تمثل قضية الديون محورا هاما من اهتمامات صندوق النقد الدولي, وذلك من منطلق ان الدين يمثل عبئا ثقيلا على كاهل الدول الفقيرة , وأصبح الدين يشكل خطرا على التصحيح والنمو الاقتصادي. ومن هذه النقطة وانطلاقا منها قام الصندوق عام 1997 بالتعاون مع البنك الدولي بالاعلان من مبادرة (هيبيك) لتقديم المساعدات الاستثنائية لخفض أعباء الدين الخارجي. وذكرت نشرة صندوق النقد الدولي السنوية عن نشاط العام الماضي ان تلك المبادرة دخلت حيز التنفيذ الفعلي عام 1997. ومازالت المبادرة مفتوحة حتى خريف العام الحالي 98 أمام دول العالم الفقير للحصول على التمويل والمساعدات قبل دخول المبادرة مرحلة المراجعة بنهاية الخريف. وأوضح الصندوق في نشرته ان هناك شروطا لتطبيق المبادرة على الدول الفقيرة الراغبة في المساعدة بأن تكون مؤهلة من حيث الاصلاحات الاقتصادية الكفيلة بدعم خروجها من أزمة الديون. وجاءت أوغندا الدولة الوحيدة عام 97 المؤهلة لتطبيق المبادرة عليها, وما زالت المفاوضات جارية بشأن ثلاث دول افريقية أخرى. عناصر الاستراتيجية ويوضح الصندوق ان استراتيجية الدين التي يتبناها تقوم على اساس تقديم المشورة الخاصة بالسياسات الاقتصادية اضافة للدعم المالي, ومساعدة الدول الأعضاء على مواجهة مشاكل ديونها المستحقة لمصادر رسمية ومصارف تجارية, مؤكدا على أن الهدف الرئيسي لاستراتيجية الدين هو مساعدة البلدان الدائنه لتحقيق نمو ثابت ووضع سليم وقابل للاستمرار في ميزان المدفوعات, واقامة علاقات سوية مع الدائنين, وامكانية استخدام الأسواق المالية الدولية كأداة ووسيلة. وتضيف نشرة الصندوق التقريرية عن العام 97 أنه رغم تطور أدوات معالجة قضايا الديون الخارجية إلا أن استراتيجية الديون ترتكز على ثلاثة عناصر رئيسية أولها, تشجيع التصحيح الموجه نحو النمو والاصلاح الهيكلي في الدول المدينه. وثاني العناصر المحافظة على بيئة اقتصادية عالمية مؤاتيه والعنصر الثالث تأمين دعم مالي كاف من المصادر الرسمية سواء الثنائية أو متعددة الاطراف وكذلك المصادر الخاصة. الديون للمصارف التجارية ويوضح الصندوق أنه بالنسبة للديون المستحقة للمصارف التجارية يتم على أساس حل كل مشكلة على حدة بمفردها بهدف مساندة عمليات تخفيض الديون المستحقة لتلك المصارف الاقتصادية في البلد العضو, واحتمال عودته الى استخدام أسواق الائتمان, وقدرته على تحقيق نمو يقترن بوضع صحيح وقابل للاستمرار في القطاع الخارجي, مع التأكد من أن التدابير المقترحة تشكل استخداما فعالا لموارد مالية نادرة. ويأخذ المجلس التنفيذي في الاعتبار, بشأن مجموعة التدابير الخاصة بالديون المتوجبة للمصارف التجارية, وجود توازن مناسب بين تخفيض الدين وتخفيض تكاليف خدمته. وينظر المجلس في العوامل التالية: هل تتلاءم خدمة الدين المعادة هيكلته مع القدرة المتوقعة للبلد المعني على خدمة ديونه, هل مجموعة تدابير التخفيض فعالة بالنسبة إلى تكلفتها, هل تشمل مجموعة التدابير استمرار عمل المصارف التجارية في البلد المعني, إذا كان هذا الاستمرار مناسباً, مع إمكانية تسهيل العودة إلى التمويل المصرفي الطبيعي, هل إن مجموعة الخيارات المتاحة متوازنة وواسعة, بحيث تكفي لاتاحة مشاركة المصارف في هذه التدابير بدرجة مرتفعة. جدولة الديون الرسمية وعن الديون الرسمية يوضح الصندوق في نشرته أن البلدان التي تسعى إلى إعادة جدولة ديونها تتجه عادة إلى نادي باريس, الذي يضم الجهات الرسمية الدائنة على أساس ثنائي, ويشكل نادي باريس محفلاً يجمع بين البلدان المدينة