تُسرع شركات رأس المال المغامر في وادي السيليكون جهودها لتأسيس هياكل مشابهة لتلك الخاصة بشركات الأسهم الخاصة.

وذلك في إطار السباق لحماية محافظها الاستثمارية، وإعادة الأموال إلى المستثمرين. وعادة ما تعمل صناديق رأس المال المغامر، التي تستثمر في شركات التكنولوجيا الناشئة، لمدة 10 أعوام مع خيار بالتمديد لعامين، وهي مرحلة ينتظر الداعمون فيها عائداً على استثماراتهم، وبدونه، بإمكانهم إجبار الصناديق على بيع الشركات في المحافظ أو إغلاقها.

وينطوي توفير مثل هذه العوائد على مشكلات، إذ أعقبت طفرة التمويل لشركات التكنولوجيا الناشئة إبّان الجائحة، بيئة اقتصادية اكتنفها الغموض.

ما أدى إلى تقضيل الشركات الناشئة أن تبقى خاصة لأمد أطول. واستجابة لهذا الوضع، فإن عشرات الجهات الاستثمارية، بما فيها «نيو إنتربرايز أسوسيتس» ذات رأس المال المغامر بقيمة 25 مليار دولار، و«إنسايت بارتنرز» التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، إما أسست أو تؤسس أدوات «صندوق استمرارية»، بحسب أناس يقدمون استشارات لهذه الخطط.

وصناديق الاستمرارية شائعة في وسط شركات الأسهم الخاصة، ولكنها نادرة الوجود في مجال رأس المال المغامر، وهي تعد أدوات استثمار ثانوية، تتيح لها «إعادة عقارب الساعة» عدة أعوام لبعض الأصول في الصناديق القديمة، ببيعها إلى شركة جديدة تسيطر عليها هي أيضاً. ويساعد هذا ممولي صندوق رأس المال المغامر، ويُعرفون باسم «الشركاء محدودي المسؤولية»، في تحديث استثماراتهم أو التخارج منها.

وقال هانز سويلدنز، مؤسس شركة «إندستري فنتشرز» لرأس المال المغامر: «الوقت ملائم لمثل هذا النوع من الهياكل، وتابع: «في العام المقبل، إذا لم تعمل سوق الطرح العام الأولي كما ينبغي وكان نشاط الاندماج والاستحواذ ضعيفاً، فستكون الأدوات الثانوية هي السبيل الوحيد أمام شركات رأس المال المغامر لإعادة الأموال إلى المستثمرين».

ينفذ آخرون ما يُسمى بـ»المبيعات الجزئية«، وهو شكل من أشكال إعادة الهيكلة، ويتمثل في بيع شريحة من أصول صندوق ما لمستثمرين جدد، عند ازدياد الضغوط لإعادة المال إلى الشركاء محدودي المسؤولية. وذكر مدير العمليات لدى واحدة من شركات وادي السيليكون فالي التي تبلغ قيمتها عدة مليارات:

»ما لم تكن متحفظة حقاً في احتياطاتها، فكل شركة رأس مال مغامر بحاجة للسيولة«، مضيفاً:»هذه مشكلة حقيقية، فأغلب الصناديق يبلغ عمرها 10 أعوام، ولديها بقايا من الخردة التي لا يمكن تمويلها«.

وأفاد أصحاب رأس مال مغامر بأن مؤسسات مالية، بينها»غولدمان ساكس«وجيفريز»، ومديري استثمارات خاصة كبار، أمثال «إندستري فنتشرز» و«ستيب ستون غروب» و«كولر كابيتال»، منخرطون في محادثات مع مجموعات رأس مال مغامر بخصوص عروض لتمويل صفقات ثانوية.

وجمعت الصناديق الثانوية 64 مليار دولار هذا العام؛ لشراء حصص في شركات من مستثمرين برأس مال مغامر أو مستثمرين في الشركات الخاصة، بحسب «جيفريز»، ما يزيد عن إجمالي ما تم جمعه بين عامي 2021 و2022.

وأوضح مات ويسلي، مدير استشارات رأس المال الخاص لدى «جيفريز»: «بالنسبة للكثيرين ممن نجري معهم محادثات استكشافية،هناك حاجة ماسة لتوفير ما هو لازم للتوزيعات»، وتابع: «وفي ضوء ندرة التخارج من الشركات المملوكة لرأس المال المغامر، فالمجموعات المُسجلة كمستشاري استثمار تتطلع بالتأكيد إلى صناديق استمرارية على نحو حثيث».

