أكد عبد السلام محمد آل علي مدير وممثل دولة الإمارات العربية المتحدة لدى منظمة التجارة العالمية في جنيف أنه ليس لدولة الإمارات أي معوقات أو مشكلات داخل منظمة التجارة العالمية لسبب بسيط وهو أن الإمارات منذ انضمامها إلى المنظمة قبل حوالي 20 عاماً، كانت ولا تزال تؤكد في جميع المؤتمرات الوزارية التي شاركت فيها تمسكها والتزامها الحقيقي والمسؤول بالنظام التجاري متعدد الأطراف، لاسيما في جانبه المرتبط بالتنمية وفقاً لما نصّ عليه إعلان الدوحة الوزاري.

وأوضح أن هذا الأمر أكده بيان معالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد في مؤتمر نيروبي، وكذلك باعتبار النظام التجاري متعدد الأطراف أداة تمكينية قوية للنمو الاقتصادي في إطار الامتثال للقواعد والضوابط المتفق عليها وتقييد الإجراءات الحمائية من جانب واحد وخارج إطار المشاورات مع الشركاء.

وأشار عبد السلام محمد آل علي في مقابلة مع «البيان» إلى أن مكتب الإمارات لدى منظمة التجارة العالمية في جنيف شرع في التحضير للمراجعة الثالثة للسياسة التجارية للدولة والمقررة في بداية شهر يونيو 2016، علماً أن اقتصاد الإمارات قد قطع أشواطاً مهمة منذ آخر استعراض للسياسة التجارية في 2012. وفيما يلي نص الحوار:

هل يمكن إلقاء الضوء على مهام مكتب الإمارات لدى منظمة التجارة العالمية في جنيف؟

يتابع مكتب الإمارات لدى المنظمة الاجتماعات التي تعقد بمقر المنظمة بشكل يومي، سواء للجان المتخصصة، وأبرزها لجنة الزراعة، لجنة النفاذ إلى الأسواق، لجنة التجارة والتنمية، لجنة مكافحة الإغراق، لجنة تدابير الاستثمار المتصلة بالتجارة، لجنة الاتفاقات التجارية الإقليمية، لجنة الصحة والصحة النباتية وغيرها. وهناك أيضاً المجالس المختلفة كمجلس التجارة في الخدمات، مجلس جوانب الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة، المجلس العام إلخ، والأجهزة والهيئات كجهاز تسوية المنازعات، جهاز مراجعة السياسات التجارية للدول الأعضاء. كما تجري مشاورات ثنائية مع الدول الأعضاء في المنظمة والتي لديها اهتمام مباشر أو مصالح مشتركة مع الإمارات، وكذلك الاجتماعات التنسيقية والتشاورية مع وفود الدول العربية الأعضاء في المنظمة أو مع وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

تواصل وتنسيق

ماذا عن التعاون المشترك والعلاقة مع منظمة التجارة العالمية؟

هناك تواصل وتنسيق دائم بين وزارة الاقتصاد ومكتب الإمارات الذي يحرص على أن يعكس مستوى التمثيل التجاري للدولة في جنيف تميزها وابتكارها في الميدان الاقتصادي وأن يتجاوب مع الأهمية المتزايدة لمنظمة التجارة العالمية وأسلوب العمل والمفاوضات التي تجري في إطار النظام التجاري متعدد الأطراف.

والمنظمة تحكمها اتفاقات تجارية ملزمة للدول التي وقعت على اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية في 1995، ومن بينها الإمارات، وبالتالي فإن علاقة مكتب الإمارات مع منظمة التجارة العالمية هي علاقة تنسجم مع صورة وتوجهات الدولة وخياراتها التجارية، باعتبارها عضواً أصيلاً في المنظمة ولديها نظام تجاري فاعل ومنفتح، واقتصاد يتميز بالتنافسية العالمية والتنوع والانسجام مع قواعد وأحكام النظام التجاري متعدد الأطراف.

