مُعضلة أجر إيلون ماسك

لم تبذل كاثلين ماكورميك، قاضية محكمة ديلاوير شانسري، جهداً في إخفاء دهشتها من حزمة الأجر الهائلة التي حصل عليها إيلون ماسك عام 2018، عندما حكمت الأسبوع الماضي بضرورة إلغائها.

وقالت إن مجلس إدارة «تسلا»، ربما كان منبهرًا بجاذبية ماسك الاستثنائية، إلا أن المجلس فشل تماماً في طرح «سؤال الـ 55.8 مليار دولار: هل كانت هذه الحزمة ضرورية للحفاظ على ماسك وتحقيق أهداف المجلس؟»، كانت إجابتها المدوية في الحكم هي «لا».

إذا استمر صمود هذا الحكم أمام أي استئناف، فما الذي كان يجب على تسلا أن تدفعه مقابل خدمات ماسك؟ وما ضخامة الحصة التي يستحقها في شركة تجاوزت قيمتها التريليون دولار لفترة وجيزة عام 2021؟ وما مدى سيطرته الشخصية على الشركة على المدى الطويل؟.

هذه هي الأسئلة التي يجب على مجلس إدارة تسلا التعامل معها الآن بصورة عاجلة، إذا ما أراد الحفاظ على مديره التنفيذي، المعروف بتقلباته.

كما أنها أسئلة يجب أن تواجهها كل شركة تكنولوجية ناجحة، لا يزال مؤسسها يقودها. تمت الإجابة عن سؤال «كم» هذا بطُرقٍ متنوعة جداً. ولا يوجد استنتاج بسيط: الأمر يعتمد على ما سيتقبله مجلس إدارة الشركة والمساهمون فحسب.

واشتهر ستيف جوبز بالعمل رئيساً تنفيذياً لشركة «آبل»، مقابل دولار واحد سنوياً. كانت حصة ملكيته تقتصر على خانة الآحاد، لكنه كان يعتبره حافزاً كافياً لاستمراره في العمل.

وعلى النقيض تماماً، كان هناك مديرون تنفيذيون مؤسسون، مثل لاري إليسون في شركة «أوراكل»، الذي وصل أجره السنوي نحو 100 مليون دولار، قبل عقد من الزمن.

وفي النهاية، تم تخفيض تعويضاته بعد سنوات من شكاوى المساهمين.

لكن صفقة تعويضات الأسهم الخاصة بماسك، التي بلغت قيمتها 55.8 مليار دولار، أطاحت بكافة المقارنات. وادعت تسلا أن هذا «أمر مفيد» لمساهميها، لأن ماسك لن يحصل على الأسهم إلا إذا ارتفعت قيمة شركة تسلا السوقية إلى 600 مليار دولار. كيف لا يمكن أن تكون هذه صفقة رائعة؟.

اختارت القاضية ماكورميك النظر إلى الأمر من زاوية مُختلفة: ما الذي تحتاج الشركة فعلياً أن تدفعه لماسك، للتأكد من استمراره في الحضور إلى العمل؟

فقد أوضح ماسك أنه سيبقى في تسلا على أي حال. كان حكمها مبنياً على التقييم العادل. وحسب قولها، فإن العملية التي مر بها مجلس الإدارة، لم تكن مستقلة بما فيه الكفاية، حيث لا يمكن تبرير حجم المكافأة الكبير، لأنه أكبر بـ 250 ضعفاً من متوسط التعويضات التي يحصل عليها نظراؤه من المديرين التنفيذيين.

وهذا لا يعني بالضرورة أن «تسلا» لا يمكنها التوصل إلى حزمة أسهم ضخمة جديدة بديلة للمرفوضة تواً. إذا تعاملوا مع الأمور بالطريقة الصحيحة، فكل ما على «تسلا» وماسك القيام به، مثل أي شركة، هو التأكد من حصول المساهمين على فرصة للاطلاع الكامل، قبل إصدار حكمهم على الخطة، ووفقاً للقاضية، فهذا شيء لم يحدث في المرة الأخيرة.

في الوقت نفسه، إذا صمد هذا القرار أمام أي استئناف، فسيؤدي إلى تقليص كبير في حصة ماسك الشخصية في تسلا.

تركت خطة عام 2018 له 304 ملايين سهم ضمن خيار الشراء، ما يمثل نحو 10 % من إجمالي عدد أسهم الشركة الحالية. وبدون فرصة لممارسة خياراته على هذه الأسهم، فلن يتبقى له سوى الـ 13 % التي يمتلكها حالياً.

هذا أقل بكثير من النسبة التي ذكرها في وقتٍ سابق من العام الجاري، والذي قال إنه يحتاجها ليظل ملتزماً تماماً تجاه الشركة، وهي 25 %، وإلا فإنه سينقل جهوده في الذكاء الاصطناعي والروبوتات لمشاريعه الأخرى.

ومثل العديد من تغريدات ماسك، يبدو اقتراحه بأنه قد يعيد تركيز جهوده في الذكاء الاصطناعي إلى مكان آخر، كما لو كان دعوى قضائية مستقبلية، ينتظر حدوثها. فكثيراً ما زعم أن أغلب قيمة شركة تسلا المستقبلية تعتمد على تشغيلها أسطولاً كبيراً من سيارات الأجرة الآلية، بدلاً من كونها مجرد شركة لتصنيع السيارات، كما روج لخططها لصناعة روبوتات شبيهة بالبشر.

ويقول المستثمرون إنهم بالفعل قد دفعوا ثمن هذا المستقبل.

وتراجعت أسهم «تسلا» بعد هذه الأخبار، بينما تنتظر «وول ستريت» لترى ما ستفعله الشركة لاحقاً. وقد يكلف رفع حصة ماسك من 13 % إلى 25 %، المساهمين نحو 70 مليار دولار.

بينما اقترح ماسك نفسه أن تفكر الشركة في إنشاء فئة أسهم منفصلة، ذات حقوق تصويت إضافية، ما يزيد سيطرته دون تحقيقه منفعة اقتصادية إضافية. لكن بينما تمتلك العديد من الشركات التكنولوجية هيكلاً ثنائي الفئة لأسهمها وقت الطرح العام، فإن إنشاء واحداً بعدها سيكون انحرافاً جذرياً عن الممارسات العادية.

وفقاً لماكروميك، فقد حطمت صفقة الأجر الخاصة بإيلون ماسك لعام 2018، جميع الأرقام القياسية التاريخية، كونها «أكبر فرصة تعويض محتملة رصدت على الإطلاق في الأسواق العامة، وبأضعاف عديدة». ويمكن أن تكون الصفقة التالية استثنائية بالقدر ذاته.

الأكثر مشاركة