العلاقة بين الطبيب والمريض هي العمود الاساسي الذي يقوم عليه التشخيص والعلاج ايضا، ومثل هذه العلاقة تتجلى اهميتها كثيراً في ايامنا هذه لاسباب عديدة اهمها ان معظم الامراض التي يعاني منها المرضى في الوقت الحالي، تعتبر ضريبة الحياة المعاصرة التي بات التوتر النفسي والانفعالات وسيطرة المادة على كل شيء بما في ذلك العلاقات الاجتماعية من اهم سمات هذا العصر.ولهذا فإننا نجد ان الكثير من الاشخاص باتوا يعانون من امراض القلب والاوعية الدموية والسكري والكوليسترول وغير ذلك من الامراض قبل الاوان.وللاسف بالرغم من ان الكتب والدساتير الطبية القديمة منها والحديثة تركز على ضرورة اعطاء المريض الوقت الكافي للاستماع الى قصته المرضية المفصلة وشرح ما يعاني منه وما يتعلق بجوانب من حياته، إلا ان معظم الاطباء ان لم نقل غالبيتهم لم يعد لديهم الوقت الكافي للايفاء بحق المريض. فالطبيب في الوقت الحالي بات يهتم بالشكليات دون المضمون وبالديكورات الفخمة لعيادته وصار يبتدع اساليب عديدة لكسب المزيد من المرضى والاموال دون ان يمنحهم جزءاً من وقته الذي يعتبره ثمينا جداً. واذا ما استعرضنا اهم النقاط التي ينبغي على الطبيب ان يستفسر عنها من المريض لوجدنا ان ربع ساعة قد لا تكفي، لان القصة المرضية كما اشرت تتضمن معلومات شخصية، اضافة الى الشكاية الاساسية، وطبيعة المرض، والامراض السابقة التي تعرض لها المريض والعمليات الجراحية التي اجريت له، والادوية التي يتناولها، والحساسية والتأثيرات الجانبية لها. وغير ذلك من المعلومات الدقيقة والمهمة وللاسف نقول ان العديد من الاطباء قد اوكلوا تدوين القصة المرضية للممرضات او للمريض نفسه الذي يدون المعلومات المطلوبة منه وبشكل مختصر في استمارة تعطى له وهو في غرفة الانتظار اي قبل مقابلة الطبيب، وتجدر الاشارة هناك الى ان هذا الاجراء يعتبر خاطئا اذ يجب على الطبيب ان يقوم بذلك ـ مهما كانت التبريرات ـ وان يستخلص منها المفيد كي ينتقل الى المرحلة الثانية من التشخيص اي الفحص السريري والاستقصاءات المختلفة للتحاليل المخبرية والصور الشعاعية وغيرها. واذا ما استعرض كل واحد منا تجربته مع طبيب قد قام بزيارته سابقاً لحالة مرضية المت به فإنه ولاشك سيتوصل الى نتيجة واضحة والتي تتجلى في ان الطبيب اليوم لم يعد كطبيب الامس، وان التكنولوجيا رغم انها مفيدة إلا انها قد قضت أو اريد لها ان تقضي على تلك العلاقة الجميلة التي كان الطبيب يقيمها مع مريضه، والتي بات المريض يدفع ضريبتها مادياً ومعنوياً. وبالطبع لا نقصد مما سبق ان الاجهزة التشخيصية والعلاجية لا نفع لها ولكن ما نقصده ان هذه الاجهزة يجب ألا تلغي مدى اهمية القصة المرضية والعلاقة القوية بين الطبيب والمريض بل يجب ان تكون مكملة لها. الطبيب الجيد لو اردنا ان نقوم باجراء استبيان بين الناس عن مواصفات الطبيب الجيد لخرجنا بآراء عديدة ومتباينة وهذا امر طبيعي اذ لكل انسان تجربته في الحياة ونمط شخصية مختلفاً بها عن الآخر وطريقة تفكير مغايرة، من اهم الصفات التي تميز الطبيب الناجح عن غيره نذكر: ـ التحلي بالاخلاق الحميدة. ـ سعة الصدر. ـ احترام المريض ومعاملته كانسان. ـ التواضع مهما بلغ من العلم درجات. ـ مواكبة آخر المستجدات الطبية، وحضور المؤتمرات فالطبيب يبقى طالبا طيلة حياته المهنية. ـ هدفه الاساسي تخفيف آلام المريض ومعالجته بالشكل الامثل. ـ احترام التخصصات الطبية وعدم التعدي على غيره أو على اختصاص غير اختصاصه. ـ عدم افشاء الأسرار ـ الفصل التام بين متطلبات الحياة المادية وبين السمات الاساسية لهذا المهنة الانسانية، اذ لا يجوز بحال من الاحوال ان يبني الطبيب ثروته على حساب آلام المرضى الذين في كثير من الاحيان يدفعون ما بحوزتهم ويبيعون ما يملكون، ويضطرون للاستدانة من اجل امل يبحثون عنه، فعلى الطبيب ألا يعزف الاغاني على اوتار المرضى، وألا يعتبر جهل المرضى او حاجتهم مصدراً للغنى المادي، فالطبيب هو الحكيم الواسع الصدر الذي ينبغي ان يبذل قصارى جهده لاعادة البسمة على شفاة المرضى الشاحبة، ومثل هذا الامر لا يمكن ان يتحقق إلا اذا تحلى الطبيب بالحكمة وتسلح بالعلم والمعرفة والاخلاق. ونحن جميعا ندرك تماماً ان مهنة الطبيب هي مهنة انسانية وهي المصدر الوحيد للدخل المادي للطبيب.ولكن هذا الامر ليس مبرراً لكي يزداد الطبيب غنى والمريض فقراً، ولا يجوز بحال من الاحوال ان تخضع مهنة الطب لقوانين السوق والعرض والطلب والاغراءات الترويجية والاعلانات التجارية. د. بسام علي درويش