ألقى توفان إرغينبيلجيك، رئيس رولز- رويس الشهر الماضي، بكل ثقله وراء الجهود الهادفة لإزالة الكربون من صناعة الطيران. يأتي ذلك رغم أنه كان قد أعلن إنهاء جهود الشركة في مجال الدفع بالطاقة الكهربائية أو بطاقة الهيدروجين.
ويرى إرغينبيلجيك، أن تعجيل المستقبل ذي المحتوى الكربوني الأقل سيتأتى من خلال استخدام وقود الطائرات المستدام، لكن التكلفة المرتفعة لإنتاج ما يكفي من الوقود المستدام، تمثل مجرد عائق واحد من بين عوائق عدة يتعين تجاوزها أولاً.
إن الوقود المستدام قد يبدو خياراً لرئيس تنفيذي جديد يهمه الآن التدفقات النقدية أكثر بكثير من ثاني أكسيد الكربون. ويتماشى ذلك بدرجة كبيرة مع التكنولوجيا الحالية للمحركات التي تقلل التكاليف الاستثمارية للمصنعين، فيما تحتاج تكنولوجيا الدفع بالكهرباء والهيدروجين عمليات تطوير ضخمة ومكلفة حتى تتوفر لها فرصة التغلب على الكثافات منخفضة الطاقة.
ولا يشكل وقود الطائرات المستدام الآن، سوى حصة ضئيلة من إجمالي الوقود المستخدم في صناعة الطيران عالمياً، وقد قدرها الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» بنسبة 0.1 % فقط. ويقوم الإنتاج غالباً على عملية تحويل نفايات الدهون والزيوت، ويؤدي ذلك إلى خفض صافي الانبعاثات الكربونية بنسبة تصل إلى 70 %، مقارنة بوقود الطيران الأحفوري، لكن المشكلة أن تكلفة الوقود المستدام أكثر من ضعفي الوقود التقليدي.
كما أن مخزونات المدخلات تضع الكثير من القيود على الإنتاج التجاري. وقد تكون المواد الاصطناعية التركيبية حلاً ممكناً. ويتم تصنيع أنواع الوقود هذه من خلال المزج بين الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون، لكن هناك مشكلة تتمثل في أنه للوصول إلى هذا الوقود ذي المحتوى الكربوني الأقل بنسبة 90 % مقارنة مع الكيروسين، لابد أن يكون الهيدروجين المستخدم مصنوعاً هو الآخر من مصادر متجددة.
أما ثاني أكسيد الكربون فيمكن التقاطه من العمليات الصناعية الموجودة أو بصورة مباشرة من الأجواء، لكن أيضاً لا تزال هذه التكنولوجيا على بعد سنوات من الإنتاج التجاري، حتى وإن كانت تحظى بدعم ومساندة من صناعة الطيران.
وتقوم شركات عديدة مثل رولز-رويس، وبوينغ، ويونايتد أيرلاينز، بضخ الأموال في الشركات الناشئة الناشطة في هذه المجال.
ومن هذه الشركات شركة «أو إكس سيب سي يو» التي تحظى أيضاً بدعم الحكومة البريطانية. ويمكن للمصادر الضخمة للطاقة المتجددة أن تجعل من المملكة المتحدة منتجاً مهماً في السنوات القادمة، لكن تبقى هناك حاجة لاستثمارات ضخمة لخفض التكاليف.
وحالياً، تصل تكلفة وقود الطائرات المستدام إلى ضعفي سعر الوقود التقليدي إذ تصل إلى 1500 دولار للطن. وتبلغ تكلفة الطن من الوقود الاصطناعي المحول من طاقة إلى سائل نحو 5500 دولار للطن، وفق تقديرات البروفيسور محمد بوركاشانيان، رئيس معهد الطاقة في جامعة شيفيلد، والذي يعتقد أنه بحلول العام 2023 يمكن أن تمثل أنواع الوقود هذه نحو 40 % من إجمالي الوقود المستدام المتاح للاستخدام، والذي تأمل المملكة المتحدة أن تبلغ حصته نحو 10 % من أنواع الوقود إجمالاً.
قد يبدو ذلك متفائلاً بدرجة كبيرة في ظل انخفاض مستوى توفر الهيدروجين الأخضر، لكن الأمر الإيجابي يتمثل في التزام واضح وطويل الأجل من جانب الصناعة.