نفذ مطار دبي الدولي مجموعة هائلة من مشروعات التطوير والتحديث في كافة المجالات جعلته احد اهم وارقى مطارات العالم وفقاً للتصنيف العالمي الصادر من قبل منظمات عالمية في مجال الطيران. ورغم هذا لا تزال دائرة الطيران المدني بدبي تواصل تنفيذ عدد من المشروعات لتحافظ على هذه المكانة العالمية المتقدمة لمطار دبي ولتقفز به درجات اخرى في عالم صناعة الطيران والسفر وليؤكد مطار دبي ايضاً مكانته كأفضل مطار في منطقة الشرق الاوسط. كما يؤكد استعداده ليس فقط لمواكبة الاحدث في عالم الطيران وانما ليؤكد انه قادر على ان يسبق تكنولوجيا المستقبل في عالم الطيران مثل الاستعداد لاستقبال طائرات ايرباص الضخمة ايه 380 التي سيتم انتاجها بعد عام 2005. وقبل نهاية العام الحالي سيكون مطار دبي الدولي المطار الاول بكل منطقة الشرق الاوسط الذي يستخدم انظمة الهبوط الآلي المعروفة عالمياً باسم «كات ثري بي» التي تمكن الطائرات من الهبوط على ارض المطار في ظل أجواء مناخية سيئة ومدى رؤية لا يتجاوز 50 متراً. كما يبدأ بنهاية العام الجاري وبعد اخذ موافقات الجهات الرسمية مثل الهيئة العامة للطيران المدني بالدولة تشغيل المخطط الجديد لاجواء المنطقة الشمالية في الامارات حيث قامت دائرة الطيران المدني بدبي بتغيير اجواء دبي والامارات الشمالية لتوفير المزيد من المرونة لاستقبال العدد المتزايد من الطائرات. الهبوط الآلي «البيان» اطلعت على هذه النظم المتطورة قبل بدء تشغيلها ورصدت مخططات ومشاريع التطوير وحاورت المسئولين عنها وطرحت العديد من الاسئلة الهامة.. لماذا قامت دبي بتغيير اجواء المنطقة الشمالية؟ وما هي النتائج المتوقعة لمثل هذه الخطوة؟ وكيف يتم تغيير الاجواء؟ ثم ماذا عن انظمة الهبوط الجديدة وما هو العائد من وراء استخدامها على مطار دبي الدولي وعلى شركات الطيران ايضاً؟ وما هي شروط استخدام هذه النظم ومتطلباتها سواء على شركات الطيران او العاملين بها؟ ثم ماذا عن الكوادر البشرية في مطار دبي الدولي وهل تم تدريب وتأهيل هذه الكوادر لتواكب وتلاحق هذه التطورات المتسارعة؟ وإلى أين وصلت عملية التوطين في هذا القطاع الحيوي الذي يتطلب خبرات فنية رفيعة المستوى؟ وماذا يجري في برج المراقبة بمطار دبي الدولي الذي يتحكم في سماء المنطقة؟ اسئلة كثيرة واجابات مثيرة في هذا التحقيق. الأحدث يقول منصور محمد طاهر نائب مدير عام الملاحة الجوية بالمطار ان انظمة الهبوط الآلي الفئة الثالثة «بي كات ثري بي» هي احدث الانظمة بمنطقة الشرق الاوسط وليس هذا فقط بل انها تجعل مطار دبي الدولي احد المطارات المعدودة بالعالم التي تستخدم هذه التقنية الحديثة. وهذه الانظمة تم تركيبها بالفعل في مطار دبي وجاهزة للعمل في اي وقت ولكن التشغيل الفعلي سيكون قبل نهاية العام الحالي بعد انهاء الاجراءات الرسمية المطلوبة قبل التشغيل. حيث لابد من موافقة الهيئة العامة للطيران المدني بالدولة. كما لابد من فترة تدريب على استخدام الاجهزة. وحول تكلفة هذه الاجهزة يقول منصور طاهر ان التكلفة كبيرة وتم رصدها من ضمن تكلفة مشروعات التوسع التي اعلنت عنها دائرة الطيران المدني بدبي فهي جزء من هذه المشروعات. مدى الرؤية وحول امكانيات هذه الاجهزة وما توفره من مزايا قال منصور محمد طاهر انه لفهم ما توفره هذه التقنية الحديثة من مزايا لابد من التعرف على نظم الهبوط الآلي او نظم الرؤية بالمطارات. فهناك فئات ثلاث الفئة الاولى تعني ان الطيار لا يمكنه الهبوط في مستوى رؤية يقل عن 800 متر. والفئة الثانية مستوى الرؤية فيها 350 متراً فاكثر. بينما الفئة الثالثة التي سيستخدمها مطار دبي الدولي والمعروفة باسم «كات ثري بي» فهي تمكن الطيار من الهبوط في مستوى رؤية 50 متراً فقط. وهذا ادنى مستوى رؤية بالمنطقة يمكن الهبوط فيه. وهذا