تملك تجربة الإماراتي أحمد أبو خاطر في مجال الإنشاد خصوصية وتفردا ميزاه عن أقرانه المنشدين في الوطن العربي والعالم، فهو يعتمد في أناشيده استخدام الصوت البشري بدلاً عن الآلات الموسيقية التي يعتبر أن استعمالها يعارض الشريعة الإسلامية. وتعدت أناشيد أبو خاطر حدود الإمارات والوطن العربي لتصل إلى الجمهور الغربي، الذي كان له حصة من خلال أناشيد معينة كتبت باللغة الانجليزية وصيغت لتتلاءم وذوق المستمعين الأجانب.

وأناشيد أبو خاطر لا تقتصر على المعاني الدينية، فقد صدر له ألبومات منوعة تضم أناشيد وطنية واجتماعية من قبيل «القدس تنادينا» و«زوجتي» وغيرها، ما يعتبره المنشد الإماراتي تغييرا في صورة المنشد الذي يحاول دائما تكريس الموضوعات الدينية.

ويستعد المنشد الإماراتي للسفر بعد أيام عدة إلى العاصمة البريطانية لندن حيث ينتظره هناك حفل يحييه في الخامس والعشرين من شهر نوفمبر الحالي. وكان لـ «البيان» اللقاء التالي معه قبيل موعد السفر.

ـ للمرة الثانية تذهب إلى لندن هل تضعنا في أجواء حفلك المقبل؟

ـ تلقيت دعوة لإحياء حفل إنشادي في لندن ضمن تظاهرة دينية تقام على مدى يومين، وسأنشد هناك في قاعة تتسع لحوالي 50 ألف شخص.

ـ هل تجد اختلافا بين طبيعة المستمعين إلى أناشيدك في الوطن العربي عنها في أوروبا؟

ـ بالتأكيد، في أوروبا الناس متعطشون لهذا النوع من الإنشاد، هم دائمو البحث عن الفن الإسلامي حيث لا يجدون سوى منشدين يتبعون النمط الغربي فيما يقدمونه من أعمال. لقد لمست بنفسي ذاك الشغف والإقبال على ما أقدمه في زيارتي الأولى، وفوجئت أن أناشيدي وصلت إليهم بشكل لم أكن أتوقعه.

ـ هل ثمة من غير العرب من يتابع أعمالك ويعجب بها؟

ـ هناك من يستمع إلى الأناشيد الانجليزية التي أعددتها وهم يرون في طريقتي وأسلوبي شيئا مختلفا وجميلا يلامسهم من الداخل.

ـ حين قررت الإنشاد بالانجليزية، هل كنت ترمي الوصول إلى نوعية مختلفة من الجمهور؟

ـ لم أكن أفكر في ذلك، بدأت بأنشودة واحدة باللغة الانجليزية ضمن ألبوم يضم ثمانية أناشيد، وعندما لمست صدى نجاح العمل حاولت زيادة الكمية وأحسست بأن من واجبي أن يكون لدي رصيد عند أولئك الذين لا يتقنون اللغة العربية.

ـ بدايتك في عالم الإنشاد كانت مبكرة فيما نجد اليوم موجة كبيرة من المتجهين إلى أداء هذا النوع من الأناشيد، هل كنت تتنبأ بما سيكون عليه الحال اليوم؟

ـ لا شك في أنني حينما بدأت كنت أفكر بما هو مختلف عن المتداول، حتى فترة قصيرة نستمع إلى نوعية من الإنشاد الديني تتميز بالحماس والمعاني الجهادية، وربما كنت أتوقع نجاح الأعمال التي قدمتها لأنها تحمل كلمات روحانية يمكن أن تلامس قلوب مستمعيها وتغير من سلوكهم نحو الأفضل.

ـ كنت واحدا ممن شاركوا في تحكيم مسابقة «منشد الشارقة» في رمضان الفائت، ما هو انطباعك عن هذه المسابقة وشبيهتها «سما الإنشاد» التي عرضت على تلفزيون سما دبي؟

ـ لاشك أن البرنامجين كانا على درجة كبيرة من الأهمية كونهما يساهمان في تشجيع هذه الظاهرة، كما أنهما يبحثان عن المواهب التي تملك الصوت الجيد والمقدرة العالية في الإنشاد ولا تجد السبيل إلى توظيفهما بالشكل الصحيح.

