الملابس المستعملة تفتح أفقاً تجارياً جديداً في اليابان

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان خبر وجود متجر ملابس مستعملة في قلب طوكيو ليمر مرور الكرام لو لم يكن ثمرة أول تجربة عالمية في هذا المجال لشركة «فاست ريتيلينغ» (يونيكلو) اليابانية العملاقة للملابس الجاهزة.

وتباع منتجات «يونيكلو» بثلث أسعارها الأصلية، ويعاد صبغها أحياناً لإعادة طابعها «القديم»، في هذا المتجر المؤقت، الذي أقيم لمدة عشرة أيام في أكتوبر قرب أحد الفروع الرئيسية للمجموعة في حي هاراجوكو العصري.

وتقول آية هنادا، المديرة العالمية لشركة «ري.يونيكلو» المشرفة على المشاريع المختلفة للعلامة التجارية حول الملابس المستعملة لوكالة «فرانس برس»: «إن هذه المبادرة متواضعة، لكنها «خطوة مهمة» في تحديد الاستراتيجية المستقبلية للعلامة التجارية في قطاع يشهد ازدهاراً متزايداً».

وتضيف المرأة البالغة (45 عاماً): «أعتقد أن شعور المقاومة تجاه الملابس المستعملة قد اختفى في اليابان، خصوصاً لدى جيل الشباب»، لأن الوصول إلى هذا النوع من المنتجات أصبح أسهل، ولا سيما بفضل التجارة عبر الإنترنت.

ويشير مايكل كاوستون، المؤسس المشارك لشركة الأبحاث «جابان كونسيومينغ» إلى أن ظهور يونيكلو «يعد علامة على أن إعادة استخدام الملابس أصبحت اتجاهاً سائداً تماماً» في اليابان.

وتقدر شركته حصة الملابس المستعملة بأقل من 6 % من إجمالي قيمة سوق الألبسة في البلاد البالغة 75 مليار دولار.

ولا تزال حصة السوق هذه منخفضة نسبياً، لكنها حققت نمواً «يقرب من 40 % في عشر سنوات»، مع تسارع قوي خلال السنوات الخمس الماضية، وفق ما يشير كاوستون في مقابلة مع وكالة «فرانس برس».

«مسألة موضة»

يشكل قطاع النسيج أحد أكثر القطاعات تلويثاً في العالم، إذ يعاد تدوير 13 % فقط من مواده بطريقة أو بأخرى، وفق تقرير نشرته مؤسسة إلين ماك آرثر عام 2017، ولا يزال مرجعياً في هذا المجال.

في اليابان يعاد تدوير أو إعادة استخدام 34 % من الملابس المهملة، بحسب وزارة البيئة اليابانية، ولكن هذا يشمل الصادرات إلى البلدان النامية، حيث تنتهي هذه المخلفات في كثير من الأحيان في مطامر للنفايات أو يتم حرقها.

ويلفت باحثون إلى أن شراء الملابس المستعملة يمكن أن يساعد في تقليل هذا الأثر البيئي، بشرط تجنب الاستهلاك المفرط.

وتلقى الملابس المستعملة رواجاً في اليابان، منذ أكثر من عقدين، لكن هذا الاتجاه ظل لفترة طويلة مقتصراً على فئة محددة من محبي الثقافات البديلة في البلاد.

ويشير كاوستون إلى أن الأمر «في اليابان كان مسألة موضة» قبل أن يصبح أيضاً مرتبطاً بالاقتصاد الدائري، «على عكس بلدان أخرى مثل فرنسا أو المملكة المتحدة».

وتقول ياماتو أوغاوا (28 عاماً)، التي التقتها وكالة «فرانس برس» في متجر يونيكلو: «أنا على دراية بالجانب المستدام (في الملابس المستعملة)، لكنني غالباً ما أشتريها لمجرد أنها أنيقة».

عوامل ثقافية

وقد دخلت بالفعل علامات تجارية يابانية أخرى هذه السوق، وشهدت سلسلة «سيكند ستريت»، المتخصصة في هذا المجال، تطوراً سريعاً في الأرخبيل في السنوات الأخيرة.

وكان المحفز الآخر هو الازدياد الكبير في المبيعات عبر الإنترنت بين الأفراد، مدفوعاً بشكل رئيسي بالمنصة اليابانية ميركاري، التي تشهد ما يقرب من ثلث المعاملات (من حيث القيمة) على صعيد منتجات الموضة.

تعتبر النظافة «مصدر قلق ثقافي كبير» في اليابان، وكانت «حاجزاً حقيقياً» يحول دون شراء المستهلكين العاديين للملابس المستعملة، وفق كاوستون، الذي يوضح أن «الأمر تغير مع شركة ميركاري»، التي جعلت البيع بين الأفراد «جديراً بالثقة، لأن الدفع لا يتم إلا بعد استلام المنتج».

Email