أداء أسواق الأسهم يفتح باب الأمل أمام مقترضي الأسواق الناشئة

ينفتح المستثمرون في السندات على مجموعة من البلدان، كانت معزولة عن الأسواق الدولية في العامين الماضيين، ما يحيي آمالاً ببدء انحسار أزمة للديون في العالم النامي. وعززت مكاسب السندات العالمية في الشهرين الماضيين، والتي جاءت في سياق توقعات بخفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة واقتصادات كبيرة أخرى، الديون الأكثر خطورة، مع سعي المستثمرين للحصول على عوائد أعلى.

وساعد انخفاض تكاليف الاقتراض الناجم، على انتشال بلدان من أزمة الديون، عادة ما تُعرّف بأنها تخطّي تكلفة الاقتراض بالدولار الأمريكي تكاليف سندات الخزانة الأمريكية بأكثر من 10 نقاط أساس، ما يمنع حكومة ما فعلياً من طرح ديون جديدة.

وتشهد عشرة بلدان حالياً، وهي أنغولا ومصر والسلفادور والغابون والعراق وكينيا ومنغوليا وموزمبيق ونيجيريا وطاجكستان، انخفاضاً في فروق الاقتراض لديها دون هذا المستوى منذ 2022. ويحفز هذا آمالاً بقدرة مزيد من الدول النامية على إعادة تمويل ديونها لجولات جديدة من الاقتراض، عوضاً عن الانضمام إلى زمرة الاقتصادات التي عجزت عن سداد ديونها في أعقاب الجائحة.

وقال سايمون ويفر، الرئيس العالمي لاستراتيجية الائتمان السيادي للأسواق الناشئة لدى «مورغان ستانلي»: تبدو الأمور على نحو أفضل بصفة عامة، مع تحسّن الوصول إلى التمويل، وتابع: أعتقد بوجود فرصة لوصول بعض ممن كانوا مُستثنين من الأسواق إليها حالياً.

وعززت ساحل العاج حُجة المتفائلين هذا الأسبوع، لكونها أول بلد في إفريقيا جنوب الصحراء تصدر سندات دولية منذ نحو عامين، حيث تمكنت من جمع 2.6 مليار دولار من السوق. ويرجح مستثمرون سير مصدرين آخرين ممن لديهم تصنيف ائتماني خردة على خطاها.

وقال بول غرير، مدير محفظة ديون الأسواق الناشئة لدى فيدليتي إنترناشونال: استفادت ساحل العاج بكل تأكيد من تحسن المعنويات وانخفاض العوائد، ويتوقع استمرار زخم تراجع التضخم، ما سيدفع بآخرين إلى السوق هذا العام.

وكان تراجع عوائد السندات في الولايات المتحدة وأسواق متقدمة أخرى، أكبر محرك وراء مكاسب السندات، لأنه يجعل أصول الأسواق الناشئة أكثر جاذبية للمستثمرين، لكن يشير اقتصاديون أيضاً إلى انخفاض أسعار النفط والقمح، وهو ما يقلل بدرجة إضافية من الضغوط على كاهل بعض الاقتصادات الناشئة.

وقال ويليام جاكسون، كبير خبراء الاقتصاد في الأسواق الناشئة لدى كابيتال إكونوميكس: إذا ما ألقينا نظرة على عام 2022، لوجدنا أن المخاوف من أزمة ديون كانت على أشدها، ما دفع بالكثير من هذه الاقتصادات إلى أوضاع غير آمنة. وأردف: كان الاحتياط الفيدرالي على وشك رفع أسعار الفائدة وتصاعدت عوائد السندات الأمريكية سريعاً، وازدادت أسعار السلع جراء الحرب في أوكرانيا، لكن كافة هذه العوامل بدأت تنعكس.

بيد أن هناك شكوكاً حول شهية السوق تجاه إقراض هذه الدول، إذ ما زالت جروح بعض المستثمرين إثر عجز بلدان عن سداد ديونها في أعقاب الجائحة لم تندمل بعد. وتخلفت كل من زامبيا وسريلانكا، ودول أخرى ممن عجزت عن السداد، عن ركب إعادة هيكلة الديون، إثر نزاعات بين الدائنين.

