أرباب الأعمال يجذبون النساء للعودة إلى العمل بعد انقطاع

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعود الكثير من النساء إلى العمل، بعد ثلاثة أعوام تلت إغلاقات «كوفيد 19»، التي دفعتهن خارج القوى العاملة، ويعني هذا أن أرباب الأعمال يتمتعون بفرصة نادرة لسد فجوات نقص العمالة والمهارات، ما سيساعد أيضاً على تنويع المصادر لشغل المناصب الإدارية العليا، لكن الاستفادة من مصدر العمالة الجديد هذا لن يسير بسلاسة دائماً، فقد اضطرت الكثيرات إلى الخروج من قطاعات العمل، لتلبية متطلبات تقديم الرعاية، التي تواصل تأثيرها في قدراتهن على العمل من المكتب بدوام كامل، وبقي الكثير من النساء خارج القوى العاملة لفترة طويلة، ما يعني حاجتهن لإعادة إنعاش مهاراتهن، لذا يتعين على المديرين إيجاد أفضل طريقة للإشراف على تقييم العاملين، الذين ربما يكونون جدداً في الوظيفة، لكنهم ليسوا بجديدين على العمل ذاته.

ووجدت الشركات ذات الخبرة في توظيف العائدين إلى العمل أن النجاح يتطلب التزاماً، يتخطى مجرد الاستعداد للتغاضي عن الثغرات في السير الذاتية لمقدمي الطلبات، وقالت جوليان مايلز، المؤسسة المشاركة لشركة «وومن ريترنرز»: «إنه مصدر كبير غير مستغل نسبياً من المهارات لأشخاص في مستويات متوسطة وعليا.. لكن لا يكفي القول إننا سنجعلها ساحة تتيح تكافؤاً للفرص»، وتساعد «وومن ريترنرز» الشركات على إيجاد طرق داعمة للعاملات اللاتي انقطعن لفترة طويلة عن العمل لأسباب عديدة، قد تتراوح بين العناية بالأطفال على سبيل المثال، والعيش في الخارج، والعناية بأقرباء مرضى، أو تأسيس عمل تجاري.

وقد امتدت أطول فترة انقطاع حتى الآن لإحدى المشاركات في البرنامج 30 عاماً، حيث عملت محاسبة قانونية، وأسست أسرة، قبل عودتها إلى حياتها المهنية في بنك إنجلترا، ويحتاج أرباب الأعمال إلى المرونة مع العائدات إلى العمل، لمنحهن الوقت اللازم لاعتياد الموازنة بين الوظيفة مدفوعة الأجر، والمتطلبات المتواصلة في المنزل.

وبالنظر إلى مدى تغير العمل في العامين الماضيين قد تكون العائدات أبطأ في التكيف مع توقعات المكتب مقارنة بالموظفين القادمين من وظائف أخرى.

وترى تارا فون بوميل، المديرة في شركة «كاتاليست» أنه «من المهم توضيح الأمور اللازمة وتدوينها كتابة، خصوصاً في بيئة عمل مختلطة»، وتساعد «كاتاليست» الشركات على أن تجعل من مكان العمل أكثر ترحيباً بالمرأة.

وتنطوي واحدة من الطرق الشائعة لجذب النساء العاملات من جديد على تقديم برامج تدريب مدفوعة، ترمي إلى إعادة إنعاش أو تحديث مهارات المشاركات، وإعدادهن للتقدم للوظائف الشاغرة داخل الشركة.

وتعد شركات الخدمات المالية رائدة في هذا المجال، وهي التي لطالما عانت رحيل الموظفات قبل وصولهن إلى المناصب الإدارية الوسطى، ويقدم مصرف «مورغان ستانلي» الاستثماري الآن برامج عودة إلى العمل، مدفوعة، تتراوح مدتها بين 12 و16 أسبوعاً، في عشرات المقرات حول العالم، للمهنيات خارج سوق العمل، اللاتي حصلن على إجازات لعام واحد على الأقل، وأعاد منافسه «غولدمان ساكس» إحياء برنامجه طويل المدى في 2021، الذي يستهدف العاملين العائدين من إجازات مرتبطة بجائحة «كوفيد 19».

من شأن هذه البرامج أن تطلع العائدين على وجه السرعة على آخر التطورات ذات الصلة بالتقنيات المكتبية، مثل «زووم»، أو الاستخدامات التجريبية للذكاء الاصطناعي، لتعويدهم على العمل في المكتب من جديد، أو حتى في ضوء ترتيبات العمل الهجين، التي ظهرت منذ الجائحة.

ويعتقد المتفائلون أن جذب الناس من جديد إلى العمل بإمكانه المساعدة في التغلب على ما تعتبره شركة «ماكينزي» للاستشارات أكبر حاجز أمام شغل مزيد من النساء للمناصب العليا، وفي الولايات المتحدة وكندا حالياً تقابل كل 100 رجل يوصى بترقيته للمرة الأولى للإدارة 87 امرأة، منهن 54 امرأة من السود، ولا تلحق النساء بركب الرجال أبداً، ويعود قدر كبير مما تصفه «ماكينزي»، «الدرجة المكسورة» في السلم الوظيفي، إلى إخراج النساء أنفسهن من السباق الوظيفي بأخذ الإجازات،

لكن توظيف العمالة العائدة ليس مماثلاً لمهمة الإبقاء عليها، فقد حذرت مايلز من أن برامج العودة إلى العمل قد تصطدم بنهايات مسدودة، إذا كلفت الشركة هذه العمالة بمهام لا طائل منها، أو إذا كان الراعي لا تتوفر لديه وظيفة شاغرة مناسبة، وينطوي ذلك على خطر إحباط هذه العمالة ذات الارتباط الضعيف أصلاً بالقوى العاملة، لذلك توصي مايلز بوضع العائدين في وظيفة عادية، ومنحهم وقتاً إضافياً للاعتياد عليها.

لقد تلقى الموظفون في شركة «بروساكور» للمحاماة، الذين حصلوا على إجازة والدية كبيرة، 100% من أجرهم لقاء 75% من جدول العمل في الأشهر الستة الأولى لدى عودتهم إلى العمل. يأتي هذا بموجب برنامج «كير»، الذي تطبقه الشركة، ويعطي هذا الموظفين وقتاً لإنجاز ترتيبات رعاية الطفل والتنقل، ويعمل طاقم الموارد البشرية في الشركة مع الشركاء لترتيب مسائل التغطية عند غياب العائدين.

قالت كيري شريفر، التي استفادت مرتين من البرنامج: «كان الأمر محورياً بالنسبة لي حقاً»، وتابعت: «لست متأكدة من أني كنت سأصبح شريكة دون المساحة، التي أتاحها لي برنامج كير».

وتحقق الشركات التي تستثمر في الترحيب بالعائدين من انقطاعات وظيفية كبيرة مكاسب أخرى، لكن أقل وضوحاً. وختمت مايلز قائلة: «إن الفائدة الأساسية للتنوع هو التنوع الإدراكي، فقد مر الذين أخذوا إجازات من الوظيفة بتجارب مختلفة ومتنوعة».

كلمات دالة:
  • FT
Email