والجهات الرسمية الدائنة من أجل الوصول إلى اتفاقات تنص عموماً على إعادة جدولة المتأخرات القائمة المؤهلة وسلسلة مدفوعات خدمة الدين القابل لاعادة الهيكلة, والتي تستحق خلال فترة تثبيت الدين (وهي عادة فترة الاتفاق مع الصندوق), وذلك مع فترة تسديد تمتد عدة سنوات. وللتأكد من أن تخفيف عبء الدين بهذا الشكل يدعم الجهود الرامية إلى اعادة ميزان المدفوعات إلى وضع صحيح وقابل للاستمرار وتحقيق نمو اقتصادي منتظم, يربط نادي باريس عمليات تخفيف عبء الدين بتنفيذ برامج اقتصادية يوافق عليها صندوق النقد الدولي. وعندما يتخذ الدائنون في نادي باريس قراراً بشأن نطاق اعادة الجدولة وشروطها, فإنهم يستندون إلى تحليل وتقييم الصندوق لأوضاع الدين في البلد المعني. وفي ديسمبر ,1994 وافق الدائنون الأعضاء في نادي باريس على تطبيق (شروط قمة نابولي) , التي يمكن بموجبها, بشأن خدمة الديون المؤهلة لاعادة الجدولة والمتعلقة بالبلدان ذات الدخل المنخفض, تخفيض الدفع حتى نسبة 67 بالمئة من القيمة الراهنة الصافية. وفي حالة البلدان التي سجلت نتائج جيدة في اطار اتفاقات اعادة الجدولة والبرامج الاقتصادية المدعومة بموارد الصندوق, والتي لا تفكر في عمليات إعادة جدولة اضافية, تنطوي شروط قمة نابولي على القيام, بشروط ميسرة, بإعادة جدولة كتلة الديون القائمة والمؤهلة لذلك مع خفض القيمة الراهنة الصافية حتى 67 في المئة. ومن المتوقع أن السياسات الاقتصادية السليمة, المقترنة بمساعدات مالية جديدة ميسرة وبتخفيف عبء الدين وفق شروط قمة نابولي, سوف تتيح لمعظم البلدان المثقلة بالديون أن تحقق, في المدى المتوسط, قابلية احتمال الدين (تعني هذه القابلية, بالنسبة إلى البلد العضو, أن عائدات التصدير, ورأس المال, والمساعدات التي يتلقاها تكفي لخدمة ديونه بشكل مريح). مبادرة هيبيك ويستعرض الصندوق بالتفصيل لأحدث مبادراته تخفيف أعباء الديون وهي (مبادرة هيبيك) , موضحاً ان الدين الخارجي أصبح يمثل مشكلة وعبئاً ثقيلاً على بعض البلدان الفقيرة, ويشكل هذا الدين خطراً على النمو الاقتصادي. ومن هذا المنطلق قام صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بوضع برنامج عمل مشترك تم تصحيحه لتسوية مشكلات ديون البلد الفقيرة القائمة باتباع سياسات سليمة. وقد تم اعتماد هذا البرنامج ــ وهو ما يعرف باسم المبادرة الخاصة بديون البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (هيبيك) ــ من قبل اللجنة المؤقتة لصندوق النقد الدولي ولجنة التنمية للبنك الدولي في سبتمبر 1996. وتمثل هذه المبادرة التزاماً بتقديم مساعدة استثنائية للبلدان المؤهلة القائمة باتباع سياسات سليمة من أجل مساعدتها على خفض أعباء ديونها إلى مستوى يمكنها من خدمة هذه الديون من خلال ايرادات التصدير, والمعونات, والتدفقات الرأسمالية. وسوف تنطوي هذه المساعدة الاستثنائية على خفض للقيمة الراهنة الصافية للمطالبات المستحقة مستقبلاً على البلد المدين. ومن شأن هذه المساعدة الاستثنائية أن توفر الحوافز للاستثمار إلى جانب توسيع نطاق التأييد الشعبي لاصلاح السياسات. وتعتبر المبادرة نهجاً شاملاً متكاملاً ومنسقاً ازاء الدين الخارجي وهو يتطلب المشاركة من كافة الدائنين ــ الثنائيين والدوليين والتجاريين. ومن المسائل المحورية الهامة بالنسبة لهذه المبادرة استمرار الجهود التي يبذلها البلد المعني في مجال تصحيح الاقتصاد الكلي وتنفيذه لاصلاح السياسات الهيكلية والاجتماعية. وبالاضافة إلى ذلك, تركز المبادرة على برامج اصلاح