ورغم حالات العجز عن السداد الضئيلة نسبياً منذ 2022، أشار مدير أحد الصناديق إلى شُح تدفقات الأموال من جديد إلى ديون الأسواق الناشئة بالعملة الصعبة، لافتاً إلى أن الكثير من هذا يتعلق بالتجربة التي مرت بها السوق في ما يتعلق بإعادة الهيكلة.

وهناك شكوك أيضاً حول ما إذا كان تضاؤل الفروق يمثل مؤشراً كافياً يسوّغ وصول هذه الدول إلى الأسواق وعدم تخلفها عن سداد الائتمان الجديد. وقال إمري تيفتيك، مدير بحوث الاستدامة لدى المعهد الدولي للتمويل: هذه المعدلات ليست دالة على شيء، وهي مدفوعة إلى حد كبير بالتوقعات إزاء السندات الأمريكية. وأسهب: ما زالت هناك توترات قائمة بشأن الدين المحلي والنفقات الحكومية، وهي تشي بعدم قدرة بعض من هذه الدول على الوصول إلى أسواق رأس المال.

وفي حين انكمشت فروق العوائد مقابل سندات الخزانة الأمريكية، لكن ستظل الكثير من الاقتصادات الناشئة الأكثر خطورة تواجه تقريباً تكاليف اقتراض بأرقام مزدوجة. وقد تفضّل بعض البلاد تفادي جولة جديدة من الاقتراض من سوق السندات، ويمكن أن تسعى عوضاً عن ذلك إلى الحصول على تمويل أرخص، مثل مزيد من القروض من صندوق النقد الدولي ومُقرضين رسميين آخرين، على حساب شروط متعلقة بالسياسات.

وبالنسبة للبلدان التي لن تعجز عن السداد، يعتقد برايت سايمونز، نائب رئيس البحوث مركز إماني البحثي الغاني، بأنها ستخفف الألم عبر استخدام رأس مال متعدد الأطراف لكي تواصل سداد ديونها المتزايدة، وبمواصلة تقليص نفقاتها الحكومية.

وتعتمد غالبية الحكومات القريبة من الوقوع في أزمات الديون بالفعل على دعم مقرضين متعددي الأطراف، مثل صندوق النقد والبنك الدوليين؛ لمساعدتها في سداد تكاليف الديون وتفادي العجز عن السداد. وأخرجت مؤسسة التنمية الدولية، وهي جزء من البنك الدولي يعمل على تقديم قروض بأسعار فائدة منخفضة للبلدان الأكثر فقراً، من جعبتها 27 مليار دولار في 2023.

وفي العام الماضي، طرحت مصر المُثقلة بالديون، سندات ساموراي مُقوّمة بالين الياباني مرتين، وكانت مؤسسة التمويل الإفريقية داعمة للسندات باعتبارها ضامناً. وفي الوقت ذاته، تسعى كينيا لمبادلات ديون لصالح تغيرات المناخ، ويتمثل الأمر في شطب جزء من الديون لقاء إعلان التزامات بمعالجة التغير المناخي، لتحذو حذو دول أخرى مُثقلة بالديون مثل الإكوادور.

لكن يحذر محللون من أن مثل هذه البرامج قد لا تكون كافية لوقف تخلف الاقتصادات الناشئة عن سداد ديونها، مثلما فعلت إثيوبيا في ديسمبر. وقال سيرغي لاناو، مدير الاستراتيجية العالمية للأسواق الناشئة لدى أوكسفورد إكونوميكس: ثمة نظرة مستقبلية عالمية أفضل للأرباع القليلة المقبلة، وخاصة في الدول التي وقعت فريسة للتعثر في ما سبق، وأضاف: لكن ما زال علينا توقع بعض حالات التخلف عن سداد الديون السيادية.