ـ لم تقتصر أناشيدك على الموضوعات الدينية بل تعدتها إلى موضوعات اجتماعية متفرقة، ما كان هدفك من وراء ذلك؟

ـ وجدت أن لا حرج في طرح الموضوعات والمشاكل التي يعاني منها المجتمع، طالما أنها في المحصلة تستطيع التأثير على المسلمين وإظهار أشياء خافية عنهم، فحين أنشدت عن أخطار مرض الثلاسيميا أو طرحت موضوع دور العجزة كنت أبغي تعريف الناس بالآثار السلبية المترتبة عن هذه الظواهر، وحين قدمت أنشودة «زوجتي» كان الهدف لفت انتباه الشباب إلى موضوع الزواج الذي يقيهم شر الوقوع في الأعمال المحرمة.

ـ كم خدم الفيديو كليب انتشار أغنياتك؟

ـ في البداية كنت معارضا لموضوع الفيديو كليب، لكن بعد دراسة عميقة واستشارة بعض العلماء والعارفين وجدت أن تقديمه بطريقة إسلامية محترمة لا بأس به، وهذا سيجذب جمهورا جديدا قد لا يستمع إلى الأناشيد عبر قنوات أخرى.

ـ لكن ألا تعارض أن يعرض الفيديو كليب الخاص بك إلى جانب عدد من الأغنيات التي تتسم بالعري والخروج عن الآداب الإسلامية؟

ـ لا فقد تعمدت أن تكون أناشيدي جنبا إلى جنب مع الأغنيات التي ذكرت، والهدف هو المساهمة في زرع بذرة الهداية في قلوب أولئك الأشخاص غير الملتزمين والذين يتابعون القنوات الموسيقية، فمن شأن النشيد الإسلامي أن يؤثر في نفوس العصاة ويهديهم إلى سواء السبيل، ولو كنت اقتصر في عرض أغنياتي على القنوات الإسلامية فقط، لخسرت عددا كبيرا من المشاهدين وحرمت من الأجر والثواب.

ـ لماذا كانت أغلب أناشيدك بالفصحى، ألا يمكن لكلمات الأناشيد أن تصاغ بلغة محلية مبسطة؟

ـ أحب أن تكون لغة القرآن الكريم هي اللغة الأساسية التي أنشر بها عملي من جهة، ومن جهة أخرى فإن الفصحى أكثر تقبلا وانتشارا ويفهمها جميع العرب.

ـ أنت ترفض استخدام الآلات الموسيقية في أناشيدك، وتستند إلى فتوى شرعية فيما لا يجد منشدون آخرون حرجا في ذلك فما حجة هؤلاء في رأيك؟

ـ بعض المنشدين أتوا بفتاوى معينة تبيح استخدام الآلات الموسيقية، اعتقد أن هذا شأنهم الخاص، أما بالنسبة لي فهو أمر لا يجوز شرعا ولست على استعداد لعمل أشياء محرمة حتى ولو كان الهدف من ورائها ساميا ونبيلا.

وبطبيعة الحال أنا أتميز عن بقية المنشدين بالقدرة على استعمال الصوت البشري، وأنسج ألحاني باستخدامه فقط من دون الاعتماد على الآلات.

ـ لكن ذلك يبدو أقل تكلفة من استعمال الآلات؟

ـ ليس صحيحا، خاصة وأن استخدام الصوت البشري ليس بالأمر السهل ويتطلب وقتا أطول في إنجاز الألبوم، ومن ثم فإني أحرص دائما على أفضل التقنيات في تسجيل الأناشيد.

ـ كيف طرأ إلى ذهنك أن تتبع هذا النمط من الموسيقى التي تعتمد على الصوت فقط؟

ـ لقد درست الموسيقى دراسة علمية وتعلمتها جيدا، ووجدت أن بعض الأصوات التي تصدرها الآلات الموسيقية يمكن أن يقلدها الإنسان، وهكذا بدأت الفكرة إلى أن طورتها، ولدي اليوم تلامذة يتعلمون هذه الطريقة في إصدار الأصوات.

ـ هل تتلقى دعما من أحد أم تنتج أعمالك على نفقتك الخاصة؟

ـ منذ أن بدأت في هذا الطريق كان هناك دوما شركات مستعدة لترويج أعمالي وإنتاجها، أما اليوم فأتعامل مع شركة «ميوزيك بوكس» التي افتتحت فرعا للأعمال الإسلامية وهي تستطيع الوصول بعملي إلى أبعد ما يمكن.

ـ هل من جديد تحضره هذه الأيام؟

ـ نعم أنجزت ألبومي الجديد الذي يضم 12 أنشودة بينها أربعة باللغة الانجليزية، وهناك عدد من الحفلات إضافة إلى فيديو كليب لإحدى الأغنيات الانجليزية سأصوره في تركيا.

حوار : نائل العالم