يمثل الارتفاع القياسي لأسعار الكاكاو، إحدى أكبر القصص في قطاع السلع هذا العام، فقد أدى فشل المحاصيل في غرب أفريقيا إلى تفاقم النقص العالمي في حبوب الكاكاو المستخدمة في صناعة الشوكولاتة، مما دفع الأسعار إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 9477 جنيهاً إسترلينياً (11860 دولاراً) للطن مؤخراً.
ولفت ارتفاع الأسعار الانتباه إلى عشرات الآلاف من مزارع الكاكاو الصغيرة، بالإضافة إلى عمل شركة صغيرة مقرها أمستردام تسمى ميريديا. وبدأت الشركة التي أنشئت منذ 9 سنوات تحت اسم لاندماب، في توفير وثائق الأراضي والممتلكات للمزارعين في غرب أفريقيا. وحصلت الشركة على دعم من منظمة الإغاثة ميرسي كوربس، وشبكة أوميديار، من بين جهات أخرى.
ويتوسع عمل الشركة الآن بفضل اللوائح الجديدة في الاتحاد الأوروبي، ومن المقرر أن تدخل لائحة الاتحاد الأوروبي لمواجهة إزالة الغابات حيز التنفيذ في ديسمبر. وبالنسبة لبعض المنتجات المباعة في الاتحاد الأوروبي، يتعين على الشركات التحقق من أن سلاسل التوريد الخاصة بها لم تسهم في تدمير الغابات من طريق تقديم بيانات العناية الواجبة.
وعلى الرغم من أن القواعد تركّز على مواجهة إزالة الغابات، إلا أنها تمتد أيضاً إلى ما وراء الأشجار لتتطلب من الشركات التحقق من بعض إجراءات الحماية البيئية وحقوق الإنسان. ويقدر الاتحاد الأوروبي أن قواعده الجديدة ستقلل انبعاثات الكربون بمقدار 32 مليون طن على الأقل سنوياً.
بدأ نطاق قواعد إزالة الغابات في الاتحاد الأوروبي يلفت انتباه البنوك، ويمكن أن تواجه الشركات التي يتم ضبطها وهي تنتهك القواعد غرامات تصل إلى 4% أو أكثر من مبيعاتها السنوية في الاتحاد الأوروبي، وقد تواجه استبعاداً مؤقتاً من المشتريات العامة والتمويل العام.
وقال بنك باركليز في تقرير له إن «المناطق الاستوائية فقدت 3.7 ملايين هكتار من الغابات في عام 2023». وأضاف التقرير: «هناك تأثير كبير لإزالة الغابات على كل من المناخ والتنوع البيولوجي، إلى جانب التقدم المتواضع الذي تحرزه الشركات لضمان سلاسل توريد خالية من إزالة الغابات، ما يركز الأنظار على مزايا التدخل التنظيمي».
واستشهد التقرير بتقدير من منظمة غلوبال فورست واتش وهي منظمة رقابية، بأن تراجع الغابات الاستوائية في العام الماضي يعادل إزالة ما يقرب من 10 ملاعب لكرة القدم في الدقيقة.
ومنذ أيام أعلنت شركة ميريديا عن جمع تبرعات بقيمة 5.2 ملايين يورو من شركة ريجينيراشين في سي وشركات رأسمال استثماري أخرى. ويضخ هؤلاء المستثمرون أموالاً في شركة ميريديا حيث فتحت لوائح إزالة الغابات فرصاً جديدة للأعمال التجارية. وتمتلك شركات الشوكولاتة والقهوة بيانات عن المزارع المحلية منذ سنوات، لكن هذه الأرقام كانت مليئة بالثغرات، كما يوضح توماس فاسين، المؤسس المشارك لشركة ميريديا. ويقول: «القضية المهمة والمهملة التي يعرفها الجميع في الصناعة، أن غالبية البيانات مجرد هراء كامل». وأضاف: «ما ستخبرك به البيانات ليس هو بالضبط ما يحدث على أرض الواقع. وفي السابق، لم تكن البيانات مصدر قلق حقيقياً لأنها كانت تستخدم لأغراض داخلية، أما الآن، وفجأة، يغير قانون الاتحاد الأوروبي لإزالة الغابات قواعد اللعبة».
كانت الشركات تقول «يا للهول، يتعين علينا الآن إرسال هذه البيانات وتقديمها إلى نظام الاتحاد الأوروبي، لم يحدث هذا من قبل. الآن يتعين عليك تقديم بياناتك الميدانية الأصلية الفعلية».
وقال فاسين إن ميريديا بنت نظام تحقق مستمد من أعمالها الميدانية الأولية مع مزارعي غرب إفريقيا، بالإضافة إلى بيانات الأقمار الاصطناعية التجارية والخرائط العامة، كما أنها تعمل في أكثر من 30 دولة، حيث ينتج الكاكاو والقهوة، وزيت النخيل وفول الصويا والمطاط، وكانت تعمل بالفعل مع شركات عالمية، مثل: يونيليفر. لكن شركات رأس المال الاستثماري ليست الوحيدة التي تمول ميريديا، فأحد أحدث المستثمرين شركة إنتركونتيننتال إكستشينج ومقرها أتلانتا، والتي تمتلك بورصة نيويورك للأوراق المالية من بين أصول أخرى.
ومع اقتراب موعد فرض لوائح الاتحاد الأوروبي، لدى إنتركونتيننتال إكستشينج سبب وجيه لضخ الأموال في ميريديا. وحذرت الشركة التجارية مساهميها في فبراير من أن قواعد الاتحاد الأوروبي لإزالة الغابات قد «تؤدي إلى إبطاء التجارة الفعلية للكاكاو والقهوة وتقليل أحجام التداول» لعقود الكاكاو والقهوة الآجلة للشركة.
وقال كلايف دي رويج، رئيس إدارة المعايير في نتركونتيننتال إكسشينج في بيان، عند الإعلان عن الشراكة مع «ميريديا»: «أثبتت شركة ميريديا خبرتها في تقييم المخاطر والتحقق من بيانات المنشأ الزراعي وسلسلة التوريد». ليست إنتركونتيننتال إكسشينج الشركة الوحيدة التي تحذر المساهمين بشأن لوائح إزالة الغابات هذه.
وقالت شركة بونج، وهي واحدة من شركات تجارة الحبوب العالمية الأربع الكبرى، في فبراير أيضاً إن زيت النخيل وفول الصويا يمكن أن يتأثرا بالقواعد. وأشار باركليز إلى أن التقارير من شبكة عمل الغابات المطيرة وتحالف شفافية زيت النخيل أظهرت أن الشركات لا تزال غير مستعدة بشكل كبير لقواعد إزالة الغابات في الاتحاد الأوروبي مع وجود نقص في متطلبات التتبع والعناية الواجبة في جميع المجالات. ما يعدّ فرصة كبيرة بالنسبة للشركات، مثل ميريديا التي تهدف إلى مساعدتها على الامتثال لهذه القواعد.