هل من المنطقي الدمج بين شركات الطاقة الخضراء المتعثرة؟

تشهد شركة صن باور، وهي شركة أمريكية توفر الطاقة الشمسية للمساكن في الولايات المتحدة، انخفاضًا في أسهمها بمقدار ثلاثة أرباع منذ بداية العام، وأعلنت الشركة الشهر الماضي أنها ستعيد أرباحها من العام الماضي وبداية العام الجاري.

كذلك، أطاحت شركة إنفيفا، أكبر منتج للحبيبات الخشبية في العالم والتي ينظر إليها كمصدر للطاقة المتجددة، برئيسها التنفيذي المستثمر النشط جيف أوبن، ثاني أكبر مساهم في الشركة عبر صندوقه الاستثماري المستدام انكلوسيف كابيتال.

تأتي التغييرات بسبب العوائد المتدنية التي سجلتها الشركة هذا الشهر. كما انخفضت أسهم رأس مال شركة إنفيفا بنسبة هائلة تصل إلى 97 في المئة منذ بداية العام.

علاوة على ذلك، يتم تداول أسهم شركتي صن رن وصنوفا المزودتين لحلول الطاقة الشمسية بالإضافة إلى شركة تصنيع الهيدروجين بلج باور، بأقل من قيمتها الدفترية.

وأعلنت شركة صن رن، ومقرها سان فرانسيسكو، شطب أصول بقيمة 1.2 مليار دولار كجزء من تحولها نحو تخزين الطاقة. وتُحسب القيمة الدفترية للشركة بجمع أصولها ثم طرح الديون والالتزامات وسمعتها التجارية. وهذا ما سيملكه المساهمون إذا ما تمت تجزئة الشركة للبيع (ودفع الدائنون).

وبينما يعتبر انخفاض أسهم قطاع الطاقة المتجددة خبرًا سيئًا للشركات، إلا أنه يكشف عن فرص جديدة للمستثمرين. فقد بنى المستثمر الأسطوري وارن بافيت نجاحه من خلال استهداف الشركات التي تُقدر بأقل من قيمتها، وقد يكون سعر السهم مقابل القيمة الدفترية الذي يقل عن 1 صفقة جيدة.

وتعلم بافيت من المستثمر بنجامين جراهام، الذي تأثر بانهيار سوق الأسهم الذي عجل بالكساد الكبير. وقد طور جراهام منهجًا لتحليل الاستثمار يركز على استهداف الأسهم المقيمة دون قيمتها الفعلية بدلًا من الشركات يكفي من الشركات التي تندفع بقوة في النمو.

وإحدى الطرق لاستخراج القيمة من الأسهم ذات الأداء الضعيف تتم عبر عملية الدمج، حيث تتضمن الاستراتيجية شراء أصول مالية من قطاعات مماثلة على أمل أن يساعد توفير التكاليف هذه الشركات على البقاء والازدهار على المدى الطويل.

إذن، هل من المنطقي دمج بعض الشركات الخضراء معًا؟ وبالنظر إلى أنها شركات مستدامة، فيمكن دمجها معا لتصبح مؤسسة ذات منفعة عامة: وهي شركات تُلزم قانونيًا بالموازنة بين مصالح المساهمين وأصحاب المصلحة الآخرين.

لكن هل سيشتري المستثمرون؟ حسبما تقول سوزان ماك كورماك، الرئيس المشارك للممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات والاستثمار المؤثر في شركة موريسون فورستر للمحاماة، فإن بعض الممولين يفكرون بالفعل في هذه الهيكلة.

وقالت هذا الأسبوع: «أعرف أشخاصًا ينظرون فعليًا في عمليات الدمج والتمويل، بل من المثير للاهتمام أنني أعرف أشخاصًا يفكرون في دمج الأصول الخضراء مع الأصول الأقل استدامة في ظل هذه الهيكلة».

