في يونيو الماضي، حينما كشفت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية اللثام عن دعاوى قضائية ضد بورصتي الأصول المُشفرة «باينانس» و«كوين بيس»، كان رد فعل السوق سريعاً وقاسياً. فقد سحب المستثمرون نحو 800 مليون دولار من «باينانس» خلال يوم واحد، فيما فقدت «كوين بيس» أكثر من خُمس قيمتها السوقية في الأسبوع التالي لانكشاف الأمر.
وبعد مضي 11 شهراً، ما زالت حملة جهاز هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية على صناعة الأصول المشفرة مستمرة على قدم وساق. وشركة «روبن هود» هي أحدث أهدافها. فقد أفصحت شركة الوساطة في إفادة مؤخراً أن لجنة الأوراق المالية والبورصات أرسلت إلى وحدتها للعملات المشفرة ما يسمى بإشعار ويلز، وهو تحذير بأنها تستعد لاتخاذ إجراءات قانونية. ما يسمح للشركات التي تتلقى هذا الإشعار ويلز بالرد والمرافعة بأنها لم تخالف القانون. وهذه المرة وعلى عكس المعتاد، تجاهل المستثمرون الأنباء. وبالكاد تزحزحت أسهم «روبن هود»، ويعد غياب رد الفعل السوقي كاشفاً.
وترفع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية دعويين قضائيتين شهرياً في المتوسط ضد الشركات العاملة في الأصول المُشفرة، منذ أن تسلم غاري غينسلر زمام إدارة الهيئة في 2021. وركزت الجهود المبذولة لإخضاع الصناعة للسيطرة على الحُجة القائلة إن كافة الرموز الرقمية تقريباً إنما هي أوراق مالية. بذلك، تعمل بورصات الأصول المُشفرة فعلياً باعتبارها شركات وساطة غير مُسجلة وتتداول في أوراق مالية غير مُسجلة. من جهتها، جادلت هذه البورصات بأن العملات المشفرة يجب أن تعامل كسلع.
وبرغم غارات الدعاوى القضائية وانهيار «إف تي إكس» في 2022، تعافت عملة «بيتكوين» من كبوتها، ليتم تداولها عند مستويات مرتفعة جديدة هذا العام. وقفزت أسهم «كوين بيس» و«روبن هود» ثلاثة أضعاف وضعفين على الترتيب خلال الـ12 شهراً الماضية. فقد عزز تقنين صناديق «بيتكوين» المُتداولة في البورصة في وقت مبكر من العام معنويات السوق تجاه الأسهم.
لكن قد يتبنى المتداولون وجهة النظر التي تقول إنه من المُستبعد أن يظل غينسلر في منصبه حتى ينتهي من عمله. ويحاول دونالد ترامب المتفائل بشأن الأصول المُشفرة العودة إلى البيت الأبيض. وقد تستمر المعارك القضائية طيلة أعوام، فيما تنتهي ولاية غينسلر في 2026.
في كل الأحوال، يجب على المستثمرين ألا يسارعوا في التقليل من شأن المخاطر التنظيمية. لقد عاودت الأصول المُشفرة ظهورها باعتبارها مصدراً مهماً للنمو بالنسبة لـ «روبن هود»، التي أعلنت إيرادات ربع سنوية وصافي أرباح قياسيين هذا الأسبوع. وحقق تداول الأصول المُشفرة 126 مليون دولار، أو 20% من صافي الإيرادات خلال الربع الأول من العام، بزيادة من 38 مليون دولار أو 8.6% من صافي الإيرادات مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي. ويقزم هذا مبلغ 39 مليون دولار الناتجة عن تداول الأسهم.
ساعدت عودة تداول الأصول المُشفرة في تعزيز عدد المستخدمين النشطين على أساس شهري إلى 13.7 مليون مستخدم، وهو أعلى عدد منذ قرابة عامين، لكن يحتاج المستثمرون المُحتملون إلى التساؤل عن المدة التي يمكن أن تستمر فيها «روبن هود» بركوب موجة التشفير.