يسمح باستقبال الطائرات في اية ظروف بالليل او النهار وفي ظل نسب رطوبة مرتفعة وضباب كثيف. ولا شك ان هذا يجعل مطار دبي الافضل من نوعه بالمنطقة على هذا الصعيد. عائد اقتصادي وحول الفوائد الاقتصادية من استخدام هذه الانظمة يقول منصور طاهر ان الفوائد كبيرة جداً ولا تقتصر على مطار دبي بل تشمل بالاخص شركات الطيران ايضاً وهناك فوائد مباشرة واخرى غير مباشرة. الفوائد المباشرة تتمثل في وفورات ضخمة لشركات الطيران في الوقت وفي المال لان تأخر الطائرة في الجو دون قدرة على الهبوط يكلف شركة الطيران الكثير من الاموال. كما ان تحويل الطائرة إلى مطار آخر لتعذر هبوطها في مطار معين نظراً للضباب يكلف ايضاً الكثير. اما الفوائد غير المباشرة فإنها تتمثل في جذب المزيد من شركات الطيران العالمية إلى مطار دبي الذي اصبح مركزاً عالمياً للسفر والطيران. وحول متطلبات تنفيذ هذه الانظمة الحديثة يقول نائب مدير عام الملاحة الجوية بمطار دبي ان هذه الانظمة تتطلب تدريبات خاصة لموظفي المطار من ناحية كما تتطلب ايضاً شهادات خاصة لدى الطيارين الذين يقومون بتنفيذ عمليات الهبوط وفق هذه الانظمة. فالطيار في هذه الحالة سيهبط بالطائرة دون ان يرى المدرج الارضي لان مستوى الرؤية قد يكون ضعيفاً جداً بسبب الضباب وسيهبط بمعاونة الطاقم الفني في برج المراقبة بالمطار. 95% واضاف موضحاً ان معظم الطائرات الحديثة لديها الامكانية لاستخدام هذه الانظمة الحديثة ربما 95% او اكثر من الطائرات اما النسبة الباقية فهي تعود لطائرات غير مجهزة للتعاطي او التخاطب الآلي مع هذه الانظمة الحديثة والاستفادة من مميزاتها وعلى سبيل المثال فإن جميع طائرات طيران الامارات لديها هذه الامكانية، كما أن الطيار يحصل على شهادة بعد فترة تدريب بأنه مؤهل للهبوط باستخدام هذه التقنية. ومن الفوائد العديدة لاستخدام هذه الانظمة أنها توفر لشركات الطيران فرصة لتدريب طياريها عملياً على استخدام هذه التقنية. كما انها تضيف ولاشك الى رصيد مطار دبي الدولي عالمياً. ونحن بالفعل لنا تصنيف عالمي متميز لأننا أحد المطارات القليلة بالمنطقة التي بها مدرجان وليس مدرجاً واحداً. التحويل إلى دبي وحول توقعه لنسبة انخفاض الطائرات التي يتم تحويلها من مطار دبي في حالات الضباب الكثيف بعد استخدام التقنية الحديثة يقول منصور طاهر انه يتوقع ان ترتفع نسبة تحويل الطائرات الى مطار دبي وليس منه كما كان يحدث في بعض الاحيان سابقاً حيث كان المطار يتأثر مثل غيره من المطارات المحيطة بالاجواء المناخية السيئة. ولكن بنسبة اقل من غيره، نظراً لاستخدامه امكانات واجهزة متطورة لاستقبال الطائرات. واما بالنسبة للتحويل من مطار دبي فاتوقع ألا تحدث عمليات تحويل من مطار دبي أبداً الا للطائرات غير المجهزة تقنياً. وهذا التوقع مبني على دراسات فقد تم التعاقد لشراء هذه الانظمة بعد دراسات أكدت ان مستوى الرؤية بالمنطقة لاينخفض عادة عن 100 متر وبالتالي تم شراء هذه الأجهزة التي تمكن من الهبوط في ظل مستوى رؤية 75 متراً ولهذا لا أتوقع التحويل من مطار دبي ولكن سنواجه بعدد كبير من الطائرات المحولة اليه من مطارات اخرى وهذا يزيد من الاعباء علينا، واتوقع ان يزيد التحويل الى مطار دبي بنسبة 30% مثلاً مقارنة بعمليات التحويل الحالية. برج المراقبة خالد العارف نائب مدير المراقبة الجوية بدائرة الطيران المدني بدبي كشف بدوره عن مخطط آخر سيتم تنفيذه قبل نهاية العام الجاري. هذا المخطط تم بمقتضاه تغيير أجواء المنطقة الشمالية من الامارات التي تخضع لسيطرة ادارة المراقبة الجوية في مطار دبي بهدف ان تكون الاجواء أيضاً مؤهلة لاستقبال هذا العدد المتزايد من الطائرات وقال العارف: «لقد اجرينا دراسة لمدة ستة أشهر حول العدد المتوقع من الطائرات وكان لابد من