شركات التأمين الكبرى تغطّي تعدين الفحم الملوث للبيئة رغم تعهدات حماية المناخ

ت + ت - الحجم الطبيعي

قدمت مجموعات التأمين الكبرى وثائق تغطية تأمينية لمشاريع تعدين الفحم الحراري في الولايات المتحدة على الرغم من التعهدات بموجب سياسات المناخ الخاصة بها بتجنب المشاريع الأكثر تلويثاً للبيئة.

وتشير شهادات التأمين لاثنين من مناجم الفحم في الولايات المتحدة، إلى أن شركة إعادة التأمين الرائدة «سويس ري» وشركة التأمين الأمريكية ليبرتي ميوتيوال توفران غطاء تأمينياً لمشغلي المشاريع في وايومنغ ومونتانا على التوالي.

والشهادات التي اطلعت عليها «فاينانشيال تايمز»، وهي بحوزة السلطات البيئية الأمريكية، حصلت عليها مجموعة «المواطن العام» الأمريكية للدفاع عن الحقوق باستخدام طلبات حرية المعلومات. وكانت شركات التأمين العالمية وضعت سياسات ضمن إطار التزاماتها المناخية لاستبعاد أنشطة الفحم الحراري.

وكانت سويس ري من بين رواد الصناعة في عام 2018 الذين تعهدوا بوقف التأمين أو إعادة التأمين على الشركات والمشاريع التي تتجاوز أنشطة الفحم الحراري لديها 30%، وذلك في إطار المسعى للوصول إلى هدف صفر انبعاثات.

لكن، مثل العديد من مؤسسات التأمين والمؤسسات المالية الأخرى التي تتعهد بعدم تغطية الفحم الحراري، تسمح سياسة سويس ري بتأمين المجموعات التي تمتلك خطاً للفحم، ما دام ذلك جزءاً من مجموعة متنوعة من أنشطة الأعمال، وكيويت، الشركة الأم المالكة لمنجم وايومنغ، هي مجموعة بناء وهندسة متنوعة.

وقالت سويس ري إنها «تلتزم تماماً بسياستها الخاصة بالفحم الحراري»، والتي تتضمن «التخلص الكامل من أنشطة إعادة التأمين المتعلقة بالفحم الحراري في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بحلول 2030 وفي بقية العالم بحلول 2040». وأضافت أن المجموعة لا يمكنها التعليق على الصفقات الفردية.

وهذا العام، انسحبت بعض من أكبر شركات التأمين وإعادة التأمين في العالم، بما في ذلك سويس ري من مجموعة للعمل الجماعي معنية بمعالجة تغير المناخ بعد تهديدات قانونية من بعض السياسيين الجمهوريين في الولايات المتحدة.

وقال كريستيان مومنثالر، الرئيس التنفيذي لشركة سويس ري، لصحيفة «فاينانشيال تايمز» في أغسطس، إن شركات التأمين ستواصل فردياً اتباع استراتيجيات للحد من الانبعاثات الملوثة، رغم عمليات خروج متعددة لشركات بارزة مما يسمى مجموعة «التحالف الصفري للتأمين».

لكن شركة سويس ري أمريكا لحلول الشركات، وهي جزء من ذراع التأمين التجاري للمجموعة، وافقت على توفير غطاء لمطالبات تصل إلى 20 مليون دولار لشركة باكسكين للمناجم، صالحة من مارس 2023 حتى مارس 2024، وفقاً لشهادة بحوزة إدارة الجودة البيئية في وايومنغ.

وينتج منجم باكسكين 27 مليون طن من الفحم سنوياً، مما يجعله «واحداً من أكثر المناجم إنتاجية في الولايات المتحدة»، وفقاً لموقعه على الإنترنت، وهو يحصل 90 % من إيراداته من الفحم الحراري، وفقاً لقاعدة بيانات تحتفظ بها مجموعة أورغوالد الألمانية للبيئة وحقوق الإنسان.

وقالت شركة ليبرتي ميوتيوال ومقرها بوسطن في 2019 إنها لن توفر تغطيات للشركات التي تنتج الفحم الحراري بنسبة تزيد على 25%، لكن أعمالها المتخصصة وافقت على تأمين لشركة لتعدين الفحم الحراري وهي شركة التعدين العالمية القابضة، وشركتها الفرعية شركة سيجنال بيك للطاقة بمبلغ يصل إلى مليوني دولار، لمدة عامين حتى نوفمبر 2023، وذلك وفقاً لشهادتين أخريين. وتدير شركة سيجنال بيك للطاقة منجماً للفحم تحت الأرض بولاية مونتانا بطاقة إنتاجية تبلغ 8 ملايين طن سنوياً.

وقالت ليبرتي ميوتيوال إنها تواصل تنفيذ سياستها بخصوص شركات الفحم الخاصة بها عبر محفظتها نحو جدول زمني مستهدف بنهاية 2023.

وقال تشارلز بواكي، الخبير الاستراتيجي في الشؤون البيئية والاجتماعية والحوكمة في بنك الاستثمار الأمريكي جيفريز، إن سياسات الاستبعاد على أساس الحسابات المناخية مناخي لشركات التأمين جعلت من الصعب على مناجم الفحم الأمريكية الوصول إلى التأمين في العام الماضي، مما قد يفتح المجال لتوسيع التغطية بسعر أعلى، وأضاف «على الرغم من ردود الفعل العنيفة والضجيج الذي شهدناه حول المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، لا يزال المساهمون يتوقعون من الشركات أن تصدق عندما تقول إنها ستفعل شيئاً ما، ومن وجهة نظر إدارية، فإن التراجع عن الالتزامات يفتح الباب أمام أسئلة تتعلق بالمصداقية».

وكانت وكالة الطاقة الدولية قالت إن استخدام الطاقة المعتمدة على الفحم دون احتجاز انبعاثات الكربون لا بد أن ينتهي بحلول عام 2040 إذا أراد العالم أن يحد من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي عن طريق خفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2050، ولكن الطلب على الوقود الأكثر تلويثاً مستمر في الارتفاع، بعد أن سجل استهلاك الفحم رقماً قياسياً بلغ 8,3 مليارات طن متري العام الماضي. ويأتي هذا رغم ما وصفته وكالة الطاقة الدولية هذا الأسبوع بالنمو «المذهل» للطاقة الشمسية حول العالم.

وقال إحسان خومان، رئيس أبحاث السلع في بنك إم يو إف جي الياباني «إن التقدم في توليد الطاقة المتجددة ومشاريع ربط الشبكات لم يتحرك قدماً بسرعة كافية لخفض الطلب على الفحم، مشيراً إلى أن الفجوة بين واقع سوق الفحم ومستهدفات حماية المناخ لا تزال واسعة».

كلمات دالة:
  • FT
Email