في أبريل الماضي وبعد شهر من الكشف عن أكبر فضيحة في صناعة الترفيه باليابان، أعلنت شركة المواهب المعنية، بعد تأخير واضح، إنشاءها خطاً ساخناً للمبلغين عن المخالفات، من شأنه تمكين الضحايا من الكشف عمّا لديهم من معلومات.

ومع ذلك، فقد شاب هذا الخط الساخن عيب هائل، يتمثل في أنه كان متاحاً فقط للعاملين لدى «جوني آند أسوسيتس»، ما يعني أن المئات من الشباب المستقلين العاملين في صناعة الترفيه ليسوا مؤهلين لاستخدام الآلية الجديدة للإبلاغ عن شكاواهم، على الرغم من أنهم ربما تعرضوا لسوء الاستغلال من مؤسس الشركة، جوني كيتاغاوا.

ويُعد غياب هذا الخط الساخن واحداً من أوجه قصور كثيرة وجسيمة في الضوابط الداخلية التي سمحت لكيتاغاوا، وهو رائد في إطلاق نوع فرق الفتيان الآسيوية الموسيقية والذي توفي في سنة 2019، باقتراف اعتداءات عديدة منذ ظهور الادعاءات المرة الأولى في خمسينيات القرن الماضي، بحسب لجنة من الخبراء الخارجيين المُكلفة من قِبَل الوكالة.

ولكن حادثة «جوني»، وكذلك مجموعة من الفضائح الأخيرة للشركات، عرّت الضعف واسع النطاق لنظم الحماية القانونية للمبلغين عن المخالفات في اليابان، ما أسفر عن معاناة الضحايا في صمت، والتجاوز عن سوء السلوك داخل الشركات مدة أطول مما يجب.

ويتناقض استمرار غياب الكثير من الإجراءات الوقائية، المعمول بها بكل من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، مع ما تروجه الشركات اليابانية للمستثمرين الأجانب في شأن تحسن الحوكمة، باحتسابه سبباً يدعو لاستثمار مزيد من الأموال في البلاد.

ومع ذلك، تتصدر هذه القضية الاهتمامات، إذ أعلن يوتاكا آراي، المفوض في هيئة حماية المستهلك، الأسبوع الماضي، إجراء الهيئة جلسات استماع تضم 10,000 شركة للتحقق مما إذا كانت تطبق آليات مناسبة لرفع التظلمات.

وراجعت اليابان قانون حماية المبلغين عن المخالفات والفساد في سنة 2020، ووسّعت نطاق من يحق لهم الإبلاغ عن المخالفات، وكلفت الشركات التي يزيد فيها عدد الموظفين على 300 موظف بإنشاء قنوات إبلاغ داخلية. وعلى الرغم من أهمية هذه التغييرات، يقول محامون إن الإصلاحات ليست كافية تماماً.

أولاً، يظل تعريف المبلغين عن المخالفات محدوداً. وفي حين اتسع النطاق ليشمل الموظفين والمديرين السابقين، فإنه يستبعد الذين يعملون على نحو مستقل وكذا أسر الموظفين، فضلاً عن المتعهدين والموردين، وهم جميعاً مشمولون في مظلة القواعد المماثلة المطبقة في الاتحاد الأوروبي.

ثانياً، ليس ثمة عقوبات جنائية أو إدارية ضد الشركات التي تنتقم من المبلغين عن المخالفات بطردهم أو خفض مراتبهم الوظيفية كما لا توجد مكافآت مالية للمتقدمين بالبلاغات، كما هي الحال في كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. ويمكن للذين يواجهون ردوداً انتقامية اللجوء للمحاكم، ولكن العملية تستهلك وقتاً كبيراً، وتقع أعباء جمع الأدلة على كاهل المبلغين عن المخالفات. ونتيجة لهذا، تفوق الأخطار التي تواجه الموظفين، المنافع التي يمكن جنيها من الإبلاغ عن سوء السلوك بالشركة.

وقال ماساتو ناكامورا، المحامي والخبير في شؤون حماية المبلغين عن المخالفات: «لم يصبح الإبلاغ عن المخالفات أكثر سهولة حتى بعد المراجعة والتعديلات».

وبموجب القانون المُعدّل، بإمكان هيئة حماية المستهلك فرض إجراءات إدارية ضد الشركات التي لا تنشئ آليات للإبلاغ الداخلي. واستخدمت الهيئة التفويض الجديد الموكل إليها في سبتمبر ضد «بيغ موتور»، سلسلة معارض وورش لإصلاح السيارات المُستعملة، بعد اعترافها بتضخيم مطالبات التأمين عن طريق الإتلاف العمدي للسيارات المُرسلة إليها للإصلاح.

وصدر الأمر الإداري بالإفصاح عن تدابير تحسين الأوضاع، بعد توصل لجنة من الخبراء الخارجيين إلى تستر الشركة سابقاً على شكوى تقدم بها أحد العاملين في الصيانة عن سوء السلوك.

ومع ذلك، ذكر توشيهيرو أوكوياما، الأستاذ لدى جامعة «صوفيا»، أن الهيئة، على الرغم من مواردها المحدودة، بإمكانها بذل مزيد من الضغوط على الشركات، إذا تمكنت من فرض تدابير أكثر صرامة، مثل تفتيش المواقع. وإذا لم يكن الخط الساخن الداخلي مجدياً، فسيكون من الأفضل إيصال المبلغين عن المخالفات الأمر إلى وسائط الإعلام مباشرة، ولكن هذا أيضاً ليس سهلاً في اليابان.

وفي ضوء إطار العمل القائم، فإن العقوبات المالية الوحيدة التي يمكن فرضها تواجه فقط مسربي المعلومات السرية في شأن المبلغين عن المخالفات، ولكن العقوبات لا تطال الشركة ككل. وقال توشيهيرو أوكوياما: «في الحقيقة، لا وجود تقريباً لحالات تم فيها تطبيق قانون حماية المبلغين عن المخالفات».

ولكن ثمّة جانب مشرق مُحتمل، يتمثل في وجود مجال أمام المزيد من التغييرات القانونية في مسألة فرض عقوبات على الأعمال الانتقامية ضد المبلغين، مع الانتهاء من صوغ قانون 2020 في العامين المقبلين.

وقاومت «كيدانرين»، مجموعة الضغط الأبرز في اليابان، في سنة 2018، فرض عقوبات ضد الشركات لتعزيز حماية المبلغين عن المخالفات، ولكن قد تكون هناك صعوبة في استمرار هذا الموقف، إذا أعطت إدارة فوميو كيشيدا، رئيس الوزراء الياباني، أولوية لإجراء تحسينات على حوكمة الشركات وشفَافَتها.