الأزمة العقارية في الصين تترك تداعياتها واضحة على لوس أنجليس

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما كشف النقاب عن خطط تطوير مشروع «أوشن وايد بلازا» في 2015، وصف المشروع بأنه رمز لامع لنهضة وسط مدينة لوس أنجليس.

وطرح الداعمون الصينيون رؤية للمشروع الذي تبلغ قيمته مليار دولار، اشتملت على 500 شقة سكنية فاخرة وفندق خمس نجوم، ومساحات للبيع بالتجزئة، وكل ذلك في موقع متميز مقابل الناحية التي يلعب فيها فريق «لوس أنجليس ليكرز» مباريات كرة السلة كما ستغطي شاشة بارتفاع 700 قدم من أضواء «ليد» المبنى، ما سيمنح مزيداً من الحيوية للوجهة الترفيهية المزدهرة.

ومع ذلك، يقبع «أوشن وايد بلازا» اليوم، من دون إنجاز لعمليات تطويره، بعد أن أفلست الشركة المسؤولة عن التطوير. وبدلاً من أن يكون وجهة بارزة لوسط المدينة، صار «أوشن وايد» مشكلة أخرى تقض مضاجع مسؤولي لوس أنجليس، الذين يواجهون بالفعل أزمة تشرد، ونقصاً بالغاً في الإسكان المعروض بأسعار ميسورة.

واليوم، تتغطى المباني الثلاثة غير المكتملة لـ«أوشن وايد بلازا» برسوم غرافيتي تبدو كأنها تتحدى الجاذبية، حيث حصلت الأعمال المرسومة بالرش على اهتمام عالمي في يناير، عندما أقيم حفل توزيع جوائز «غرامي» في الناحية المقابلة من الشارع في ساحة «كريبتو دوت كوم». واجتذبت هذه الدعاية مزيداً من فناني غرافيتي، ومتهورين آخرين.

وفي الأسابيع التالية للحدث، نشر هواة الطيران الشراعي مقاطع فيديو لأنفسهم وهم يقفزون من أعلى العوارض العارية للمبنى الذي يزيد ارتفاعه على 20 طابقاً. وكانت هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لكارين باس، عمدة لوس أنجليس.

وصرحت باس لمحطة تلفزيونية محلية منذ أيام: «أنا على يقين من أن مأساة ستقع هناك إذا لم يغطَّ هذا المبنى بالألواح سريعاً»، وتابعت: «يجب على الملاك تعويض المدينة عن كل سنت». ومنحت المدينة شركة «أوشن وايد»، مهلة حتى نهاية الأسبوع، لتأمين المنطقة المحيطة بالموقع. وإذا فشلت الشركة في فعل ذلك، فستقع المهمة وتكاليفها على الأرجح على عاتق مدينة لوس أنجليس.

وتقدم كيفين دي ليون عضو مجلس مدينة لوس أنجليس باقتراح وصف فيه «أوشن وايد بلازا»، بأنه «عارٍ على منطقة نابضة بالحياة» وسط مدينة لوس أنجليس. وبجانب الرسم على الجدران والقفز بالمظلات، لفت دي ليون إلى تجريد العصابات المبنى من الأسلاك النحاسية. ويدعو مقترحه، الذي لاقى دعماً من بقية أعضاء المجلس، «أوشن وايد»، إلى بناء أسوار قوية حول الموقع، والاستعانة بمزيد من خدمات الحراسة، فضلاً عن إزالة رسوم غرافيتي، وإخلاء المساحة العامة التي يعيقها المشروع.

وعلّق قليلون آمالاً على امتثال الشركة للموعد النهائي، أو حتى الاستجابة على الإطلاق. وإذا لم يحدث ذلك، فقد أفصح مسؤولو المدينة عن أنهم سيسعون للحصول على مبلغ 3.8 ملايين دولار من الشركة لتأمين الموقع.

وبدأت المشكلات التي واجهت المشروع مع تزايد التوترات بين الولايات المتحدة والصين إبان فترة إدارة دونالد ترامب. كما بدأ قطاع العقارات الصيني المتوهج بالخفوت، ما جرى معه شطب «أوشن وايد» من مؤشر «هانغ سينغ» للشركات المتوسطة في هونغ كونغ في 2017. وبعد عامين، توقف العمل في مشروع «أوشن وايد بلازا»، مع صدور شكاوى من المقاولين بشأن عدم تلقيهم مستحقاتهم.

