رغم تعهد ما يقرب من 140 دولة بوقف إزالة الغابات بحلول عام 2030 في قمة المناخ عام 2021، ورغم الجهود التي يبذلها برنامج الأمم المتحدة للبيئة من خلال إقامة المنتديات الإقليمية، لا تزال مشكلة إزالة الغابات تتفاقم بحدة.
في تقرير حديث، كشف الباحثون عن تزايد حاد في إزالة الغابات على مستوى العالم خلال العام الماضي، مما يشكل تحديًا خطيرًا للطموحات البيئية الرامية إلى الحد من أزمة التغير المناخي والحفاظ على الحياة البرية.
يأتي هذا التصاعد في الوقت الذي كانت قد تعهدت فيه 140 دولة في قمة المناخ لعام 2021 بالقضاء على إزالة الغابات بحلول نهاية العقد الجاري، لكن الأرقام تظهر أن الأهداف العالمية لا تزال بعيدة المنال.
وبحسب تقرير أوردته صحيفة الغارديان البريطانية فإن عام 2023 شهد إزالة نحو 6.4 ملايين هكتار من الغابات بالكامل، فيما تعرض نحو 62.6 مليون هكتار للتدهور نتيجة أنشطة قطع الأشجار، ونشوب الحرائق، وإنشاء الطرق.
وأوضح التقرير أن الزيادات الكبيرة في معدلات إزالة الغابات في دول مثل إندونيسيا وبوليفيا كانت مدفوعة بالطلب المتزايد على السلع الأساسية، بما في ذلك لحوم الأبقار، وفول الصويا، وزيت النخيل، وهو ما يرتبط بتزايد الاستهلاك في البلدان الغنية.
وحذّر إيفان بالميجياني، المستشار في مجموعة "كلايمت فوكس لأبحاث البيئة" وأحد كتاب التقرير، من أن العالم لا يسير على المسار الصحيح لتحقيق هدف القضاء على إزالة الغابات بحلول عام 2030، وأوضح قائلاً: "نحن الآن على بُعد ست سنوات فقط من الموعد النهائي، لكن الغابات لا تزال تُدمر وتتعرض للتخريب بمعدلات تنذر بالخطر". وأضاف بالميجياني أن الأمر يتطلب التزامًا عالميًا أكبر لتصحيح المسار الحالي، خاصة من قبل الدول الصناعية التي يجب أن تعيد النظر في سياسات الاستهلاك.
وأبرز التقرير نجاحًا لافتًا في خفض إزالة الغابات في الأمازون البرازيلية، حيث تمكنت حكومة الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا من تقليص عمليات الإزالة بنسبة 62% في أول عام من حكمها. ومع ذلك، أشار التقرير إلى تزايد التصحر في منطقة سيرادو البرازيلية بنسبة 68%، مما يعكس تحديات مستمرة تواجه جهود حماية الغابات.
من جهتها، نبهت إيرين ماتسون، المستشارة البارزة في "كلايمت فوكس"، إلى أن التقدم الإيجابي يمكن أن يتبدد بسرعة إذا تغيرت الظروف الاقتصادية أو السياسية.
وأوضحت: "شهدت إندونيسيا وحدها ارتفاعًا بنسبة 57% في التصحر خلال عام واحد، مدفوعًا بالطلب المتزايد على منتجات مثل الورق والمعادن".
في الوقت ذاته، سجل التقرير خطوات إيجابية في بلدان مثل أستراليا وكولومبيا وباراغواي نحو الحد من التصحر، إلا أن الوضع يختلف في الغابات المعتدلة في أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية، حيث سُجلت مستويات مرتفعة من إزالة الغابات خارج المناطق الاستوائية.
وعلى صعيد السياسات، يعاني الاتحاد الأوروبي من ضغوط سياسية أدت إلى تأجيل قوانين جديدة كان من شأنها حظر المنتجات المرتبطة بإزالة الغابات، مثل القهوة والشوكولاتة، مما يؤكد أن الإجراءات الطوعية لم تكن كافية لتحقيق الأهداف البيئية خلال السنوات الماضية.
ويؤكد التقرير على ضرورة زيادة التمويل لحماية الغابات، وتعزيز حقوق السكان الأصليين في الأراضي، وتقليل الطلب على السلع المنتجة من خلال إزالة الغابات لضمان مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.