القطاع الاجتماعي ــ ولا سيما في مجالي الرعاية الصحية الأساسية والتعليم. المبادرة مفتوحة ويضيف الصندوق ان مبادرة (هيبيك) مفتوحة امام كافة الدول الفقيرة المثقلة بالديون والمؤهلة للحصول على تمويل من تسهيل ايساف في الصندوق ومن مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي, والتي تواصل او تعتمد تنفيذ برامج للتصحيح بدعم من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حتى نهاية خريف 1998 وهو الموعد الذي ستتم فيه مراجعة هذه المبادرة. وتتألف هذه المبادرة من مرحلتين: في المرحلة الاولى, يواصل البلد المدين تنفيذ برنامج قوي للتصحيح والاصلاح بدعم من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ويحصل على اعادة جدولة من جانب الدائنين الثنائيين بشروط قمة نابولي. ويتم عادة الوصول الى نقطة القرار وهي النقطة التي يقوم عندها البلد المعني باستكمال سجل اداء جيد لمدة ثلاث سنوات, كما انها النقطة التي تحدد نهاية المرحلة الاولى, وعندئذ يتم تقييم اهلية البلد المعني للحصول على مساعدة بموجب المبادرة ويقوم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي, بالتعاون مع السلطات المختصة في البلد المعني, بتحليل القدرة على جعل عبء الدين قابلا للاحتمال في غضون فترة الانجاز (وهي عادة ثلاث سنوات) وذلك على اساس: * القيمة الراهنة الصافية للدين الخارجي العام والمضمون من الحكومة ــ والتي يجب ان تنخفض كنسبة مئوية من الصادرات الى اقل من المستوى المستهدف المحدد للبلد المعني حتى تكون في حدود ما يتراوح بين 200 الى 250 في المئة. نسبة خدمة الدين الى الصادرات ــ والتي يجب ان تهبط الى اقل من 20 الى 25 في المئة. بالنسبة لاقتصاد منفتح الى حد كبير ويعاني من ارتفاع الاعباء المالية لخدمة الدين ويبذل جهودا قوية لتحقيق ايرادات للمالية العامة, لا يجب ان تتجاوز نسبة القيمة الراهنة الصافية للدين الى ايرادات المالية العامة 280 في المئة. وكذلك فان البلد الذي يعاني من اعباء ديون لا يمكن خفضها الى مستويات قابلة للاحتمال في ضوء الاستخدام الكامل لآليات تخفيف الدين التقليدية (وخاصة تطبيق شروط نابولي من جانب دائني نادي باريس) ــ سوف يدخل المرحلة الثانية ويتوقع منه الاستمرار في اثبات سجل اداء قوي في ظل برنامج للتصحيح مدته ثلاث سنوات مع مواصلة حصوله على مساندة مالية من المجتمع المالي الدولي. ويلتزم دائنو هذا البلد بجعل اعباء ديونه عند مستويات قابلة للاحتمال في نهاية المرحلة الثانية (نقطة الانجاز). وسوف يتم مراعاة المرونة في تنفيذ فترة الاداء الجيد خلال ست سنوات, وذلك على اساس كل حالة على حدة, وخاصة بالنسبة للبلدان التي لها بالفعل سجل جيد في مجال التصحيح. أوغندا أول الدول ويشير الصندوق الى ان من اجل مشاركته في مبادرة (هيبيك) قام المجلس التنفيذي في فبراير 97 بانشاء (الصندوق الاستئماني) للايساف ولهيبيك. وسوف يسهم صندوق النقد الدولي في تقديم المساعدة عند بلوغ نقطة الانجاز من خلال العمليات الخاصة لتسهيل ايساف, ويتم ذلك اساسا في شكل منح يمكن استخدامها في الاعفاء من الالتزامات المستحقة للصندوق. وفي ابريل ,1997 كانت اوغندا اول بلد يصل الى نقطة القرار ويعلن عن تأهله للحصول على مساعدة بموجب مبادرة هيبيك, ويجري المجلسان التنفيذيان لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي مناقشات مبدئية حول اهلية بوليفيا, بوركينا فاسو, وكوت ديفوار, التي وصلت الى نقطة القرار في النصف الثاني من 1997. عرض ــ محمود الحضري