وللعلم فإن المنظمة بجميع لجانها ومجالسها وهيئاتها المتخصصة، بما في ذلك مديرها العام نفسه، تركّز حالياً على الاجتماعات المكثفة واليومية في إطار التحضير للمؤتمر الوزاري العاشر المقرر انعقاده في كينيا من 15 إلى 18 ديسمبر. وكان من المنتظر أن يتم إعداد برنامج عمل ما بعد مؤتمر بالي بإندونيسيا في 2013، وهو برنامج عمل حاسم ومحوري، لأنه يشمل أغلب المواضيع وخاصة ما يعرف بالملفات الجوهرية الثلاثة، أي الزراعة والخدمات والمنتجات غير الزراعية. لكن الدول الأعضاء لم تنجح في إنهاء برنامج العمل، وتعمل الدول الأعضاء الآن على الوصول إلى توافق بشأن مرحلة ما بعد نيروبي.

لذا فإن الدول الأعضاء تشارك في الاجتماعات التحضيرية التي تتّسم في بعض الأحيان ببعض الحدّة بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية وأقلها نمواً، خصوصاً وأن هذه الاجتماعات الجارية في لجنة المفاوضات التجارية التي يرأسها المدير العام، روبيرتو أزيفيدو، تسير في جو يسوده القلق وبعض المخاوف بشأن مستقبل جولة الدوحة للتنمية في مرحلة ما بعد مؤتمر نيروبي.

طالبت منظمة التجارة العديد من الدول بتبسيط الإجراءات وتسهيل القوانين الاستثمارية وتقديم الخدمات اللازمة للمستثمرين، فإلى أي مدى استطعتم تحقيق هذا؟

تشير معظم التقارير العالمية التي يرصدها مكتب الدولة في جنيف إلى أن التسهيلات التي تقدمها الدولة للتجارة العالمية تساهم بشكل كبير في تعزيز مكانة الإمارات على خارطة التجارة الدولية. فالتنمية الاقتصادية، بالنسبة للدولة، كانت دائماً ولا تزال هدفاً يحظى بالأولوية عبر كل مراحل مسيرتها الاتحادية، كما أن السياسة الاقتصادية للدولة تقوم على مبادئ الحرية الاقتصادية وقواعد الانفتاح الاقتصادي لتنويع مصادر الدخل القومي وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، وبالتالي فإن جذب الاستثمار الأجنبي المباشر هو جزء من هذه الأهداف.

ويقدم مكتب الإمارات الإرشادات للمستثمرين ويعرفهم بالبيئة الاستثمارية في الدولة والحوافز والعوامل الموضوعية التي يبحث عنها صاحب أي مشروع استثماري أجنبي. من بين هذه العوامل التحفيزية في الإمارات، توافر ونوعية الطرق التي تستجيب لأحدث المعايير الدولية، كفاءة الإجراءات الجمركية، النقل والبنية التحتية للاتصالات، كفاءة إجراءات الاستيراد والتصدير، الأمن العام، بيئة الأعمال، البيئة التنظيمية، الشفافية في إدارة الحدود، جودة البنية الأساسية للنقل الجوي، وجودة البنية الأساسية لقطاع الموانئ، جودة الطرق، الكفاءة الحكومية.

تحديات

ما هي التحديات التي تواجه عملكم؟

من الناحية العملية، يؤدي مكتب الدولة عمله بشكل منتظم ويشارك المكتب في الاجتماعات الدورية، بما فيها الاجتماعات على مستوى رؤساء الوفود، سواء داخل المجموعة العربية أو المجموعة الخليجية، ويتم ذلك بطبيعة الحال في إطار التنسيق والتشاور المسبق مع وزارة الاقتصاد، بالإضافة إلى التواصل والتشاور مع عبيد سالم الزعابي، رئيس الوفد الدائم للإمارات في جنيف.

ويحرص مكتب الإمارات دائماً على تبادل الآراء وتنسيق المواقف بشكل أساسي ومنتظم مع وفود دول التعاون سواء في إطار اجتماعات تشاورية لتوحيد المواقف التفاوضية بخصوص القضايا ذات الاهتمام المشترك داخل المنظمة، كمواضيع المؤتمر الوزاري العاشر والإخطارات الخليجية التي تهم قوانين وتشريعات خليجية موحدة على سبيل المثال، أو لمتابعة المواضيع والقضايا في إطار الاجتماعات الدورية للجنة منظمة التجارة لدول التعاون.

