الطرح العام لمنصة «ريديت» يكشف واقع «سيليكون فالي»

عند إدراج «ريديت» في بورصة نيويورك الأسبوع المقبل، يتوقع أن يصل تقييم منصة التواصل الاجتماعي إلى 6.4 مليارات دولار، وهو أقل بكثير من تقييمها البالغ 10 مليارات دولار في 2021. وبذلك تكون «ريديت» أول شركة تقنية ناشئة رفيعة المستوى يتم إدراجها منذ «إنستاكارت»، التي قدرت بـ10 مليارات دولار خلال طرح عام أولي في سبتمبر 2023، ما يمثل ربع تقييم المستثمرين لها في 2021. ورغم شطب نحو 35 مليار دولار من القيمة المفترضة للمساهمين، فإن الاكتتابات العامة الأولية عبر جولات التقييم المنخفضة لا تقابل حالياً بالسخرية في «سيليكون فالي». بدلاً من ذلك، فإنها تعتبر إشارة لعودة المنطق تدريجيا لرأس المال المغامر.

وقال فينكي جانيسان، الشريك في شركة «مينلو فينشرز»: «لن يصبح الطرح العام الأولي عبر جولات تقييم منخفضة شائعاً فحسب، بل سيكون هو القاعدة لفئة عام 2021»، في إشارة لمجموعة «شركات المراحل المتأخرة»، التي ارتفع تقييمها بشدة عام 2021، عندما ضخ المستثمرون مبالغ خيالية بسبب انخفاض أسعار الفائدة. وبلغ الإنفاق الاستثماري الأمريكي في 2021 رقماً قياسياً قدره 345 مليار دولار، وهو ضعف العام السابق عليه.

والآن، تواجه الشركات الناشئة نفاد السيولة النقدية، وتحتاج صناديق رأس المال المخاطر لإعادة بعض الأموال إلى مستثمريها. وقال جانيسان: «أنا أشجع كل شركاتنا التي لديها بيانات مالية تدعم طرح أسهمها للاكتتاب العام.. فالانخفاض هو الاتجاه الجديد الصاعد». وهي وجهة نظر انتشرت بثقة متزايدة خلال الأسابيع الأخيرة في وادي السيليكون، بسبب ارتفاع أسهم التكنولوجيا، الذي يعود إلى حد ما للآفاق المزدهرة للذكاء الاصطناعي.

وقال لي أحد المؤسسين المشاركين في شركة استثمارية ضخمة إن «الناس الذين كانوا يختبئون في كهوفهم، يتجولون الآن خارجها، ويشعرون بالراحة، وهذا ملموس».

وقد تعوض الاستثمارات الجديدة الناجحة في الذكاء الاصطناعي عن العديد من التقديرات الخاطئة في الماضي القريب. وهناك توافق متزايد على أنه حان الوقت للمؤسسين للتغاضي عن كبريائهم؛ وقبول تقييمات أقل للمساعدة في خلق أرضية جديدة لأسهمهم لتنمو مرة أخرى، وهذا يساعد على تشجيع كل الشركات الناشئة اللاحقة لهم على فعل الشيء نفسه. لكن لن يتبع الجميع النهج نفسه.

وقال جون كوليسون، المؤسس المشارك في شركة «سترايب» لصحيفة فايننشال تايمز هذا الأسبوع: «لست في عجلة من أمري» لطرح عام أولي لشركة المدفوعات البالغ قيمتها 65 مليار دولار. لكن قد يساعد دخول بعض الشركات القوية إلى السوق بأسعار معدلة في إزالة المعارضة النفسية القديمة المرتبطة بالتمويل عن طريق التقييم المنخفض، التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من ثقافة «سيليكون فالي». وربما كان على مستثمري «ريديت» إدراك حقيقة أنها ليست شركة بقيمة 10 مليارات دولار عند الطرح العام الأولي، ولكن إذا أبلت الشركة بلاء حسنا، فقد يصبح التقييم المنخفض أرضية لسعر أسهمها.

رغم ذلك، عندما تبدأ عمليات الإدراج في الظهور بقوة، ستكون هناك بعض العواقب الأليمة بشكل خطير على المستثمرين في المراحل المتأخرة الذين غذوا فقاعة الشركات الناشئة خلال عام 2021. فهناك مئات الشركات التي تم تمويلها في بيئة تتسم بانخفاض أسعار الفائدة، وكان ينبغي إغلاقها أو بيعها، لكنها تمكنت فقط من تأجيل قدرها الحتمي. وقد لا يكون خفض التقييم الحل الأسوأ بالنسبة للكثير منها. كما تسلط الأزمة التي تلوح في الأفق الضوء على تكلفة اتباع عقلية القطيع في صناعة رأس المال الاستثماري، التي أصبحت معتادة وبأريحية على التحرك في حشود وفي الاتجاه نفسه. وقد يؤدي الاندفاع إلى تقويض الانضباط.

في عام 2021، تنافست الصناديق الاستثمارية ذات السيولة الضخمة على طرق للاستثمار في شركات ناشئة ذات تقييمات أولية باهظة. وغالباً، وقعت هذه الصناديق على شروط حماية رئيسية، بما في ذلك السماح لهم بالاعتراض على طرح عام أولي بأقل من سعر معين.

وعلى عكس بيع أو تصفية الشركات، يحول الإدراج في البورصة كل الأسهم الممتازة التي يحتفظ بها المستثمرون المغامرون لأسهم عادية مثل التي لدى الموظفين والإدارة؛ ما يلغي الحقوق المختلفة التي حصلوا عليها خلال جولات التمويل الخاصة. ويؤدي خفض القيمة وغياب الضمانات إلى امتلاك المستثمرين في المراحل المتأخرة وسائل محدودة لمنع القرارات التي قد تؤدي إلى خسائر عقابية.

يشار إلى أن شركة «سيكويا كابيتال»، التي استثمرت 300 مليون دولار في «إنستاكارت» على مدار عمرها كشركة خاصة، حققت أرباحاً غير محققة تزيد على مليار دولار عندما تم إدراجها، ولكن في مرحلة ما كانت قيمة تلك الاستثمارات 5 مليارات دولار.

ورأت الشركات بما في ذلك «سيكويا كابيتال»، و«تي رو برايس»، و«فيدليتي»، و«أندريسن هورويتز» التي استثمرت مجتمعة 265 مليون دولار في «إنستاكارت» خلال عام 2021 أن قيمة هذه الاستثمارات انخفضت بنسبة 75%.

وقال مستثمر في رأس المال المخاطر لدى شركة تسيطر على مليارات الدولارات: «أصبح الوضع أكثر وضوحاً بأن ما تم الاكتتاب عليه لم يعد قائماً». فإذا كان وادي السيليكون يتحرك عبر مراحل الحزن من الإنكار والغضب إلى القبول، قد يكون ذلك تطوراً إيجابيا على المدى الطويل.

الأكثر مشاركة