وشهد سبتمبر الماضي إدراج شركة تصميم الرقائق البريطانية «آرم»، وتطبيق توصيل البقالة الأمريكي «إنستاكارت»، ومجموعة أتمتة السوق «كلافيو» التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها، في بورصة نيويورك، ما وضع حداً لحقبة جفاف للطرح العام الأولي لشركات التكنولوجيا دام 18 شهراً. ومع ذلك، اتسمت التداولات على أسهم هذه الشركات بالتواضع، مما دفع شركات ناشئة إلى إرجاء خطط لطرحها في البورصة.

ولفت جو بايندر، شريك التمويل الخاص لدى «ديبيفوا آند بليمتون» للمحاماة، إلى أن «أداء حفنة من الشركات التي طُرحت في البورصة حفز بعضاً من هذه النقاشات بين شركات رأس المال المغامر»، وأسهب: «كان الناس يأملون في قدر أكبر من الحماسة لإدراج شركات التكنولوجيا، لكنها خفتت، ولذلك يتجه الأشخاص إلى حلول بديلة».

ومع ذلك، فصناديق الاستمراريّة قد لا تكون ذات شعبية في أوساط الشركاء محدودي المسؤولية الذين يتحتم عليهم أن يقرروا ما إذا كانوا سيواصلون دعم صندوق رأس مال مغامر لعدة أعوام إضافية، أم سيبيعون حصصهم، وهو عادة ما يكون مصحوباً بسعر مخفض. هناك أيضاً قيود تنظيمية تصعّب على شركات رأس المال المغامر تأسيس مثل هذه الأدوات إن لم يكونوا مستشاري استثمار مُسجلين.

وسمح صندوق الاستمراريّة لشركة «إنسايت بارتنرز» بتحويل 32 شركة من صناديقها إلى الأداة الجديدة في عملية استغرقت خمسة أسابيع، بحسب خطاب من «جيفريز»، تعرض فيه خدماتها على عملاء رأس مال مغامر. وأسفرت المعاملة عن توزيع 1.3 مليار دولار على شركاء «إنسايت» محدودي المسؤولية، بحسب الخطاب.

وعيّنت «تايغر غلوبال»، التي تدير أكثر من 50 مليار دولار، في مايو الماضي، مستشاري الاستثمارات الثانوية، «إيفركور»، لبدء عملية بيع من محفظتها، وتُعد المبيعات الجزئية خياراً متاحاً أمامها. ولم تلبِ العروض من المُشترين التقييمات التي توقعتها «تايغر»، ولم تكتمل عملية البيع، وفقاً لاشخاص على صلة وثيقة بالخطط.

أمّا «كوايت كابيتال»، التي شملت استثماراتها المبكرة «إير بي إن بي» و«روبن هود»، فقد جمعت 100 مليون دولار من مستثمرين ثانويين في «عرض عطاء متعدد الأصول» نهاية 2021، بحسب وثيقة لـ«جيفريز».

وسمحت العملية لـ «شركاء كوايت كابيتال محدودي المسؤولية» ببيع نصف أو كافة حصصهم في الصندوق إلى مؤسسات استثمارية جديدة لدى «غولدمان ساكس» لإدارة الأصول و«بلاك ستون استراتيجيك بارتنرز»، وهما مستثمران ثانويان، بعلاوة، وفق ما أفاد به شخص مطلع على الصفقة.

وأصبحت صناديق كبيرة لرأس المال المغامر مثل «سيكويا» و«أندريسن هورويتز» و«جنرال كاتاليست» مستشاري استثمار مُسجلين، في الأعوام الماضية. وسهّل التعيين التنظيمي لهم التداول في الأصول المُشفرة والديون والأدوات الثانوية، ما مكّنهم من تداول أسهم مع مستثمرين آخرين في القطاع الخاص.

وقال بايندر: «كانت هناك فيما سبق خطوط فاصلة بين صندوق رأس المال المغامر وصندوق الأسهم الخاصة، لكن تتقارب كل هذه الاستراتيجيات في الوقت الراهن»، وأردف: «صناديق رأس المال المغامر تفعل حالياً أموراً لم تكن لنتصورها قبل 10 أعوام».