تراكم النقد يدفع صناعة الأسهم الخاصة للبحث عن استراتيجيات جديدة للتخارج

استهلت صناعة الأسهم الخاصة عام 2024 بكميات قياسية من أموال المستثمرين التي لم يتم إنفاقها، وأيضاً قدر غير مسبوق من الصفقات القديمة التي يتعين على الشركات بيعها في الأعوام المقبلة.

وأشارت بيانات «إس آند بي غلوبال ماركت إنتيليجنس» إلى أن شركات الأسهم الخاصة تتراكم لديها حتى 15 ديسمبر احتياطات نقد قياسية بلغت 2.9 تريليون دولار، مُتاحة لعمليات الاستحواذ واستثمارات أخرى. واحتفظت أكبر 25 مجموعة في الصناعة بنحو ربع هذا القدر، وهي تتضمن شركات «أبولو غلوبال» و«بلاكستون» و«كيه كيه آر» و«سي في سي كابيتال» و«أدفنت إنترناشونال».

ويعتقد مسؤولون تنفيذيون في الصناعة ومستشاروهم أن العام الجديد يمثل اختباراً كبيراً لمستثمري الأسهم الخاصة، مع سعيهم إلى إيجاد سبل لبيع استثمارات كبيرة، وتطلعهم إلى فرص جديدة.

وأفادت «بين آند كو» للاستشارات أن عدد صفقات التخارج لشركات الأسهم الخاصة في الربع الأخير كانت قرب أدنى مستوياتها منذ عقد، في ظل استمرار فتور سوق الطروحات العامة الأولية، وتباطؤ إبرام الصفقات على مستوى العالم.

وترك هذا، شركات الاستحواذ، باستثمارات غير مباعة تبلغ 2.8 تريليون دولار، ما وصفته «بين» بأنه «تراكم هائل» ترغب الشركات في التخارج منه. وقال مصرفي بارز في مجال الدمج والاستحواذ «نرى قدراً كبيراً من القلق لدى مالكي الأسهم الخاصة، لأنه من غير الواضح ما ستؤول إليه مبيعات الأصول».

وتسببت هذه الأوضاع في شعور بالإحباط بين كثير من المؤسسات الاستثمارية الكبيرة التي تتوقع عادة تدفقاً منتظماً للنقد، خاصة مع بيع مجموعات الأسهم الخاصة استثمارات ما زالت تدر أرباحاً. وعوضاً عن ذلك، تلقى هؤلاء المستثمرون نسبة ضئيلة فقط من المال في الأعوام الخمسة الماضية، رغم تخصيصهم قدراً كبيراً من الأموال لتمويل صفقات الاستحواذ الجديدة.

ورجح مصرفيون استخدام المجموعات للمال المتوفر لديها خلال الأشهر المقبلة، وإبرامها أيضاً صفقات لبيع استثمارات قديمة، خاصة مع تنامي التفاؤل ببلوغ أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ذروتها، بعد أكثر الزيادات حدة منذ عقود.

وقالت إليزابيث كوبر، الشريكة والرئيسة المشاركة لممارسات دمج واستحواذ الأسهم الخاصة لدى «سيمبسون تاتشر آند بارتليت» بأنها «شعرت وكأن 2023 كان العام الذي استوعب فيه الأشخاص محافظهم الاستثمارية.

وآمل في أن يشهد عام 2024 إعادة ضبط لتتسارع الصفقات من جديد». أما كارستن فويهرن، الرئيس المشارك لعمليات الدمج والاستحواذ في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى «جيه بي مورغان»، فقال: «هناك الكثير من الصفقات تنتظر التنفيذ في النصف الأول، ونتوقع سير الأمور على ما يرام بالنسبة لمجموعة كبيرة منها».

وفي سعيها لإبرام الصفقات، نفذت الكثير من مجموعات الأسهم الخاصة تكتيكات هندسة مالية، ترمي إلى رأب الصدع بين ما سيدفعه المشترون للاستحواذ على شركة، وما سيقبله الملاك.

وسلط تشارلز هايز، الرئيس العالمي المشارك لرأس المال الخاص لدى «فريشفيلدز براكهاوس»، الضوء على ازدياد تركيز الشركات على «معاملات مُهيكلة» للصفقات التي تستخدم الأسهم مع ميزات شبيهة بالديون.

وقالت مصادر لصحيفة «فاينانشال تايمز» إن مجموعات الأسهم الخاصة التي تبيع أعمالاً لبعضها البعض، تستخدم هياكل معقدة بشكل متزايد. ويشمل ذلك مدفوعات إضافية معتمدة على الأداء، أي أنها تدفع نقداً إضافياً للجهة البائعة، إذا كان أداء الشركة أفضل من المتوقع، أو أدوات أخرى، مثل الدفعات المؤجلة من مشترين، وتجديد لاستثمارات كبيرة من الجهات البائعة؛ بهدف الانتهاء من إبرام الصفقات.

ويزداد حماس مصرفيين ومسؤولين تنفيذيين في شركات الأسهم الخاصة تجاه الانفصال الجزئي للشركات، وهي عملية تشتري فيها شركة أسهم خاصة خط أعمال ما من مؤسسة كبيرة.

ويعد الانفصال الجزئي لشركة المدفوعات العالمية «وورلد باي» عن «إف آي إس»، لصالح «جي تي سي آر»، أكبر صفقة للأسهم الخاصة في 2023، حيث بلغ تقييمها 18 مليار دولار. وتخلت «إف آي إس» عن خطتها لفصل «وورلد باي» وإدراجها في البورصة، فباعت 55 % من الأعمال إلى «جي تي سي آر» في صفقة جلبت ما قيمته 11.7 مليار دولار للشركة البائعة.

وأشار ماكس جوستيش، الرئيس المشارك للرعاة الماليين لـ«يو بي إس» في الأمريكتين، إلى تطلع كثير من شركات الاستحواذ إلى تكرار صفقات استحواذ كبيرة على أجزاء من الأعمال في 2024. وقال «تتطلع شركات الاستحواذ الكبيرة إلى البرهنة على قدرتها على إبرام صفقات انفصال جزئي، مع تمتعها بقدر من الخبرة في الإدارة والكثير من السيولة الاحتياطية».