تخطط آيسلندا لإعطاء الأولوية للأمن الغذائي على المكاسب المالية، بزراعة الذرة والحد من تعدين عملة البيتكوين، حيث تسعى الدولة الجزيرة لتحقيق المزيد من الاكتفاء الذاتي في عالم معادٍ.

وقالت رئيسة الوزراء كاترين جاكوبسدوتير لصحيفة فايننشال تايمز، إن الاحتجاجات الأخيرة التي قام بها المزارعون في أوروبا، واضطرابات التجارة، تعني أن الدولة الإسكندنافية بحاجة إلى تقليل اعتمادها على الواردات.

وتابعت: «ليس من السهل أن تكون مزارعاً في آيسلندا، إنها ليست مجالاً رائعاً تماماً كما تعلمون، لدينا أنهار جليدية تغطي جزءاً كبيراً من البلاد، لكنه جزء مهم من استراتيجيتنا للأمن والسلامة في هذا العالم».

ويقترن ضغط التيار السياسي اليساري الأخضر بشأن الأمن الغذائي، مع محاولة كبح جماح من يقومون بتعدين البيتكوين، المتعطشين للطاقة، الذين حولوا الجزيرة إلى ملاذ لمراكز البيانات.

وأضافت جاكوبسدوتير، أنه يجب إعادة توجيه الكهرباء المتجددة والثمينة من مراكز البيانات إلى الإسكان والصناعات الأخرى، قائلة إن أولويتها هي احتياجات الطاقة لمواطني آيسلندا، البالغ عددهم 375 ألف نسمة.

وقالت: «عملة البيتكوين مشكلة عالمية.. لكن مراكز البيانات في آيسلندا تستخدم حصة كبيرة من طاقتنا الخضراء». وقالت جاكوبسدوتير: «البيتكوين والعملات المشفرة، التي تستهلك الكثير من طاقتنا، ليست جزءاً من مهمة إعطاء الأولوية للصناعات الخضراء وتحقيق الحياد الكربوني».

وجذبت الطاقة الكهرومائية الرخيصة والوفيرة، مراكز البيانات التي تستهلك الطاقة بكثافة، ومن يقومون بتعدين البيتكوين، إلى آيسلندا في القطب الشمالي.

وتستهلك العشرات من مجموعات تعدين البيتكوين، 120 ميغاوات من الكهرباء، أي أكثر من استهلاك الأسر في البلاد، وفقاً لشركة الأبحاث «الأقصر».

وأجبر نقص الكهرباء خلال فصل الشتاء، مصانع الأسماك الآيسلندية على استخدام مولدات النفط والديزل، لتلبية احتياجاتها من الطاقة، الأمر الذي وصفه وزير البيئة الآيسلندي جولاغور ثور ثورارسون بأنه غير مقبول.

وتأتي تعليقات جاكوبسدوتير، وسط مخاوف بشأن الأمن الغذائي في أوروبا، حيث يحاول كبار المصدرين الزراعيين، مثل فرنسا وهولندا، إيجاد طرق لتحقيق التوازن بين إنتاج الغذاء والحاجة إلى تحقيق الأهداف المناخية الصارمة للاتحاد الأوروبي.

وقامت الحكومة الهولندية، بإغلاق المزارع، حتى تتمكن لاهاي من تحقيق الأهداف التي فرضها الاتحاد الأوروبي بشأن خفض الانبعاثات. وطرحت إيرلندا مقترحات مماثلة، من شأنها إجبار المزارعين على إعدام 200 ألف رأس من الماشية.

وتسعى آيسلندا، حيث ضوء النهار محدود، ودرجات الحرارة المتجمدة تجعل زراعة المحاصيل صعبة، إلى تطبيق نظام جديد لتمويل المزارع مالياً لتعزيز الإنتاج.

وقال جاكوبسدوتير: «أحد الأشياء التي بدأناها، هو زراعة الذرة في آيسلندا، وهو الأمر الذي لم يتم القيام به بشكل منهجي، رغم أنه ممكن».

وتنتج آيسلندا معظم المنتجات الحيوانية التي تستهلكها، ولكنها تنتج 1 % فقط من الحبوب، و43 % من الخضراوات. ويتم استخدام حوالي 20 % من مساحة البلاد فقط في الإنتاج الزراعي، وفقاً للبنك الدولي.

وقال جاكوبسدوتير، إن البلاد تعتمد بشكل كبير على الذرة المستوردة، ولكن من المهم أيضاً أن نزرع شيئاً بأنفسنا، بسبب تعطل سلسلة التوريد نرى اتجاهاً أكبر للانعزالية في العالم.