آفاق الرؤساء التنفيذيين لربحية الشركات باتت أقصر من المساهمين

دور أكبر للمساهمين في مستقبل شركاتهم | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يحب الرؤساء التنفيذيون للشركات أن يفكروا في بلوغ أهداف طموحة. «كن طموحاً أو عد إلى المنزل»، وغيرها من الشعارات المماثلة، اكتسبت رواجاً في أواخر القرن المنصرم، وما زالت تسيطر على مخيلتهم اليوم.

ولكن على النقيض من ذلك، فقد سار رؤساء الشركات الأمريكية على نهج معاكس معظم الوقت: لقد ركزوا على تحقيق الأرباح على المدى القصير، على حساب تحقيق النجاح طويل الأجل.

ومن المؤكد خطأ هذا الاعتقاد، حيث تظهر دراسات «ماكنزي» ومعهد «سي إف إيه» وآخرون، أن الشركات الأقل استثماراً في النمو طويل الأجل، مقارنة بنظيراتها الأخرى، ينتهي بها الأمر إلى ضعف في الأداء على المديين المتوسط أو الطويل. ويكون العائد أعلى كثيراً للشركات التي تواصل الاستثمار في الأوقات الصعبة، مثل تلك التي نحن فيها الآن.

فمن إذن المسؤول عن هذه النظرة القاصرة قصيرة الأجل؟ يشير المديرون التنفيذيون للشركات هنا إلى محللي البيع والمستثمرين الجشعين. فالفريق الأول يركز على المكالمات الجماعية لمناقشة الأرباح، وعلى المستهدفات الربعية المحققة لاستخدامها في عمل نماذج لهم ولمعاقبة المقصرين. ويتهم المستثمرون الناشطون بالسعي لتحقيق الأرباح من التحركات قصيرة الأجل في أسعار أسهم الشركات، ويطالبون بإنفاق العائدات على توزيعات الأرباح وإعادة شراء الأسهم.

وعلى الرغم من أن بعض هذه الاتهامات صحيحة، إلا أن قادة الشركات والرؤساء التنفيذيين الماليين بصفة خاصة، يحتاجون إلى الوقوف أمام المرآة، والنظر بتمعن إلى أنفسهم. فخلال العام الماضي، انخفضت الأفق الزمنية للاستثمار لشركات القطاع العام الكبرى عالمياً إلى خمس سنوات، وهي المدة الأقصر منذ أن بدأت شركة «إف سي إل تي جلوبال»، تحليل البيانات في عام 2009، حول كيفية تصرّف الشركات في أرباحها.

في الوقت ذاته، ارتفعت الأفق الزمنية للمستثمرين بشكل طفيف، لتصل إلى 5.45 سنوات. وللمرة الأولى منذ الأزمة المالية على الأقل، وذلك ليسجل على الأقل منذ الأزمة العالمية، كان طول فترات اهتمام الرؤساء التنفيذيين أقصر مدى من المساهمين الذين يعملون من أجلهم.

إن تراجع أعداد الشركات الأعضاء في مؤشر «MSCI لجميع دول العالم»، سببه الرئيس هو التوجه الأخير نحو إنفاق الأموال على إعادة شراء الأسهم. وتقود عمليات إعادة شراء الأسهم إلى عائد فوري على المساهمين، لكن ذلك يأتي على حساب توجيه الأموال إلى الإنفاق الرأسمالي، وعلى البحث والتطوير الداعم والمحفز للنمو في المستقبل.

لقد ارتفعت موجة إعادة شراء الأسهم عالمياً إلى ذروتها، لتصل إلى 1.3 تريليون دولار العام الماضي، مدعومة بآخر أسعار فائدة منخفضة. ووفقاً لبحث منفصل أجراه جانوس هندرسون، فإن انخفاض تكاليف الاقتراض جعل من السهل على الشركات اقتراض الأموال لإعادة شراء الأسهم. كذلك، فإن شركات الطاقة التي شهدت زيادة ضخمة لأرباحها في أعقاب أزمة أوكرانيا، اختارت الاحتفاظ بالقليل من عائداتها نسبة الأرباح المحتجزة بعد الأزمة.

في غضون ذلك، وكما يقول ألين هي مدير الأبحاث في شركة «إف سي إل تي»، فإن الأفق الزمني للاستثمار يطول لسببين. الأول: اتجاه المزيد من الأموال إلى صناديق المؤشرات منخفضة التكلفة، والتي تقتضي طبيعة عملها الالتزام بدعم الشركات، والثاني اتجاه المزيد من الأموال إلى الصناديق الخاصة، التي تحتجز أموال المستثمرين لفترات أطول.

هذه التحولات يجب أن تجعل قادة الشركات يشعرون بأمان أكبر في إعطاء الأولوية للأهداف طويلة الأجل. لكن هذا لا يحدث. وبدلاً من ذلك، انخفض الأفق الزمني للشركات بنسبة 25 % خلال عقد من الزمن، ولا يستمر كبار المسؤولين التنفيذيين في شغل مناصبهم لرؤية نتائج خياراتهم. فقد انخفضت مدة ولاية الرؤساء التنفيذيين في شركات مؤشر «إس آند بي 500» بنسبة 20 % منذ عام 2013، لتصل إلى 4.8 سنوات.

وقد أدى التضخم المستمر والمخاوف بشأن الركود المحتمل إلى بلورة الصراع، فقد اعترف ثلثا كبار المسؤولين الماليين بالشركات العالمية الكبرى، الذين شملهم استطلاع أجرته شركة إرنست ويونج هذا العام، بوجود توترات وخلافات بشأن كيفية تحقيق التوازن بين الأهداف قصيرة وطويلة الأجل.

والأسوأ من ذلك، إقرار نصفهم بأنهم يحققون العوائد المستهدفة للمدى القصير، على حساب المجالات التي تعتبر أولويات للأجل الطويل. وكما يقول مايلز كورسون الشريك في «إرنست ويونج»، فإنه يجب على الرؤساء التنفيذيين الماليين، أن يوازنوا بين حماية القيمة، وتحقيق أفضل الأرباح الممكنة، والنمو على المدى الطويل، وعندما تكون هناك ظروف اقتصادية غير مؤكدة للمستقبل، فإنهم يعودون إلى التركيز على المدى القصير.

وكما يشير خبراء الحوكمة، فإن الخطط التي توضع للأجور في عدد كبير من الشركات، تعطي جل الأهمية للعوائد الجارية الحالية، وأسعار الأسهم، كما أن بعض مجالس الإدارات أضعفت أكثر الرابط مع النمو طويل الأجل، من خلال ربط أجور العاملين بمقاييس نوعية غير دقيقة.

ولكن لا تزال هناك فرصة نادرة، يجب على مجالس إدارات الشركات استغلالها لإحداث تغيير كبير، فأسعار الفائدة المرتفعة الحالية، توجب إعادة التفكير في الجاذبية النسبية لعمليات إعادة شراء الأسهم. كما أن معدلات استبدال الرؤساء التنفيذيين والماليين في الشركات الكبرى بالمملكة المتحدة والولايات المتحدة، عند أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقد من الزمان، لذلك، لا بد أن يضع المديرون في حسبانهم عند اختيار البدائل، التشديد على الكيفية التي يخطط بها المرشحون لخلق قيمة حقيقية بالشركة للمساهمين، ويقومون بهيكلة عقود العمل الجديدة على هذا الأساس، فإذا لم يكن هذا هو الوقت المناسب لتحقيق طموحاتنا الكبيرة، فالأفضل لنا أن نعود إلى ديارنا.

كلمات دالة:
  • FT
Email