قيمتها 100 مليار دولار .. لماذا ارتفعت أسعار الشوكولاتة؟

تشهد أسعار الشوكولاتة ارتفاعًا ملحوظًا في الفترة الحالية، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى تأثيرات تغير المناخ على زراعة الكاكاو، الذي يُعد المكون الأساسي في صناعة الشوكولاتة.

وتتركز زراعة الكاكاو في أربع دول رئيسية في غرب أفريقيا، هي كوت ديفوار وغانا والكاميرون ونيجيريا، حيث تُنتج هذه المنطقة نحو 70% من الإمدادات العالمية لهذه السلعة التي تقدر قيمتها بأكثر من 100 مليار دولار.

وتعتمد زراعة الكاكاو على ظروف مناخية محددة، مثل الرطوبة العالية والأمطار الوفيرة والتربة الغنية، وهي ظروف تتأثر سلبًا بارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ.

وأظهرت تقارير حديثة أن الاحتباس الحراري أدى إلى زيادة عدد الأيام التي تتجاوز فيها درجات الحرارة النطاق الأمثل لنمو أشجار الكاكاو، مما أثر على جودة وكمية المحصول.

ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة "كلايمت سنترال"، أدى تغير المناخ إلى إضافة ستة أسابيع على الأقل من الأيام الحارة فوق المعدل الطبيعي في ثلثي مناطق إنتاج الكاكاو في غرب أفريقيا خلال العام الماضي، ما ساهم في انخفاض الإنتاج وارتفاع الأسعار. كما أدت التغيرات المناخية إلى تفاقم مشاكل أخرى مثل الجفاف وانتشار الأمراض النباتية، مما زاد من صعوبة زراعة الكاكاو.

وأشارت كريستينا دال، نائبة رئيس قسم العلوم في "كلايمت سنترال"، إلى أن النشاط البشري هو المسؤول الرئيسي عن هذه التغيرات، داعية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وقالت: "إن أحد الأطعمة التي يحبها العالم معرض للخطر بسبب تغير المناخ، وهذا يجب أن يدفعنا إلى إعادة التفكير في أولوياتنا".

ولم تقتصر التأثيرات السلبية على الإنتاج فحسب، بل امتدت إلى الأسعار أيضًا، فقد ارتفعت أسعار الكاكاو العالمية بنسبة 144% في ديسمبر الماضي، وفقًا لبيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي، ما أدى إلى زيادة تكاليف إنتاج الشوكولاتة وارتفاع أسعارها للمستهلكين. ومع ذلك، لا يستفيد المزارعون من هذه الزيادة في الأسعار، حيث يواجهون ارتفاعًا في تكاليف الزراعة بسبب التغيرات المناخية.

وتقول جوزفين جورج فرانسيس، إحدى مزارعات الكاكاو في ليبيريا، إن المزارعين في غرب أفريقيا يخسرون المال بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، داعية إلى تبني نهج أكثر استدامة يضع المزارعين في صلب الاهتمامات.

ولا يقتصر تأثير تغير المناخ على الكاكاو فحسب، بل يمتد إلى مكونات أخرى في صناعة الحلويات، مثل السكر، الذي شهد أيضًا ارتفاعًا في الأسعار بسبب الظروف المناخية القاسية التي أثرت على إنتاج قصب السكر.

وفي مواجهة هذه التحديات، بدأت بعض شركات الشوكولاتة الكبرى، مثل "مارس" و"هيرشي"، في تقليل كمية الكاكاو في منتجاتها أو تقديم بدائل خالية من الكاكاو. ومع استمرار ارتفاع الأسعار، يتوقع الخبراء تراجعًا في الطلب على الشوكولاتة، حتى في المناسبات.

ويبقى السؤال الأكبر: هل يمكن إنقاذ صناعة الشوكولاتة من تأثيرات تغير المناخ؟ الإجابة تكمن في اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من الانبعاثات ودعم المزارعين لمواجهة التحديات المناخية، مما قد يساعد في الحفاظ على هذه السلعة المحبوبة في المستقبل.