عملية تغيير الاجواء وتم بالفعل اعداد كل شيء وسيتم التنفيذ في أكتوبر المقبل بعد أن صدقت الهيئة العامة للطيران المدني على هذا المخطط. وهذا يعني ان السيطرة على أجواء دبي والامارات الشمالية ستكون من مطار دبي. وحول معنى تغيير الاجواء والهدف منه يقول خالد العارف ان تغيير الاجواء يعني تغيير مسارات الطائرات وحركتها في الجو وهذا بهدف تهيئة الاجواء لاستقبال عدد أكبر من الطائرات وزيادة نسبة سلامة الملاحة الجوية ومنع حدوث حوادث جوية لاقدر الله أو أية مشاكل من أي نوع. فلا يكفي ان يكون المطار على استعداد لاستقبال الطائرات فقط وانما لابد أيضاً ان تكون الاجواء مستعدة ومهيأة كذلك. 1200 طائرة وحول العدد المتوقع من الطائرات التي يستقبلها مطار دبي الدولي في المستقبل يقول خالد العارف ان متوسط معدل الحركة بمطار دبي حالياً ارتفع بشكل قياسي خلال العام الماضي والعام الحالي ليصل إلى 400 حركة يومياً وذلك بمعدل نمو 75% سنوياً وهي أعلى نسبة نمو بالمنطقة. علماً بأن مطار دبي مؤهل ومستعد لاستقبال 1200 رحلة يومياً بمعنى ان باستطاعتنا استقبال ثلاثة أضعاف الحركة الحالية رغم ضخامتها. ولهذا لانخشى تحويل الطائرات الينا من أي مطار بالمنطقة ومستعدون لكل التوسعات والاحتمالات باذن الله تعالى. وحول برج المراقبة في مطار دبي ذلك الصرح التقني الذي شارك فيه الذي يتحكم في سماء المنطقة الشمالية وحركة الطيران بها يقول خالد العارف ان لدينا خمسة أهداف رئيسية للمراقبة منها منع الحوادث بين الطائرات سواء في الجو أو على أرض المطار وعدم تأخير الطائرات وتوصيل الطائرة من نقطة الى اخرى عبر أقرب مسافة ومساعدة الطيار في أي شيء يطلبه. وتحتل مسألة السلامة والأمن الاولوية الأولى في كل خطوة وحركة. التوطين صعدت الى برج المراقبة مع زميلي المصور ابراهيم الريس بصحبة نائب مدير المراقبة الجوية خالد العارف لنجد مجموعة من الشباب المواطنين يديرون في هذا البرج حركة الطيران في سماء وعلى أرض مطار دبي الدولي. وهذا مادعاني الى سؤال خالد العارف عن نسبة التوطين في الادارة فقال ان النسبة الحالية 35% وهي من أعلى نسب التوطين رغم ان هذا المكان يتطلب مهارات فنية وشروطاً صحية عالية جداً. وهذه النسبة ترتفع بشكل كبير ولدينا خطة لأن نصل الى 70% بحلول عام 2007. وكشف عن وجود مركز تدريب خاص على المراقبة الجوية يتم تدريب الشباب فيه لأن تكلفة عملية التدريب بالخارج مرتفعة جداً، وهناك الى جانب التدريب على الأجهزة فحوصات طبية ونفسية قاسية لأنه لا مجال للخطأ في عملنا. ويتم تغيير أي شخص يرتكب اخطاء، ويتم اعادة هذه الاختبارات اذا انقطع الشخص عن العمل لمدة شهر واحد حتى لو كان في اجازة سنوية فعندما يعود يخضع لاختبارات عملية وشفوية. وتضم المراقبة الجوية بالمطار حالياً 32 شخصاً ثم يرتفع العدد الى 48 بعد تطبيق الاجواء الجديدة. الرادار وقسم خالد العارف المراقبة الى قسمين: أولهما برج المراقبة الذي يقسم بدوره الى قسمين احدهما لمراقبة حركة الطائرات على أرضية المطار والاخر لمراقبة نزول واقلاع الطائرات. أما القسم الثاني فهو الرادار الذي يتحكم في استقبال جميع الطائرات من جميع الجهات الى آخر مرحلة قبل النزول. ويجري الآن تطبيق عملية توزيع العمل في الرادار الى أربعة أقسام بحيث يتم تخصيص كل قسم لاستقبال نوعية معينة من الطائرات، أحدها للطائرات القادمة والآخر للطائرات المقلعة والثالث للهبوط والرابع للتنسيق بين الحالات الثلاث السابقة ومع المطارات الاخرى وهيئة الطيران المدني التي يوجد بها مركز التحكم. وتعمل جميع هذه الأقسام على مدار 24 ساعة دون توقف. وهكذا يؤكد مطار دبي الدولي تمسكه بالحفاظ على مكانته المتقدمة في التصنيف العالمي والريادة في سماء منطقة الشرق الأوسط. تحقيق: عبدالفتاح فايد