قسوة كبيرة من «وول ستريت» تجاه المديرات التنفيذيات في مكالمات أرباح المستثمرين

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد تكون عملية التدقيق في أداء النساء التي تتولى قيادة الشركات قاسية ولا ترحم. ويتجلى ذلك بوضوح في طقوس وول ستريت الخاصة بمكالمات إعلان الأرباح، حيث يواجه المسؤولون التنفيذيون تساؤلات من المحللين الماليين والمستثمرين حول أحدث النتائج.

ولا يتم تحليل الأرقام وأداء الشركة فحسب، بل يتم تقييم المديرين التنفيذين أيضاً، بناءً على كيفية تقديم أنفسهم. ويواجه الرجال التدقيق، بطبيعة الحال، لكن دراسة جديدة أثارت سلسلة من الأسئلة غير المريحة للنساء في هذا المنصب، فقد وجدت أن كيفية حديثهن يمكن أن تشي بأداء ضعيف للشركة.

وقام أكاديميون من جامعة «برغن»، وكلية سعيد لإدارة الأعمال، بتحليل التسجيلات الصوتية، ونصوص مكالمات إعلان الأرباح لنحو 2993 شركة مدرجة بالولايات المتحدة، في الفترة بين 2010 و2019، لما يسمى بـ «Uptalk» – وهي طريقة للتحدث، يرتفع فيها الصوت في نهاية التصريح - خلال جلسات الأسئلة والأجوبة.

وطريقة التحدث هذه تبرز عادة عند النساء في العالم الناطق باللغة الإنجليزية. ورغم ارتباطها ظاهرياً بسمات إيجابية، مثل التعامل بشكل ودود، إلا أنها أيضاً يمكن أن تكون إشارة تكشف عن عدم اليقين، والأهم من ذلك، عن أرباح أسوأ من المتوقع. ويخلص البحث إلى أن المحللين، الذين هم في الغالب من الذكور، مثل الرؤساء التنفيذيين، يقدمون على خفض الصوت عند التوصيات، رداً على رفع نغمة الصوت من جانب المديرات التنفيذيات.

وبينما يشكك المؤلفون في ما إذا كانت هذه استجابة متحيزة، فإنهم يعدّونها في النهاية منطقية. وببساطة، كان ثمّة ارتباط قوي بين ارتفاع نغمة صوت النساء وتحقيق أرباح أقل من المتوقع خلال الربع التالي. لكن ارتفاع نغمة صوت الرجال، أظهرت عدم وجود مثل هذه العلاقة. كما أظهر البحث أن ارتفاع نغمة الصوت لدى المديرات التنفيذيات، زاد عندما كانت العقبات المالية لشركاتهن أكبر، أو في حالة خفض المحللين لتوصيات الأسهم سابقاً.

وكتبت أنانثا ديفاكاروني، ولورا فريتش، وهوارد جونز وآلان موريسون: «يستجيب المحللون سلباً عندما تستخدم المديرات التنفيذيات نبرة عالية غير متوقعة، وتشير بياناتنا إلى أن توقعات المحللين، إن وجدت، تتغير على نحو أقل مما يجب».

وبينما قد تكون استجابات السوق لأنماط الكلام المرتبطة بالجنسين منطقية، إلا أنه لا يحكي القصة الأشمل. ويظهر تحليل آخر بوضوح، التحيز المنتشر ضد المديرات التنفيذيات.

وستدرك الكثير من النساء، الضغوطات التي تواجه المديرات التنفيذيات حول كيفية تمثيل أنفسهم، حيث يجب أن يجهرن برأيهن، لكن دون صخب، ويكن واثقات من أنفسهن دون غرور، ومتعاطفات، لكن ليس لدرجة الضعف، ويرسمن ابتسامة ويبدُن متحمسات، حتى لا يظهرن بمظهر المتهجم أو العدائي، وهي كلمات نادراً ما تُستخدم مع نظرائهن من الذكور. علاوة على ذلك، لا ينبغي لهن التذمر.

كما بحثت دراسة إعلان الأرباح في تأثير حركة «أنا أيضاً». فبعد هذه الحركة، وجدت أن معدل ارتفاع نغمة الصوت بوساطة المديرات التنفيذيات، انخفض مع وجود عدد أكبر من النساء خلال الإعلان، في إشارة إلى أنهن أصبحن أكثر ثقة.

في المقابل، زاد معدل ارتفاع نغمة الصوت لدى الذكور، مع وجود عدد أكبر من المحللات خلال المكالمات. وبينما كان ارتفاع نغمة الصوت بعد عام 2017، يُنظر إليه على أنه إشارة إلى انخفاض الأرباح المستقبلية على المدى القصير، فإن ارتفاع نغمة الصوت لدى الذكور، كان يُنظر إليه على أنه إشارة إيجابية من قبل السوق. وقالت الدراسة: «إن إحدى نتائج الحركة التي كانت تهدف إلى تحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية للنساء، كانت تثيب الرجال الذين عرضوا أنماط خطاب أنثوي».

ووجدت دراسة لاحقة، أجراها اثنان من المؤلفين أنفسهم، أن محللي الأسهم أكثر ميلاً لخفض توصيات الأسهم عند تعيين الشركات امرأة في منصب الرئيس، وعلى الرغم من عدم وجود أدلة على أن هؤلاء النساء المعينات حققن أداءً أقل، كما أنهم أكثر ميلاً لمقاطعتهن أثناء الحديث. وأخبرتني المديرات التنفيذيات، أنهن يعتقدن أنه يُنظر إليهن على أنهن مصدر خطر، ويُعاقبن بسرعة أكبر مما يحدث عندما تكون الأخطاء من الرجال.

وقد يفسر ذلك أيضاً التحليل الذي أجرته شركة «راسل رينولدز» للتوظيف، حيث أوضح أن بقاء النساء في منصب الرئيس التنفيذي خلال عام 2023، كان متوسطه 4.1 سنوات، مقابل 8.7 سنوات للرجال.

ونظراً لدراسة ارتفاع نغمة الصوت، قد تشعر بعض المديرات التنفيذيات بالحاجة إلى تغيير طريقة حديثهن، إذا كان ذلك مؤشراً على أن الأمور تسير على نحو خاطئ في أماكن عملهن. وقد دفعهم المدربون الإعلاميون نحو خفض أصواتهن. لكن لتحديد هذا بشكل مختلف، ربما تكون المديرات التنفيذيات أكثر صدقاً، وأقل ميلاً لتجاهل الأمور الصعبة، أو التحدث في موضوعات لا يعرفن عنها سوى القليل، فالجوانب السلبية للثقة المفرطة، تبدو بمنتهي الوضوح داخل الحياة المؤسسية.

وفي النهاية، يقول ويليام تشينج، خبير الأصوات النسائية بكلية دارتموث، إن التدقيق في كلام النساء، هو مثال على عدد لا يحصى من القيود المزدوجة التي يواجهونها في بيئة العمل.

وأضاف: «بدلاً من أن نسأل عن سبب معاقبة النساء على فعل شيء معين وعكسه، يجب التركيز على السبب الذي يجعل الرجال و«النساء» يميلون لمعاقبة النساء بسيل لا نهاية له من المعضلات الصعبة في الأساس».

كلمات دالة:
  • FT
Email