كشف أحدث تقارير المستجدات الاقتصادية للشرق الأوسط، الذي أعدته «أكسفورد إيكونوميكس» بتكليف من معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز ICAEW، عن آفاق إيجابية على مستوى المنطقة، رغم تأزم المشهد العالمي في ظل الانخفاض الكبير لنمو إجمالي الناتج المحلي العالمي على خلفية ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة. ويُقدّر الآن نمو إجمالي الناتج المحلي للشرق الأوسط في 2022 عند 5.5% بزيادة طفيفة عن توقعات «أكسفورد إيكونوميكس» قبل ثلاثة أشهر.
وبحسب تقرير الربع الثالث، فإن الآفاق الإيجابية للشرق الأوسط ترتكز على توقعات قوية للزخم والنشاط في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. ومن المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 6.7 % هذا العام، وهو أسرع معدل منذ 2011، مدعوماً بارتفاع إنتاج النفط، وإعادة تسخير الإيرادات الحكومية في مبادرات الاستثمار، وبدرجة أقل، إنفاق الأسر والشركات. ومع ذلك، فإن احتمالية حدوث ركود عالمي وتأثيره على الطلب على النفط لا يزال يمثل خطراً سلبياً رئيسياً لهذه النظرة.
وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن يبلغ متوسط أسعار النفط 103.8 دولارات أمريكية للبرميل، متراجعاً من متوسط الربع الثاني البالغ 113.5 دولاراً أمريكياً للبرميل، إلا أنه يظل داعماً للمالية العامة، ومن المتوقع أن تسهم في تحقيق فائض إجمالي في الميزانية بنسبة 9.7% من إجمالي الناتج المحلي لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وهو الأكبر منذ العام 2012.
ومن المفترض أن يؤدي هذا إلى انخفاض نسب الدين إلى إجمالي الناتج المحلي، حيث تحتفظ معظم دول مجلس التعاون الخليجي بقدر كبير من احتياطاتها المالية. كما أن أسعار التعادل المالي في الموازنات العامة (حسب تقديرات صندوق النقد الدولي) هي أقل من 80 دولاراً للبرميل في جميع دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء البحرين، مما يشير إلى أن النمو الاقتصادي في جميع أنحاء المنطقة سيظل قوياً في الأشهر القادمة.
واكتسب نشاط السفر والسياحة زخماً ملموساً أيضاً، متجاهلاً تأثير العملات الإقليمية القوية المرتبطة بالدولار، ليُعزز من الانتعاش غير النفطي. وتتفوق وتيرة الرحلات القادمة إلى المنطقة على نظيراتها العالمية، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى استضافة الأحداث الدولية الكبرى في المنطقة خلال العام 2022، بما في ذلك بطولة كأس العالم لكرة القدم المرتقبة في قطر، والتي تأمل في جذب 1.5 مليون زائر. ويبدو أن قطر مستعدة لتجاوز مستويات 2019 هذا العام (2.1 مليون زائر)، مع استفادة دول أخرى، وتحديداً الإمارات.
ويتوقع معهد المحاسبين القانونيين أن يبلغ متوسط التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي 3.1 % هذا العام، مرتفعاً من 2.3 % في 2021، قبل أن يتراجع إلى 2.7 % في 2023. ونظراً لارتباط العملات بالدولار الأمريكي، تميل أسعار الفائدة الإقليمية إلى عدم الخروج كثيراً عن مسار الولايات المتحدة، والتي من المتوقع أن تستمر في الارتفاع حتى أوائل 2023.