وكما قالت فهناك 23 شركة ذات منفعة عامة متداولة، ونصفها تقريبًا أقل أداءً من السوق بشكل عام. ويعود هذا في الغالب إلى حقيقة أنها قد تم الدفع بها إلى السوق ولم يكن لديها أسس محددة بحلول الوقت الذي طرحت فيه أسهمها للاكتتاب العام. وفي عام 2021 لم يساعد الهوس بشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في تحسين الأوضاع.

ويمكن توسيع نطاق فكرة الدمج المستدام لما هو أبعد من الطاقة المتجددة ليشمل قطاعات مستدامة أخرى. وتتمتع شركة بيوند ميت، وهي شركة للبروتين البديل، بمصداقية في الاستدامة مرتبطة بتجنب انبعاثات الكربون والقسوة تجاه الحيوانات.

وقد شهدت أسهمها انخفاضًا بحوالي 42 في المئة هذا العام. كما يتم تداول أسهم شركة أول بيردز، لصناعة الأحذية والتي حاولت طرح أسهمها في طرح عام أولي «مستدام»، أيضًا بأقل من قيمتها الدفترية.

ويأتي انخفاض أسعار أسهم هذه الشركات في الوقت الذي تسبب فيه ارتفاع أسعار الفائدة في تصاعد تكلفة التمويل والتهديد بتقويض التخفيضات السعرية من الإعانات في ظل قانون المناخ الخاص بالرئيس جون بايدن، أو قانون الحد من التضخم.

ووسط اضطرابات سوق الأسهم، استحوذت صناديق التحوّط على شركات طاقة الرياح كأهداف للبيع على المكشوف. يُعد مارشال ويس وشركة التداول الكمي كيوب ريسيرش آند تكنولوجيز من بين الصناديق التي حققت ملايين الدولارات من الأرباح نتيجة انخفاض أسعار الأسهم في شركتي سيمنز إنيرجي وأورستد.

تعكس هذه الرهانات القصيرة انخفاض الحماس العام تجاه أسهم الطاقة الخضراء، رغم الإعفاءات الضريبية الضخمة والإعانات التي تقدمها الحكومات لشركات الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة وأوروبا.

وقد يساعد ارتفاع سوق الأسهم الشركات المتجددة والمستدامة على الصمود. تشير أرقام التضخم في الولايات المتحدة التي جاءت أقل من المتوقع إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد لا يحتاج إلى رفع أسعار الفائدة مرة أخرى في المستقبل القريب.

وكانت أرقام التضخم المتراجعة هذه قادت لواحدة من أقوى الارتفاعات في سوق الأسهم في يوم واحد هذا العام. ورغم أن الدمج بين هذه الشركات قد يبدو منطقيًا من الناحية المالية، إلا أنها قد تتعرض لضغوط متزايدة من الهيئة التنظيمية لمكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة الأمريكية.

في مقال كتبته لـ«فاينانشال تايمز» في سبتمبر، ذكرت ليا خان، رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية، أن الوكالة قد رفعت دعوى لوقف استراتيجية الدمج الشرسة التي قد تفضي إلى إلغاء المنافسة.

وقالت إنه تاريخيًا كانت عمليات الدمج عبارة عن استحواذات صغيرة لم يُلق القائمون على مكافحة الاحتكار لها بالًا، لكن مثل هذه العمليات أتاحت للشركات السيطرة بشكل كبير على خدمات رئيسية في الأسواق المحلية. وكان لذلك عواقب وخيمة على المستهلكين والعمال والشركات والمجتمعات».

عمومًا، فمن الواضح أن إدارة بايدن مهتمة بحماية شركات التكنولوجيا النظيفة المحلية لكن على المستثمرين الذين يفكرون في استراتيجية دمج الشركات المتعثرة في مجال الطاقة المتجددة وغيرها من شركات الاستدامة أن يكونوا حريصين ألا يثيروا شكوك الهيئات التنظيمية المعنية بمكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة.

الأكثر مشاركة