حدد تقرير المخاطر العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أبرز 7 مخاطر تواجه العالم خلال العام الجاري، وصنف المخاطر ضمن فئتين، الأولى تشمل أبرز المخاطر من حيث احتمالية حدوثها، أما الثانية فتشمل أهم المخاطر من ناحية التأثير.
وهيمنة القضايا البيئية على قائمة أبرز المخاطر من حيث احتمالية الحدوث العام الجاري، حيث جاءت ظروف الطقس القاسية في المرتبة الأولى يليها فشل الإجراءات الخاصة بالمناخ ثانياً، بالإضافة إلى الضرر الذي يلحقه الإنسان بالبيئة في المرتبة الثالثة، وحلّت الأمراض المعدية رابعاً، يليها فقدان التنوع البيولوجي خامساً، فيما حل تركز القوة الرقمية سادساً، ومن ثم عدم المساواة الرقمية سابعاً.
وحلّت الأمراض المعدية على قائمة أبرز المخاطر لعام 2021 من ناحية التأثير، يليها فشل الإجراءات الخاصة بالمناخ، ومن ثم أسلحة الدمار الشامل يليها خسارة التنوع البيولوجي وأزمات الموارد الطبيعية والضرر الذي يلحقه الإنسان بالبيئة، بالإضافة إلى الأزمات المعيشية.
الأمراض المعدية
وأظهرت نتائج التقرير أن 5 مخاطر تشكل تهديداً خطيراً على العالم على المدى القصير، أي منذ الآن وحتى العامين المقبلين، وتصدّرت الأمراض المعدية هذه المخاطر تلتها الأزمات المعيشية ثانياً ، ومن ثم الظروف المناخية القاسية في المرتبة الثالثة، فيما احتل فشل الأمن السيبراني المرتبة الرابعة يليه عدم المساواة الرقمية في المرتبة الخامسة، بحسب نتائج الدراسة البحثية التي شملت استبياناً لآراء 650 عوضاً في المنتدى من خبراء وصناع السياسات وقادة الأعمال في مختلف القطاعات.
فقاعة الأصول
وفيما يتعلق بقائمة المخاطر المحدقة بالعالم على المدى المتوسط أي من 3 لـ 5 سنوات، أشار التقرير إلى أنفجار فقاعة الأصول يحتل المرتبة الأولى يليه انهيار البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات ومن ثم تباين الأسعار فصدمات أسواق السلع بالإضافة إلى أزمات الديون.
أما المخاطر التي تواجه العالم على المدى الطويل، فتأتي في مقدمتها أسلحة الدمار الشامل، يليها انهيار الدول بالإضافة إلى فقدان التنوع البيولوجي إلى جانب التطورات التكنولوجية السلبية وأزمات الموارد الطبيعية.
وخلال مؤتمر صحفي افتراضي اليوم قال المنتدى الاقتصادي العالمي أنه لطالما حذر من مخاطر الأوبئة على مدى الخمسة عشر عاماً الماضية وذلك من خلال تقرير المخاطر العالمية. مشيراً إلى أن العام الماضي أظهر نتائج تجاهل الإعداد وتجاهل المخاطر طويلة الأمد. إذ لم تودي جائحة كوفيد-19 بملايين الأرواح فحسب، بل أدت أيضاً إلى توسيع الفوارق الصحية والاقتصادية والرقمية طويلة الأمد حيث بات المليارات من مقدمي الرعاية والعاملين والطلاب – وبالأخصّ الفئات التي كانت أقل حظاً قبل الوباء - معرضين لخطر عدم اللحاق بركب المجتمعات الجديدة الأكثر عدلاً والتي قد يصلها العالم إذا ما تعافى. وقد تؤدي هذه التطورات إلى زيادة إعاقة التعاون العالمي اللازم لمواجهة التحديات طويلة الأجل كالتدهور البيئي.
المهارات الرقمية
فيما يتعلق بالوصول إلى التكنولوجيا والمهارات الرقمية، فإن الفجوة بين "من يمتلك" و "من لا يتملك" قد تتسع وتشكّل تحدياً للتماسك الاجتماعي، الأمر الذي سيؤثر بشكل خاص على جيل الشباب في أنحاء العالم، حيث تواجه هذه المجموعة ثاني أزمة عالمية خلال جيل واحد، ما قد يؤدي إلى خسارتها للفرص بشكل كامل في العقد المقبل.
وتهدد الضغوط المالية والرقمية وتلك المتعلقة بالسمعة والناتجة عن جائحة كوفيد-19 بأن لا تعيش العديد من الشركات والقوى العاملة فيها طويلاً لتصل إلى الأسواق المستقبلية. في حين أن هذه الفوارق المحتملة قد تتسبب في انقسام المجتمعات داخل الدول، فإن الأوضاع الجيوسياسية التي لا تنفك تزداد توتراً وهشاشةً ستعيق الانتعاش العالمي إذا ما لم تتمكن القوى المتوسطة الحجم من المشاركة في الاقتصاد العالمي.
وبالنظر إلى مخاطر العقد المقبل، أظهر التقرير إلى أن المخاطر البيئية تهيمن مجدداً من حيث احتمالية الحدوث والتأثير. كما ستؤدي الانقسامات المجتمعية وحالة عدم اليقين والقلق إلى زيادة صعوبة تحقيق التنسيق اللازم لمعالجة التدهور المستمر الذي نعيشه.
الاستجابة للصدمات
وعلّقت سعدية زهيدي، المديرة العامة للمنتدى الاقتصادي العالمي على نتائج تقرير هذا العام قائلة: "في 2020، تحقق خطر وقوع جائحة عالمية، وهو أمر سلط هذا التقرير الضوء عليه منذ عام 2006. نعي مدى صعوبة معالجة الحكومات والشركات وأصحاب المصلحة لمثل هذه المخاطر طويلة الأمد، إلا أن ما لنا استخلاصه مما حدث هو أن تجاهل هذه المخاطر، لا يقلل من احتمالية حدوثها. مع بدء الحكومات والشركات والمجتمعات التعافي من الجائحة، يتوجب عليها الآن وبشكل عاجل تشكيل أنظمة اقتصادية واجتماعية جديدة تعمل على تحسين مرونتنا الجماعية وقدرتنا على الاستجابة للصدمات في الوقت الذي تحدّ فيه من عدم المساواة وتحسّن الصحة وتحمي الكوكب."
وأضافت أنه للمساعدة في مواجهة هذا التحدي، فإن حدث الأسبوع المقبل، أجندة دافوس، سيجمع عدد من القادة العالميين لتشكيل المبادئ والسياسات والشراكات المطلوبة في هذا السياق الجديد.
ويعكس التقرير أيضاً ردود الأفعال على جائحة كوفيد-19، ويستخلص دروساً من شأنها تعزيز المرونة العالمية.
وتشمل هذه الدروس صياغة أطر تحليلية، وإيجاد رواد مخاطر في المجتمعات، وبناء الثقة من خلال التواصل الواضح والمتسق، وخلق أشكال جديدة من الشراكات. تُستكمل المخاطر الرئيسية الواردة في التقرير بتوصيات تعمل على مساعدة البلدان والشركات والمجتمع الدولي على العمل الاستباقي بدلاً من الردّ بعد ظهور ووقوع المخاطر الشاملة.
ويختتم التقرير بنظرة عامة على "المخاطر الحدودية"، حيث يحدد 9 أحداث عالية التأثير ومنخفضة الاحتمال مستمدة من تمارين استشراف الخبراء، بما في ذلك الاضطراب المغناطيسي الأرضي والحروب العرضية واستغلال الأدمغة من خلال الآلة.
التقنيات الأساسية
ومن جانبه قال بيتر جيجر كبير مسؤولي قسم المخاطر لدى مجموعة زيورخ للتأمين: "يعد تسريع التحول الرقمي بمزايا عديدة، كإنشاء حوالي 100 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2025. ولكن في الوقت ذاته، قد يستغني العالم عن حوالي 85 مليون وظيفة بسبب الرقمنة، وبما أن 60٪ من البالغين لا يزالون يفتقرون إلى التقنيات الرقمية الأساسية، فإن الخطر يكمن في تعميق التفاوتات الحالية".
وأضاف جيجر: "يبقى الخطر الأكبر على المدى الطويل هو الفشل في التعامل مع تغير المناخ. حيث لا يوجد لقاح ضد مخاطر المناخ، وعليه يجب أن تركز خطط التعافي بعد الجائحة على النمو المتوافق مع أجندات الاستدامة لإعادة البناء بشكل أفضل."
الخطر السيبراني
أما كارولينا كلينت، مسؤول إدارة المخاطر في أوروبا، لدى شركة مارش، فقالت: "ستؤثر التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كوفيد -19 بشكل عميق على الطريقة التي تتفاعل بها المؤسسات مع العملاء والموظفين، وذلك لفترة طويلة بعد طرح اللقاح في الأسواق. مع بدء الشركات بتغيير مكاتبها وأماكن عملها، بدأت نقاط ضعف جديدة بالظهور. فالتحول الرقمي السريع زاد بشكل كبير من استخدام الإنترنت والتعرض للخطر السبراني، والاضطراب في سلاسل التوريد أدى إلى تغيير نماذج الأعمال بشكل جذري، وقد صاحب ارتفاع فرص الإصابة بمشاكل صحية خطيرة تحول الموظفين إلى العمل عن بُعد."
وأضافت كلينت: "يجب على كل نشاط تجاري تعزيز استراتيجيات التخفيف من المخاطر التي قد يتعرّض لها، ومراجعتها باستمرار إذا ما أراد تحسين مرونته في مواجهة الصدمات المستقبلية".
بناء القدرة
وقال لي هيونغ هي، رئيس لجنة القيمة الاجتماعية، لدى مجموعةSK :" كانت الجائحة التي حلّت على العالم في عام 2020 بمثابة اختبار هز أسس الاقتصادات والمجتمعات في مختلف أنحاء العالم. ستتطلب إعادة بناء القدرة على الصمود في وجه الصدمات النظمية تمويلاً هائلاً وتعاوناً دولياً وتماسكاً اجتماعياً أكبر.
وأضاف: "ستعتمد المرونة أيضاً على النمو المستمر في الاتصال في جميع أنحاء العالم، وإننا نعي بأن الاقتصادات التي كانت تعتمد على الرقمنة في وقت مبكر كان ذات أداء أفضل نسبياً عام 2020. إذا ما كان الاستخدام المتزايد لشبكات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي سيكون محركاً للنمو، فيجب علينا سد الفجوات الرقمية ومعالجة المخاطر الأخلاقية وبسرعة جداً."