خطة متكاملة

ما هي برامجكم المستقبلية في مكتب جنيف في إطار السياسات الاقتصادية للدولة؟

منذ تسلمي مهامي كمدير لمكتب الإمارات لدى منظمة التجارة العالمية في فبراير من العام الماضي، شرعت في وضع خطة متكاملة وواضحة المعالم ستساهم في تحسين أداء المكتب. ونحرص على أن يكون لنا دور تفاعلي ومؤثر، لكن أهمية جنيف لا تنحصر فقط في عمل المنظمة، لأن جنيف هي مقر جميع المنظمات الدولية المعنية بالاقتصاد (باستثناء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي)، وأهم الاتحادات الصناعية ونقابات العمال، إضافة إلى عدد كبير من الصحافيين المعتمدين بصفة دائمة، وآلاف المجموعات التي تعمل في الأروقة، وشبكات تضم مختلف القطاعات، ومؤسسات أكاديمية، وخبراء، ومقرات رئيسية للشركات متعددة الجنسية إلخ.

لذلك يمكن للمكتب أن يلعب دوراً رئيسياً في خدمة الدبلوماسية الاقتصادية والتجارية للدولة بفضل قرب موقعه الجغرافي وروابط التعاون المتينة مع المسؤولين في المؤسسات والحكومات الأوروبية، والمنظمات الدولية المتمركزة في أوروبا كـ(المنظمة العالمية للملكية الفكرية والاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية والمنظمة العالمية للجمارك وغيرها)، والمسؤولين الدوليين الذين يمثلون وفودهم وسفاراتهم في بروكسل أو في جنيف، ناهيك عن المسؤولين الذين يتوافدون من العواصم بانتظام.

ماذا عن مخرجات المؤتمر الوزاري العاشر الذي انعقد في كينيا والمشاركة في المؤتمر؟

لابد أولاً من الإشارة إلى ما سبق الدورة من مناقشات ومشاورات مكثفة في جنيف أثناء عملية التحضير للمؤتمر. فقد كان المؤتمر على وشك عدم الانعقاد بسبب تضارب مواقف الدول الأعضاء، بحيث احتدم الجدل داخل لجنة المفاوضات التجارية التي يرأسها المدير العام بخصوص مسودّة الإعلان الوزاري. وتابع مكتب الدولة هذه المشاورات عن كثب وقدّم مدير المكتب مداخلات للتأكيد على التزام الإمارات بالنظام التجاري متعدد الأطراف كمحفل أساسي للمفاوضات، وحث الدول الأعضاء على تقديم مقترحات تسير في اتجاه تعزيز هذا النظام وتقريب وجهات النظر بدل التمسك بالمواقف التقليدية نفسها التي كانت سبباً في عدم تنفيذ الالتزامات في إطار جولة الدوحة للتنمية.

أما فيما يتعلق بأعمال المؤتمر الوزاري ذاته، فقد قام مكتب الدولة بواجبه قبل وأثناء وبعد المؤتمر، وذلك بالتعاون الوثيق مع وزارة الاقتصاد. ويمكن القول إن مشاركة الوفد الوزاري للدولة في المؤتمر الوزاري كانت متميزة وفعّالة. فقد ترأس وفد الإمارات معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري، وعضوية مسؤولين من مختلف القطاعات والدوائر الحكومية، كالعمل والجمارك والاتصالات والداخلية والصحة وغيرها.

هل لديكم أي تحفظات أو ملاحظات حول بنود الاتفاقيات الدولية في منظمة التجارة؟ وما هي المعوقات والمشكلات التي تواجهكم؟

يجب التأكيد أنه ليس للإمارات أي معوقات أو مشكلات داخل المنظمة، لسبب بسيط هو أن الإمارات، ومنذ انضمامها إلى المنظمة قبل حوالي 20 عاماً، كانت ولا تزال تؤكد في جميع المؤتمرات الوزارية التي شاركت فيها تمسكها والتزامها الحقيقي والمسؤول بالنظام التجاري متعدد الأطراف، لاسيما في جانبه المرتبط بالتنمية وفقاً لما نصّ عليه إعلان الدوحة الوزاري.

أما بخصوص التحفظات أو الملاحظات على بنود الاتفاقات الدولية في المنظمة، فيجب التمييز بين الاتفاقات متعددة الأطراف والتي تنص عليها اتفاقية مراكش لإنشاء منظمة التجارة العالمية، والاتفاقات معدودة الأطراف. الإمارات صادقت على اتفاقية مراكش، لكنها في عام 2006 انضمت إلى اتفاقية تكنولوجيا المعلومات التي أبرمت في 1996، غير أنها قررت عدم الانضمام إلى المشاورات التي جرت في السنتين الأخيرتين بهدف تعديل هذه الاتفاقية وتوسيع نطاقها.

