شتاء العملات المشفرة.. هل يقود إلى عام أكثر دفئاً في 2024 ؟

يظل التقلب هو كلمة السر التي يتبينها أي راصد لأحوال الأصول المشفرة والعملات الرقمية في الوقت الراهن، وتبقى كلمة «تأرجح» وصفاً مناسباً جداً لسوق هذه الفئة من الأصول. ويشير العديد من المراقبين والمعنيين بالأمر إلى الحالة الراهنة للسوق باسم «شتاء العملات المشفرة»، استناداً إلى الخسارة الكبيرة في القيمة في أسعار الأصول المشفرة خلال النصف الثاني من 2022.

وبحسب تقرير نشره موقع «ياهو»، فإن أسواق الأصول والاقتصادات التقليدية تتعامل مع تحديات مماثلة أيضاً. ويدور الحديث حالياً عن اتجاه سائد بين متداولي الأصول في الأسواق الناشئة إلى العزوف عن المخاطرة في الأصول ذات القيمة.

وبغض النظر عن بيئة الاقتصاد الكلي الشاملة والابتعاد بشكل عام عن الأصول ذات المخاطر العالية، فإن اضطراب سوق الأصول المشفرة الخاص بالصناعة على مدار الأشهر القليلة الماضية، بما في ذلك انهيار منصة «إف تي إكس» للعملات المشفرة، أدى أيضاً إلى توقف الوافدين الجدد وتدفقات رأس المال في الفضاء. ولكن على الرغم من ذلك، يرى البعض الآخر فرصة، ليس فقط في إمكانية رفع قيمة الأصول في المستقبل، ولكن الأهم من ذلك، في التكنولوجيا الأساسية وراء الأصول والعملات الرقمية.

الأصول الرقمية

ومن الأهمية الشديدة في هذا السياق ملاحظة أن الأحداث التي جرت في سوق الأصول المشفرة في 2022 تتركز في هيكل السوق للعملات المشفرة كفئة أصول، وليس في مجال تقنية الأصول الرقمية الأوسع. كانت جميع الأخبار الصعبة تقريباً على مدار الأشهر الستة الماضية تدور حول الكيانات المركزية وليس حول مجموعة التكنولوجيا الأساسية. أوضح الكثير في الصناعة هذه النقطة أيضاً، بما في ذلك سلطة النقد في سنغافورة، التي قالت إنها تسعى لتقييد المضاربة بالعملات المشفرة لكنها تواصل دعم ابتكار الأصول الرقمية.

ولكن إذا كان التقلب هو الحالة العامة السائدة في سوق الأصول المشفرة حالياً، فإن الصورة لا تخلو من بعض النقاط المضيئة. وثمة عوامل إيجابية ومبشرة تلوح وسط الضباب الذي يكتنف مستقبل الأصول المشفرة. وبحسب تقرير آخر نشره موقع «انفستورز. كوم» الشبكي الأمريكي، فبعد عام مليء بالاعتقالات التي طالت مؤسس منصات تداول الأصول المشفرة بتهم المضاربة والاحتيال، وبعد العديد من حالات الإفلاس وخسارة المليارات من القيمة، لا يمكن لخبراء سوق العملات المشفرة انتظار المزيد من الأوقات العصيبة، بعد انهيار «سيليكون فالي بنك»، وبعد أن باتت الأسواق المالية الأمريكية والعالمية في مأزق حقيقي.

ولكن على الرغم من ذلك، ففيما يتعلق بالعملات المشفرة، وخصوصاً «بيتكوين» و«إيثريوم»، كان الذعر المصرفي الذي ساد منذ مطلع العام الجاري إيجابياً.

وارتفع سعر «بيتكوين» بقوة في بداية العام، ثم واصل ارتفاعه، فتجاوز أخيراً حاجز الــ 28000 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ يونيو 2022، أي قبل أن تبدأ بورصة «إف تي إكس». وفيما يخص «إيثريوم»، فيجري تداولها حالياً بالقرب من 1800 دولار لتسجل أعلى مستوياتها منذ منتصف أغسطس 2022.

النظرة المستقبلية

ويرى العديد من محللي العملات المشفرة فرصاً متزايدة للنمو الحقيقي في الأسعار واستخدام العملات الرقمية في عام 2023. لكن النظرة المستقبلية للعملات المشفرة دقيقة، ويتركز معظم التفاؤل في الخارج.

في الولايات المتحدة، تشير معركة صياغة لوائح وإشراف ذات مغزى إلى أن الرحلة لا تزال مليئة بالصعوبات. في 27 مارس، وجه القائمون على تنظيم تداول الأصول المشفرة في البلاد اتهامات قاسية إلى «باينينس»، وهي أكبر بورصة على مستوى العالم لتداول العملات الرقمية، بارتكاب انتهاكات الأوراق المالية. وقد حدث ذلك بعد أيام من توجيه المسؤولين أنفسهم تحذيرات إلى مؤسسي منصة «كوين بيز»، والتي تعد منافس «باينينس» الرئيسي، من إجراءات إنفاذ محتملة.

وحافظت أسعار «بيتكوين» والعملات المشفرة الأخرى على المكاسب الأخيرة وسط تراجع مخاوف البنوك وأخبار «باينينس». وقال ماثيو سيجل، رئيس أبحاث الأصول الرقمية في صناديق المؤشرات المتداولة ومدير صندوق الاستثمار المشترك «فان ايك»: «سيكون عام 2023 عاماً انتقالياً من شتاء عام 2022 الشرير والمتجمد إلى شيء نأمل أن يكون أكثر دفئاً في عام 2024».

الصناعة المصرفية

وألقت مشكلات الصناعة المصرفية بظلال قاتمة على متداولي العملات المشفرة. وفي الثامن من مارس الماضي، أعلن صندوق «سيلفرجيت كابيتال»، والذي يعد بمثابة المقرض الرئيسي لشركات التشفير عن خطط لإغلاق بنك «سيلفرجيت كابيتال»، في ضوء التطورات التنظيمية. قبل خمسة أيام فقط، أعلن الصندوق عن خطط لإيقاف «شبكة سيلفرجيت للصرافة»، التابعة له، والتي أطلقت عام 2018، ولطالما مكنت المستثمرين والمؤسسات من تحويل الدولار الأمريكي من الحسابات المصرفية إلى بورصات العملات المشفرة.

وفي العاشر من مارس، انهارت «سيليكون فالي فاينينشال»، الشركة الأم لــ «سيليكون فالي بنك» المنهار، الأمر الذي أثار أزمة سيولة في العديد من البنوك الأخرى، وتسبب في تدافع المنظمين لاحتواء العدوى. وسرعان ما استولى المنظمون على «سيغنيتشر بنك»، والذي أظهرت بيانات الشركة أن ما يقرب من 30 % من ودائعه جاءت من عملاء التشفير.

وبينما كانت البنوك المرتبطة بالعملات المشفرة من أوائل قطع الدومينو التي سقطت في ظل هذه الموجة من الانهيار التي طالت عدداً من البنوك الأمريكية متوسطة الحجم، إلا أنها لم تكن مسؤولة عن الاضطرابات المصرفية الواسعة الانتشار.

الأكثر مشاركة