طفيليات تهدد النحل.. ومديري الشركات

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تبدو عُثة «فاروا»، ذلك البلاء الطفيلي الذي يصيب جموع النحل حول العالم، محفزاً كافياً لمقاضاة مديري الشركات.

ومع ذلك، فقد سلط رأي قانوني، نُشر في أستراليا مؤخراً، الضوء على التهديد الذي تمثله هذه العُثة، بصفتها مثالاً على مخاطر الطبيعة التي تحتاج مجالس الإدارة وضعها في الاعتبار.

ضمن إطار واجباتهم الوظيفية. أما المديرون الذين يفشلون في القيام بذلك، فقد يجدون أنفسهم مسؤولين قانونياً عن انتهاك واجباتهم، بموجب قانون الشركات الأسترالي.

ويبدو من غير المرجح رفع أية دعاوى جماعية بسبب عُثة «فاروا» التي هاجمت الشواطئ الأسترالية العام الماضي، وأسفرت عن إغلاق الكثير من خلايا النحل.

لكن رأياً قانونياً يذهب إلى أن ترك عُثة «فاروا» دون علاج، من شأنه قتل كافة مستعمرات نحل العسل في ربوع أستراليا. ويقول هذا الرأي: «الأمر ليس مجرد خطر على الشركات العاملة في إنتاج النحل، إذ يمكن أن يؤثر أيضاً في المعتمدين بصورة مباشرة، أو من خلال سلسلة توريد على خدمات التلقيح التي يقدمها نحل العسل، مثل الزراعة والأغذية والمشروبات».

وجاء صدور هذا الرأي القانوني، بتفويض من شركة الاستثمارات والاستشارات «بولنيشن لو»، بالاشتراك مع مبادرة «كومنولث كلايمت آند لو»، ومقرها المملكة المتحدة، وهي شركة بحوث قانونية دولية.

ويأتي هذا الرأي ليضاف إلى تحذير للشركات في نيوزيلندا هذا العام، من شركة «تشابمان تريب» للمحاماة، بوجوب اهتمام الشركات بمخاطر الطبيعة وعدم التقليل من شأنها. ومن المُتوقع إصدار بلدان أخرى، تشمل المملكة المتحدة، آراء بهذا الصدد بمرور الوقت، مع إثارة المحامين في أستراليا ونيوزيلندا لنقاشات عالمية حول هذه المسألة.

وكان «رأي هاتلي» الأسترالي، سابقة في قضية التركيز على الطبيعة، عندما صدر في عام 2016، حيث اعتبر مديري الشركات مسؤولين قانونياً عن الكشف عن المخاطر المناخية وإدارتها. وهذا الرأي، الذي شارك في كتابته شخص عمل على التوجيهات الجديدة بشأن المخاطر الطبيعية، ثبت كونه مؤثراً على مستوى العالم، وكان تأثيره واضحاً في أستراليا.

وبلغ عدد كبرى الشركات الأسترالية المُدرجة حالياً، التي تعلن تقارير إفصاح مالي مرتبطة بالمناخ 75 % في مارس، مقارنة بنسبة 10.5 % فقط في2017، بحسب بيانات استشهد بها الرأي القانوني.

وتنتظر «بولينيشن لو» مساراً مماثلاً في الامتثال للمخاطر الطبيعية، بعد إعلان الإطار الدولي من جانب فرقة العمل المعنية بالإفصاحات المالية المتعلقة بالطبيعة في نيويورك في سبتمبر الماضي. وتتيح فرقة العمل توجيهات للشركات، لتأطير استجاباتها في مواجهة التغير المناخي والمخاطر ذات الصلة بالطبيعة.

وفي أستراليا، التي اجتاحتها حرائق غابات وفيضانات وحرارة شديدة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، شملت القطاعات ذات الاعتمادية المباشرة على الطبيعة، الزراعة والغابات وصيد الأسماك والتشييد والخدمات المائية. ويشكّل ذلك قرابة 16 % من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب الرأي القانوني لـ «بولينيشن لو».

لكن القطاعات التي تبدو أقل عُرضة بشكل مباشر، ومع ذلك تعتمد على الطبيعة لسلاسل توريدها، كالتعدين والكيماويات والطيران والعقارات والسياحة، فتحتاج مجالس إداراتها للنظر في كيفية تأثير هذه المخاطر على واجباتهم.

وقد تأتي إلى واجهة المشهد مخاطر على السمعة، إذا وقعت شركة ما في الجانب الخاطئ في خضم كارثة طبيعية، ما من شأنه التسبب في هجوم من جانب المستثمرين على الشركة.

وقال روهيتش داوان، الرئيس التنفيذي للمجلس الدولي للتعدين والمعادن، خلال قمة التعدين التي نظمتها «فاينانشال تايمز» في أكتوبر، إن القطاع تعامل في السابق مع الطبيعة وكأنها «صندوق مهملاته».

وذكر داوان: «لِم نحن في هذه الفوضى في المقام الأول؟ ببساطة، لأننا عاملنا الطبيعة وكأنها شيء مختلف ومنفصل عن الاقتصاد». وسلّط داوان الضوء على أن قطاع التعدين بات يتعلم أن الاستثمار في رأس المال الطبيعي «سيؤتي ثماره»، ما ساعد فرقة العمل المعنية بالإفصاحات المالية المتعلقة بالطبيعة في توفير إطار العمل لهذه المناقشات.

وترى «بولينيشن لو» أن تنفيذ «تكتيك الكماشة»، والذي يتمثل في تعزيز اللوائح التنظيمية بشأن حماية الطبيعة، وكذلك تعزيز خطر المقاضاة، من شأنه إجبار مديري الشركات على التكيف سريعاً، فيما سيرتفع سقف متطلبات فرقة العمل المعنية بالإفصاحات المالية المتعلقة بالطبيعة بمرور الوقت.

وحري بمن يخشون هجمة للدعاوى الجماعية بشأن الواجبات والالتزامات تجاه الطبيعة، ملاحظة غياب أية دعاوى قضائية ناجحة ضد مديري الشركات الأسترالية، استناداً إلى وجهات نظر «رأي هاتلي» بشأن الواجبات المناخية. ويعكس ذلك الخطوات التي اتخذتها مجالس الإدارة للتكيف، وكذلك مع مدى ارتفاع احتمالات المقاضاة.

ويتبدى الميل نحو هذه القضايا من خلال القضية البارزة التي نظرتها المحكمة العليا للمملكة المتحدة هذا العام، والتي رفعتها مجموعات بيئية ضد مديري شركة «شِل» النفطية، وادعوا فيها انتهاك المديرين واجباتهم القانونية، المتمثلة في إدارة المخاطر «الكبيرة والتي يمكن التنبؤ بها» للتغير المناخي على نحو مناسب.

وقد فشلت هذه المحاولة القضائية، لكنها في كل الأحوال تسلّط الضوء على وجوب أن يكون وضع المخاطر البيئية في الاعتبار طبيعة ثانية لمجالس الإدارة.

كلمات دالة:
  • FT
Email