بات من الواضح أن العالم يعيش حقبة مختلفة من الزمن يسود فيها نظام اقتصادي عالمي جديد مرتكز على أسس جوهرية مثل العولمة. ولقد أضافت العولمة العديد من التحديات الجديدة في مجال الأعمال. ومن أبرز تلك المعايير والمبادئ التي ظهرت في الآونة الأخيرة أخلاقيات العمل Work Ethics والتي أصبح لها إرشادات وأنظمة ومعايير مثل تلك الخاصة بالجودة أو التميز أو القيادة.
فإن الالتزام بمعايير ونظم وأنظمة أخلاقيات العمل أصبح أحد العوامل المرتبطة بتميز ونجاح الأعمال والمؤسسات في مسيرتها للتميز. وترتبط أخلاقيات العمل من حيث المبدأ والمفهوم بمبادئ ومبادرات أخرى على نفس القدر من الأهمية مثل الشفافية والحكمانية وهي مبادئ مترابطة من حيث المضمون والأهداف وإن كانت تختلف من حيث التوجه والتركيز.
إن المطلوب الآن هو أن تقوم المؤسسات بتوثيق وتطبيق ومراقبة ما يسمى بميثاق أخلاقيات العمل Code of Work Ethics بحيث يحتوي هذا الميثاق على القيم التي تؤمن بها المؤسسة وقيادتها والعاملون بها ويظهرون ذلك من خلال سلوكياتهم وتصرفاتهم المرتبطة بالعمل.
ويمكن الوصول إلى هذه الحالة المثالية من خلال تطبيق المراحل التالية:المرحلة الأولى:تحديد موضوعات أخلاق العمل والأخلاقيات السلبية ذات العلاقة بطبيعة نشاط المؤسسة. المرحلة الثانية: تحديد أسباب الأخلاقيات السلبية وإزالتها والتحول الفكري من الأخلاقيات السلبية إلى الأخلاقيات الإيجابية.المرحلة الثالثة: تطبيق ومراقبة الأخلاقيات الإيجابية. المرحلة الرابعة: توثيق وتنميط الأخلاقيات الإيجابية في ميثاق أخلاقيات العمل.
إن الأخلاقيات السلبية تولد في حالة توفر ثلاثة عوامل رئيسية متكاملة هي الاستعداد النفسي والسلوكي والضغط والفرصة.أول تلك العوامل هي الاستعداد النفسي والسلوكي - وهي عادات وطباع شخصية مثل اللامبالاة والإهمال وضعف قدرات ومهارات الاتصال ويمكن تلافي مثل هذه الصفات أثناء عملية الاختيار والتعيين للعاملين الجدد أو تحسينها بالتدريب والتوعية للعاملين الحاليين.
أما ثاني تلك العوامل فهو الضغط ويكون من خلال الوضع السيئ للسياسات مثل وضع الشخص المناسب في المكان غير المناسب أو وضع أهداف غير واقعية للعاملين تجعلهم يقعون تحت ضغط تحقيق هذه الأهداف بأي طريقة ممكنة أما ثالث تلك العوامل فهو الفرصة ويكون من خلال إتاحة الفرصة وذلك في حالة غياب نظم الرقابة والتوجيه والتفويض المفرط وغير المدروس للصلاحيات والقصور في مشاركة المعلومات.
في النهاية يجدر بنا أن نذكر إنه إذا كان العالم المتحضر يهتم الآن ويصبو إلى وضع وتوثيق أخلاقيات العمل من واقع النظريات الاجتماعية أفضل التطبيقات والتجارب الناجحة العالمية، فإننا في العالم الإسلامي والعربي نمتلك بالإضافة إلى ما سبق، كنوزاً من الأخلاقيات الإيجابية في ثقافتنا الإسلامية والعربية بحيث يجب أن نعمل على توظيفها وتطبيقها في مجالات عملنا المختلقة لاسيما في مجال الخدمات والأنشطة التي تقدمها الدوائر الحكومية والتي تخدم القطاع الأكبر على الإطلاق من المتعاملين.
مستشار الجودة «برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز»