أثارت التراجعات الحادة التي شهدتها العملات الرقمية أمس مخاوف المستثمرين في المنطقة ومختلف أنحاء العالم، بعد أن تجاوز حجم تراجع معظم العملات الرقمية نسبة 10%، لتتبخر بذلك مليارات الدولارات من أموال المستثمرين، وسط مخاوف من استمرار هذا النزيف في الفترة القريبة المقبلة.
تراجع الأسهم
وقد تعززت مخاوف المستثمرين لتزامن الهبوط الحاد في أسعار العملات الرقمية مع تراجع حاد مماثل في أسعار الأسهم العالمية، مع هيمنة المخاوف من دخول اقتصاديات الولايات المتحدة وأوروبا في مرحلة ركود، بعد أن قام مجلس الاحتياط الفدرالي الأمريكي بسلسلة زيادات في أسعار الفائدة.
وكان تقرير أطلقته مؤسسة «بي دبليو سي» الشرق الأوسط قد كشف أن حصة الإمارات حالياً في السوق العالمية للعملات المشفرة تبلغ نحو 25 مليار دولار، وقد زادت بنسبة 500% بين يوليو 2020 ويونيو 2021. وعلى الصعيد الإقليمي، تحتل الإمارات المرتبة الثالثة من حيث الحجم، بحسب التقرير.
«بتكوين» و«إيثريوم»
وقد تراجع كل من «بتكوين» و«إيثريوم»، وهما أكبر عملتين مشفرتين من حيث القيمة السوقية، في تداولات الأمس، متخلية عن المكاسب التي حققتها أوائل الشهر الجاري، وخاصة «بتكوين» التي هبطت إلى أدنى مستوياتها في 3 أسابيع، بسبب تعاظم الرغبة لدى المستثمرين في الابتعاد عن المخاطرة.
وانخفض سعر «بيتكوين» بنسبة 8.5% إلى 21.46 ألف دولار، كذلك تراجعت «إيثريوم» والتي تفوقت بسهولة على «بيتكوين» الشهر الماضي، بنسبة 9.2% مسجلة 1.7 ألف دولار. وانخفضت القيمة السوقية العالمية للعملات المشفرة بنسبة 8.1% إلى 1.03 تريليون دولار، وفقاً لبيانات مؤسسة «كوين ماركت كاب».
وقال ماركوس سوتيريو، المحلل في شركة الأصول الرقمية «جلوبال بلوك» للسمسرة: لم يكن هناك محفز مستقل أدى إلى ضغوط البيع الشديدة، لكن رفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» والفشل في مواصلة تعافيه قد ساهم في انخفاض عملة «بتكوين».
ويبدو أن المستثمرين يبتعدون عن الأصول الخطرة، حيث تتعرض مؤشرات الأسهم الرئيسية الثلاثة للانخفاض الشديد، حيث تراجع داوجونز بنسبة 0.8% و«ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 1.3 %، وناسداك بنسبة 2%.
وكسرت «بتكوين» الاتجاه الصعودي الذي بدأ منذ يونيو الماضي، مما يشير إلى أن هناك تحركاً كبيراً نحو الهبوط. وبالنظر إلى مؤشر القلق في سوق العملات المشفرة، فإن المعنويات ضعيفة وسط مخاوف الركود المتزايدة وتأكيدات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بأنه لن يتوقف إلا عن تشديد الظروف المالية حتى يتم خفض التضخم بشكل ملموس.
وبالنظر إلى المستقبل، أكدت شركة «بيت فريدم ريسيرش» أن «بيتكوين» يمكن أن تنخفض بنسبة تصل إلى 60% إلى 80% أكثر بسبب تشديد السياسة النقدية، وزيادة التدقيق التنظيمي.
مخاطر
ومما زاد من قلق المستثمرين تحذيرات الفيدرالي الأمريكي للبنوك من المخاطر المرتبطة بالانخراط في قطاع الأصول المشفرة، حيث قال: «في حين أن القطاع الناشئ يتيح فرصاً محتملة للبنوك وعملائها والنظام المالي ككل، فإن الأنشطة المتعلقة بالأصول المشفرة قد تشكل أيضاً مخاطر تتعلق بالسلامة وحماية المستهلك والاستقرار المالي»، مؤكداً أنه يراقب عن كثب التطورات في القطاع بالنظر إلى المخاطر المتزايدة والجديدة التي تشكلها الأصول المشفرة. وأوضح أن البنوك التي ترغب في الانخراط في قطاع الأصول المشفرة يجب أن تخبره عن مثل هذه الخطط في وقت مبكر، وينبغي للمؤسسات المصرفية أيضاً أن تتأكد من أن هذه الأنشطة قانونية قبل الانخراط فيها.
تجدر الإشارة إلى أن العملات الرقمية مثل «بيتكوين» و«إيثريوم» من ظاهرة متخصصة إلى ركيزة دائمة في السوق المالية في السنوات الأخيرة، مع رغبة البنوك بشكل متزايد في المشاركة في القطاع الناشئ. وتتقلب أسعار العملات المشفرة بشكل كبير، كما أن القطاع متقلب للغاية. وأدى انهيار سوق العملات المشفرة الواسع مؤخراً إلى معاناة صغار المستثمرين من أسوأ الخسائر.