قال رياض بصيبص، الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة أمانة للاستثمار: «تُسرع دولة الإمارات الخطى نحو الازدهار الاقتصادي، بعد استضافتها حدث إكسبو دبي 2020 الناجح للغاية، ويتوقع أن ينمو اقتصادها خلال السنوات العشر المقبلة. في حين تشكل الرقمنة ركيزة أساسية للاستفادة من فرص النمو المستقبلية، لكن التكنولوجيا تلعب دوراً رئيسياً في قطاع البناء بشكل خاص لما لها من أهمية في مجال التخطيط والمراقبة والتوظيف وضمان تسليم المشاريع في الوقت المحدد».
وأشار رياض إلى أنه من المتوقع أن تصل قيمة قطاع الإنشاء والبناء العالمي إلى 14.41 تريليون دولار بحلول العام 2030، محققاً معدل نمو سنوي مركب نسبته 7.3٪ وذلك من 2022 إلى 2030. كما يتوقع أن يتوسع قطاع البناء في دولة الإمارات العربية المتحدة، بنسبة 4.2٪ في العام 2022 متأثراً بمعرض إكسبو 2020 والاستثمارات في السياحة والضيافة ومشاريع البنى التحتية العامة.
أما في قطاع البناء، فقد ساعدت الطائرات بدون طيار على تعزيز كفاءة البناء بشكل كبير من خلال تقليل الوقت والمخاطر والحاجة إلى القوى العاملة في الموقع. فضلاً عن دورها في رسم خرائط دقيقة ونماذج ثلاثية الأبعاد وتحسين مستويات سلامة العمال وأمنهم في مواقع البناء.
لكن كل ذلك ما هو سوى البداية، فنجاح قطاع البناء الآن بات يعتمد بشكل أساسي على استخدام تقنيات بناء متصلة عبر سلسلة القيمة، مما يعني دمج الأصول والأفراد والعمليات عبر نظام أساسي واحد ذكي وآمن.
وفي الوقت الحالي، فإن قطاع البناء لا يزال غير مترابط، ويضم الكثير من المهندسين المعماريين والمقاولين، الذين يعملون بشكل منفرد وباستخدام تقنيات بناء وتشييد تقليدية. الأمر الذي يمكن أن يؤثر في بعض الأحيان على تكامل المشروع، لكن من ناحية أخرى قد يكون فرصة لتبني الرقمنة على نطاق أوسع في هذا القطاع.
الاستجابة للتوجهات الرقمية
يجب على القائمين استكشاف طرق أكثر ذكاءً للاستفادة من الفرص الرقمية. وعلى الرغم من أن القيود المالية ونقص التدريب قد يؤثران في بعض الحالات مسيرة القطاع نحو الرقمنة، لكن يجب على مديري المشاريع الاستفادة من البرامج المتوفرة لجعل أعمال البناء الخاصة بهم أكثر ترابطاً ومرونة، داخلياً وخارجياً.
وبمجرد استخدامهم للبرامج سيكتشفون كيف يمكن لإنترنت الأشياء أن يسهم في تبسيط إجراءات المشتريات والتوزيع وتتبع السلع والخدمات. فالتكنولوجيا المتطورة مثل نمذجة معلومات البناء (BIM)، تعمل على تحسين الكفاءة من خلال توفير الوقت وخفض التكاليف. وهي تتيح التعاون من خلال الخوادم المستندة إلى السحابة والشبكة وتعزز من التنسيق بين فرق العمل والعملاء لإنجاز المشروع.
لقد مكنتنا تقنية نمذجة معلومات البناء (BIM) من تصميم مشاريعنا الرئيسية في المملكة العربية السعودية لشركة البحر الأحمر للتطوير بشكل متكامل. وقد عمل فريق تسليم المشروع لدينا مع مهندسين في مكاتب ودول مختلفة للتصميم والبناء في الوقت الفعلي، مما سيمكننا من تسليم المشروع في وقت قياسي.
