كان الفنان الراحل محمود المليجي رمزا من رموز مدرسة الاداء الطبيعي مما جعل البعض يلقبه بـ (سبنسر تراسي) السينما المصرية او (انطوني كوين) العرب او (مارلون براندو) الشرق، فلقد كانت موهبته تلقائية بالرغم من انه كان ينوي الاتجاه الى الغناء وبدأ فعلا وهو في المدرسة الثانوية في تلقي دروسه في العزف والغناء. ولد محمود المليجي في 22 ديسمبر عام 1910 وكان والده حسين المليجي من ابرز الشخصيات في حي المغربلين وكان يتاجر بالخيول العربية الاصيلة والسيارات، ولكن كانت لديه هواية مفضلة وهي الاستماع الى الموسيقى والغناء لدرجة جعلت من الابن محمود يحب هو الآخر الغناء والموسيقى. وتمنى في داخله ان يتجه الى الغناء، ولكن والده رفض ذلك بشدة الا انه كان بدأ بالفعل في تلقي الدروس في الموسيقى على يد احد المدرسين والذي كان يبالغ في الاشادة بموهبة محمود ولهذا لم يطل ارتباطه بالموسيقى واتجه الى عالم الملاكمة في محاولة منه ان يكون ملاكما لكنه بعد ان نال العديد من اللكمات والكدمات قرر ان يهجرها ايضا. وفي العام 1927 اعلنت الفنانة عزيزة أمير عن حاجتها لوجوه جديدة للمشاركة في أول فيلم روائي من انتاجها «ليلى» وقابلت بالفعل مجموعة منهم هي وزوجها مصطفى الشريعي ووعدتهم بأنها سوف تتصل بهم في الوقت المناسب. وفي هذه الاثناء كان محمود المليجي يدرس في المدرسة الخديوية والتي أسس ناظرها في ذلك الوقت فرقة لهواة التمثيل سرعان ما انضم اليها المليجي واصبح رئيسا لها وقدم العديد من المسرحيات وشجعه زملاؤه على الاشتراك في فرقة رمسيس ضمن مجموعة من الكومبارس مقابل اجر قدره عشرة قروش يوميا. الا ان المرحلة المهمة في حياته بدأت عندما استأجرت المدرسة مسرح الازبكية من الفنانة فاطمة رشدي لتعرض عليها مسرحية «الذهب» وشاهدته فاطمة رشدي اثناء عرض المسرحية واعجبت بموهبته واعتقدت انه ممثل محترف وان الفرقة استعانت به لتضمن نجاح العرض. وبالفعل لم يمض وقت كبير حتى بعثت اليه لتلحقه بفرقتها بمرتب شهري قدره اربعة جنيهات وقدم اول ادواره في مسرحية «667 زيتون» من تأليف الفنان احمد علام ثم قدم مسرحية «الزوجة العذراء» و «علي بك الكبير»، ثم بدأ يلمع خاصة بعد تقديمه مسرحية «يوليوس قيصر» و «حدث ذات ليلة» و «الولادة». وفي العام 1933 قدم محمود المليجي اول ادواره السينمائية في فيلم «الزواج» مع فاطمة رشدي وكان دورا كوميديا ولكن الفيلم لم يحظ بالنجاح المتوقع له مما جعله يقدم استقالته من فرقة فاطمة رشدي ويعود الى فرقة رمسيس لصاحبها الفنان يوسف وهبي وقدم مسرحية «مليون ضحكة» وظل يتنقل بين الفرق المسرحية فانضم الى فرقة «اتحاد الممثلين» ثم «الفرقة المصرية» ثم «فرقة اسماعيل ياسين». الا انه في العام 1939 قدم فيلم «قيس وليلى» للمخرج بدر لاما ولعب اول ادواره الشريرة مما جعله يكرر تقديمه مرات اخرى بعد نجاحه كل مرة باسلوب مختلف حتى لا يقع في اسر النمطية واطلق عليه لقب «شرير الشاشة». وفي العام 1947 اقدم على تجربة الانتاج السينمائي وقدم افلاما تتماشى مع الاطار الذي رسمه لنفسه، ومنها افلام «الملاك الابيض» و «الام القاتلة» و«المغامر». وكون ثنائيا فنيا مع زميله الفنان فريد شوقي وقدما معا افلاما ناجحة منها «حميدو» و «سواق نص الليل» و «رصيف نمرة خمسة» وغيرها. الا انه في افلام يوسف شاهين كان يقدم ادوارا مختلفة مثل الانسان الطيب والاب الحنون وخرج من نمط الرجل الشرير تماما مثل افلام «الارض» و «العصفور» و«عودة الابن الضال» و «اسكندريه ليه» وغيرها. في اواخر العام 1938 تزوج من الفنانة علوية جميل ولم يرزق بأولاد وظل وفيا لها الا انه في العام 1963 وبعد ربع قرن من الزواج والوفاء تزوج من فنانة شابة تعمل بفرقة اسماعيل ياسين اسمها فوزيه الانصاري، الا ان علوية لم تستسلم واجبرته على ان يطلق زوجته الجديدة في اليوم الثالث لزواجه منها وبالفعل طلقها، ويقال ان علوية جميل هي التي اتصلت بها وقالت لها: «انتي طالق يا فوزية». نال الفنان محمود المليجي العديد من الجوائز والأوسمة منها وسام الاستحقاق اللبناني عام 1966 وجائزة الدولة التشجيعية وانتخب عام 1980 عضوا بمجلس الشورى المصري. وكان آخر فيلم شارك فيه فيلم «أيوب» مع الفنان عمر الشريف والفنانة مديحة يسري، وقد توفي اثناءعمله في الفيلم في 6 يونيو 1983 وكان يتمنى ان يقدم جزءا ثانيا لفيلم «الارض» وان يكمل اسطورة «محمد ابو سويلم ولكنه رحل تاركا وراءه 750 فيلما سينمائيا وتلفزيونيا و 320 مسرحية وعشرات المسلسلات الاذاعية والتلفزيونية والتي لا ينساها المشاهدون.القاهرة ـ أ. ب