علاقات متينة مع سويسرا

أكد عبد السلام محمد آل علي مدير مكتب الإمارات لدى منظمة التجارة العالمية في جنيف أن العلاقة بين الإمارات وسويسرا تاريخية ومتينة وتغطي مجالات عدة، وقد أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. وهذه العلاقة ترقى إلى مستوى أعلى من مجرد اتفاقيات ثنائية أو تبادل زيارات الوفود ومختلف الفعاليات، لأن البلدين يحرصان على التشاور والاحترام المتبادل وتبادل الزيارات الرسمية رفيعة المستوى. وهناك مجلس الصداقة الإماراتي - السويسري وهو منتدى للتبادل يستهدف تمتين العلاقات الاقتصادية، وتبادل المعلومات والخبرات في مجالات الابتكار العلمي والبحث والتعليم العالي والتكنولوجيا النظيفة والصحة والبنى التحتية، بالإضافة إلى الرياضة والثقافة والفنون والسياحة.

وتأتي سويسرا في المرتبة 7 من حيث الأهمية النسبية لحجم التجارة الخارجية للدولة وبوزن نسبي 3.8%، كما أن سويسرا تأتي في المرتبة 4 بالنسبة لأهمية الدول المستوردة من الإمارات بوزن نسبي يفوق 6.3% من حجم صادرات الدولة. أضف إلى ذلك أن عدد الشركات التجارية والوكالات التجارية والعلامات التجارية المسجلة بوزارة الاقتصاد حتى نهاية العام الماضي 92 شركة و177 وكالة و11552 علامة تجارية.

تسوية المنازعات معيار النجاح

يعد الاتفاق الخاص بجهاز تسوية المنازعات أهم وأقوى اتفاق في منظمة التجارة العالمية بالإضافة إلى جهاز مراجعة السياسات التجارية. والجهاز ينظر في الشكاوى التجارية التي ترفعها الدول الأعضاء. وقد نظر الجهاز في مئات القضايا منذ إنشاء المنظمة، لذا يرى كثيرون بأنه يشكل معيار نجاح المنظمة لأن قراراته تسري على جميع الدول الشركاء مهما كان حجم اقتصادها. جنيف - البيان

عضو مؤسس للمنظمة

انضمت الإمارات رسمياً إلى منظمة التجارة العالمية قبل حوالي عشرين عاماً، وتحديداً في 10 أبريل 1996، وبذلك تعتبر من الأعضاء المؤسسين لهذه المنظمة. ولم يأتِ هذا الانضمام بمجرد الصدفة كما يقال، بل جاء تتويجاً لسنتين من المفاوضات المكثفة مع أهم الشركاء التجاريين الأعضاء، بالإضافة إلى فريق متخصص من سكرتارية المنظمة زار الإمارات أكثر من مرة للوقوف على جهود الدولة في ملاءمة نظامها التجاري مع قواعد المنظمة. ومنذ ذلك الحين والإمارات تشارك بشكل إيجابي ومسؤول في مختلف الجولات التفاوضية والمؤتمرات الوزارية وتساهم بفاعلية في تعزيز النظام التجاري متعدد الأطراف.

ومنظمة التجارة العالمية تعد محفلا تفاوضيا دوليا يتيح للدول الأعضاء فرصة التباحث والتشاور بشأن القضايا والمشاكل التجارية التي تقع بين الشركاء التجاريين والمتعلقة بالتعريفات الجمركية وغير الجمركية، وذلك على أساس بنود الاتفاقات التي تشملها اتفاقية مراكش لإنشاء منظمة التجارة العالمية. وهذه الاتفاقات تغطي مجالات الزراعة، الصحة والصحة النباتية، المنسوجات والملابس، وكذلك القيود الفنية أمام التجارة العالمية، إلى جانب إجراءات الاستثمار المتصلة بالتجارة، قواعد المنشأ، إجراءات مكافحة الإغراق، والجوانب المتصلة بحقوق الملكية الفكرية، والخدمات وغيرها. جنيف - البيان