وأضاف رياض: «إن البناء بالمجسمات الجاهزة يفوق البناء التقليدي، نظراً لما يوفره من مزايا تشمل الحد من هدر المواد بنسبة تصل إلى 30٪ وزيادة مستويات سلامة العمال بنسبة تصل إلى 70٪، مقارنة بالبناء التقليدي. لكن دوره في الحد من الحاجة إلى القوى العاملة بنسبة تصل إلى 30٪، يجعل منه الحل المثالي للتغلب على مشكلة نقص العمالة. في حين تتحكم الوحدة المركزية للمشتريات الموجودة داخل المصنع في الحد من مشكلة تجاوز تكلفة مواد البناء، وتحسن من وقت التسليم وتقلل من التكاليف اللوجستية».
وللاستفادة القصوى من منظومة تقنيات البناء المترابطة، يجب استخدام التقنيات المذكورة أعلاه لضمان تدفق البيانات في الاتجاهين إلى فرق العمل الداخلية والخارجية. وهنا لا يمكن تجاهل أهمية اعتماد التقنيات التي تعزز من أواصر التعاون بين الإدارات المختلفة، لما لها من دور فعال في تحسين الكفاءات التشغيلية والشفافية وتقليل الأخطاء والمساعدة في إتمام المشاريع بنجاح.
الترابط في البناء
وأكد بصيبص أنه يجب على قطاع البناء النظر إلى ما هو أبعد من المزايا الواضحة مثل التكلفة، والكفاءة. فالترابط في البناء يوفر العديد من الفوائد البيئية. حيث تسهم محطات شحن EV وPropTech وحلول المنزل الذكي ومصادر الطاقة المتجددة وخدمات التحكم في المرافق المتكاملة والمنصات القائمة على إنترنت الأشياء وSaaS على تحسين كفاءة الطاقة في المرافق الحالية.
ويضمن الإنشاء بالمجسمات الجاهزة، على وجه الخصوص، الحد الأدنى من الاضطراب في البيئة المحيطة مقارنة بممارسات البناء التقليدية. على سبيل المثال، قامت شركة دوبوكس DuBox (التابعة لأمانة للتصميم بالمجسمات الجاهزة والبناء الخرساني خارج الموقع) بتحويل 80 بالمائة من أنشطة العمل التقليدي إلى منشأة تصنيع خاضعة للرقابة، مما أدى إلى تقليل الحاجة إلى القوى العاملة في الموقع، وهو حل مثالي ما بعد جائحة كوفيد-19.
علاوة على ذلك، فإن إجراءات تشغيل المصنع المتكررة والمبسطة والموحدة تزيد مستويات الأمان والصحة والنظافة في بيئة العمل، وتحد من معدلات الهدر كما هو الحال في موقع البناء. مما لا شك به أن مثل هذه الحلول كفيلة بتغير قوانين القطاع في مجال إنشاء المباني المستدامة والحفاظ على البيئة، لأنها تقلل بشكل كبير من الانبعاثات الكربونية.
وفي الوقت الذي تسارع فيه دول مجلس التعاون الخليجي الخطى للتحول إلى مستقبل خالٍ من الكربون، فإن قطاع البناء له الدور الأكبر في تحقيق أجندة الاقتصاد الدائري، إذ إنه مسؤول عن ثلث الانبعاثات الكربونية في العالم. والأهم هو مساعدة الإنشاءات الصناعية الدول لتحقيق أهدافها الرامية إلى تحييد الكربون.
وبينما تتطلع دولة الإمارات العربية المتحدة للمضي قدماً بخطى ثابتة، فإن قطاع البناء يستعد لتحقيق نمو هائل في المستقبل. وسيؤدي الابتكار واعتماد تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات والتحول نحو الممارسات المستدامة إلى وضع قطاع الإنشاء والبناء على المسار السريع للنمو، يما يتماشى مع طموحات دول مجلس التعاون الخليجي في وصول قيمة اقتصادها إلى تريليون دولار أمريكي بحلول العام 2025 من خلال التنمية الحضرية المستدامة.