وفي الثالث من يناير، تقدمت الشركة الأم بأوراق لبورصة هونغ كونغ، تعلن فيها تصفية المجموعة وتعيين مسؤول تصفية. ولم تنجح محاولات التواصل مع مسؤولي «تشاينا أوشن وايد هولدنغز» عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني.

وإذا اضطرت لوس أنجليس إلى تحمل مسؤولية تأمين الموقع، كما يتوقع كثيرون، يصبح السؤال ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ واستبعد دونالد سبيفاك، العضو السابق في وكالة إعادة تطوير المجتمع في لوس أنجليس، والذي يعمل في هيئة التدريس في جامعة جنوب كاليفورنيا، رغبة مسؤولي المدينة في أن يتولوا مسؤولية الموقع، لأن المدينة بذلك ستكون مسؤولة عن الحوادث والمشكلات الأخرى التي قد تحدث في موقع العمل.

وقال سبيفاك: «أشك في أن المدينة ستحاول السيطرة على المبنى نفسه»، وتابع: «سيكون ذلك أمراً جللاً، وهو شيء أعتقد أن المدينة لا ترغب في التورط فيه، وهو أن تكون المالك الفعلي للمشروع».

ويبعد المشروع غير المكتمل مسافة تقل عن ميلين عن منطقة «سكيد رو» حيث يعيش ما يقدر بنحو 6,000 من المشردين. وأفاد بعض مواطني المدينة بوجوب تحويل «أوشن وايد بلازا» إلى إسكان للمشردين وذوي الدخل المنخفض.

وأشار سبيفاك إلى عدم اكتمال المشروع وبقائه على حاله تلك منذ خمسة أعوام، وأن الأمر قد يستغرق عاماً من الإصلاحات للوصول لمرحلة يمكن عندها استئناف عمليات البناء. ويعتقد سبيفاك بأن الانتهاء من المشروع قد يستغرق عاماً إضافياً أو اثنين. وقال «من حيث كونه حلاً على المدى القريب لأزمة الإسكان التي نعيشها، فأعتقد أن هذا غير واقعي»، وأردف «إنه ليس مكاناً ستدخله، وتجري عليه بعض عمليات الترقيع، ثم تفتحه كمسكن لإقامة المشردين في غضون ستة أشهر. لا أعتقد أن هذا ممكن على الإطلاق».

وسلّط ريتشارد شافي، المؤرخ للمدينة والمهتم بالحفاظ عليها والمرشد السياحي، الضوء على عقبات أخرى أمام فكرة تحويل المبنى إلى إسكان للمشردين. وقال: «لا يرغب أحد في أن يكون أكبر مشروع للإسكان الاجتماعي في ولاية كاليفورنيا واقعاً بجانب ساحة كريبتو دوت كوم أرينا»، حيث تلعب فرق «ليكرز» و«لوس أنجليس كليبرز» وفريق «لوس أنجليس كينجز» لهوكي الجليد مبارياتها.

وفي حالة عدم العثور على مشترٍ للمبنى، لفت شافي إلى احتمالية أخرى، وهي هدمه، ما سيتطلب عملية مراجعة مُطوّلة من المدينة. وأضاف: «لهدم مبنى، يتعين على لجنة سلامة البناء خوض عملية قضائية شديدة التعقيد. كما سيستحوذ الأمر على مساحات كبيرة من مكبات النفايات، وسيسفر عن قدر هائل من التلوث. لم يسبق لنا فعل أمر كهذا في قلب المدينة».

وبالنسبة لعضو مجلس المدينة، دي ليون، فهو يرى أن الجدل بشأن «أوشن وايد» بمثابة إلهاء غير مرغوب فيه، بينما لوس أنجليس تواجه مشكلات أكبر. وقال: «إنه أمر مؤسف للغاية أننا نتعامل مع أزمة مشردين في لوس أنجليس، وأزمة عموماً في القدرة على تحمل تكاليف الإسكان في لوس أنجليس، لذلك، يتعين علينا تركيز كافة مواردنا على هذه النواحي».

كلمات دالة:
  • FT
Email