تعهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية شاملة على جميع السلع القادمة إلى أمريكا قد يسبب فوضى لصناع السيارات الأوروبيين، وخاصة قطاع السيارات الألماني المتعثر والذي يعد من بين الأكثر عرضة للخطر.
وفي حديثه أثناء حملته الانتخابية في أواخر سبتمبر، أعلن ترامب عن رغبته في تحويل عمالقة صناعة السيارات الألمانية إلى شركات سيارات أمريكية.
وقال ترامب في سافانا، جورجيا: «أريد أن تصبح شركات السيارات الألمانية شركات سيارات أمريكية. أريدهم أن يبنوا مصانعهم هنا». وأضاف أن كلمة «تعرفة» كانت «إحدى أجمل الكلمات التي سمعتها في حياتي» و«موسيقى في أذنيّ» بحسب شبكة «سي إن بي سي» الأمريكية.
ومنذ ذلك الحين، أعلن ترامب عن خطط لفرض رسوم جديدة على الصين وكندا والمكسيك كأحد أول أعماله عند توليه المنصب. تشمل هذه التدابير فرض رسوم إضافية بنسبة 10% على جميع المنتجات الصينية القادمة إلى الولايات المتحدة، ورسوم بنسبة 25% على جميع السلع القادمة من كندا والمكسيك.
هذا وقد تراجعت أسهم شركتي فولكسفاغن وبي إم دبليو بنحو 23% منذ بداية العام، في حين انخفضت أسهم مجموعة مرسيدس-بنز بنسبة 13% خلال الفترة ذاتها.
المخاوف الأوروبية
لم يتم ذكر أوروبا في أول إعلان لترامب عن الرسوم الجمركية، ولكن من المحتمل أن يكون صناع السياسة في الاتحاد الأوروبي قلقين من أن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن يوجه الرئيس المنتخب انتباهه إلى قطاع السيارات في التكتل المؤلف من 27 دولة.
بالنسبة لألمانيا، يأتي احتمال فرض رسوم أمريكية على السيارات الأوروبية في وقت يعاني فيه كبار مصنعي المعدات الأصلية في البلاد.
فقد أصدرت كل من فولكس فاغن ومرسيدس-بنز وبي إم دبليو تحذيرات من انخفاض الأرباح في الأشهر الأخيرة، مشيرة إلى ضعف الاقتصاد والطلب البطيء في الصين، أكبر سوق للسيارات في العالم.
وقال ريكو لويمان، كبير الاقتصاديين في قطاع النقل واللوجستيات في البنك الهولندي ING، إن قطاع السيارات في ألمانيا يبدو أنه معرض بشكل كبير لتهديدات ترامب بفرض الرسوم الجمركية.
ألمانيا هي أكبر مصدر للسيارات في أوروبا إلى الولايات المتحدة، حيث بلغت صادراتها 23 مليار يورو (24.2 مليار دولار) العام الماضي، وفقاً لبيانات يوروستات.
وأشار لويمان إلى أن فرض الرسوم الجمركية على شركات السيارات الألمانية سيجعل الوضع السيئ أصلاً أسوأ.
بينما اختار بعض المحللين عدم أخذ تعهد ترامب بتحويل الشركات الألمانية لصناعة السيارات إلى شركات أمريكية على محمل الجد، إلا أنهم يحذرون من أن الرسوم الجمركية الأمريكية الإضافية ستزيد من التحديات التي تواجهها صناعة السيارات العالمية.
وقال مايكل روبينيه، المدير التنفيذي للاستشارات في صناعة السيارات لدى S&P Global Mobility «كانت هذه مجرد تصريحات خلال الحملة الانتخابية، لكن سيكون هناك بعض الضغط على الواردات، سواء كان ذلك من خلال رسوم جمركية أو بعض الإجراءات الأحادية الأخرى».
وأضاف: «منطقة ما زالت مثيرة للقلق لكثير من الاقتصاديين، بمن فيهم أنا، هي حقيقة أننا لا نزال نتحرك حول نسبة بطالة تقارب 4% في الولايات المتحدة، لذا فإن محاولة دفع المزيد من العمل في أمريكا ستكون معضلة».
اتفاقية USMCA
إلى جانب الرسوم الجمركية التي اقترحها ترامب على الصين وكندا والمكسيك، تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب بفرض رسوم شاملة تتراوح بين 10% و20% على جميع السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا التعهد سيصبح سياسة رسمية للولايات المتحدة.
وقال متحدث باسم شركة فولكسفاغن عبر البريد الإلكتروني: «نحن نقيم الرسوم الجمركية التي اقترحها ترامب».
وأشارت الشركة، التي يقع مقرها الرئيسي في مدينة فولفسبورغ بألمانيا، إلى أن أكثر من 90% من السيارات التي تبيعها حالياً في السوق الأمريكية يتم تصنيعها في أمريكا الشمالية وتستوفي المعايير المؤهلة للإعفاء من الرسوم الجمركية بموجب اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
ومع ذلك، يُعتقد أن الرسوم المقترحة من قبل ترامب على كندا والمكسيك قد تؤدي إلى إنهاء اتفاقية USMCA.
وفي الوقت نفسه، قالت شركة مرسيدس بنز إنها توظف أكثر من 11 ألف شخص في الولايات المتحدة، وتنتج بشكل أساسي سيارات الركاب والشاحنات الصغيرة عبر 12 موقعاً رئيسياً.
رفضت شركة بي إم دبليو التعليق على التهديدات المتعلقة بالرسوم الجمركية التي اقترحها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، لكنها أكدت أنها تمتلك شبكة من 30 موقعاً عبر 12 ولاية أمريكية، بما في ذلك أكبر منشأة إنتاج فردية لشركة بي إم دبليو في العالم، في سبارتانبورغ، بولاية ساوث كارولينا.