يؤكد إيلون ماسك دائماً أنه حتى يمكن للموظف أن يحافظ على وظيفته يتعين عليه أن يكون «متميزاً، مهماً، وجديراً بالثقة»، لكن هل يفي رئيس شركة تسلا نفسه بهذه المعايير؟

لقد أثار الرئيس التنفيذي المتمرد لشركة تصنيع السيارات الكهربائية، والشريك المؤسس لشركات مثل «سبيس إكس»، الكثير من الدعاوى القضائية والتحقيقات من جانب هيئة الأوراق المالية والبورصات.

ودائماً ما تخضع إدارات شركاته لتغييرات مفاجئة بسبب أسلوبه المستبد في اتخاذ القرارات، وثقافة العمل المتطلبة التي تؤدي إلى الإرهاق الشديد ودوران العمالة. ورغم أن موظفي ماسك ومستثمريه قد يجدون أسباباً كافية لاستبداله، فإنه لسوء حظهم يبقى هو المسؤول الناهي.

ومع ذلك، فإن تصريحات ماسك وتعليقاته تثير سؤالاً أعمق، ما هي الطريقة المناسبة والعادلة لتقييم أداء الموظفين؟ وهل يمكن حقاً القضاء على تحيز الإدارة؟

إن الشركات الكبيرة غالباً ما تلجأ إلى تقييم الأداء كوسيلة منظمة لتقديم الملاحظات، ومساعدة الموظفين على فهم نقاط القوة والضعف، إضافة إلى تقديم النصائح لتحقيق التطوير الوظيفي.

ونظرياً، تعد هذه فرصة لتقدير الأداء الجيد ومكافأته وتحفيز الموظفين ورفع المعنويات، كما أنها فرصة للموظفين لطرح الشكاوى، ومع ذلك يمكن أن تكون هذه العملية مضيعة للوقت ومجهدة، خاصة بالنسبة لمن لم يعتد التفكير الجدي بشأن التطوير المستقبلي.

ورغم الجهود التي قد تبذلها الشركة لدعم معايير الجدارة، فإن هذه التقييمات يمكن أن تكون في كثير من الأحيان غير موضوعية وتعكس تحيزات شخصية، كما أن المديرين عادة ما تكون لهم أساليبهم الخاصة لإجراء هذه التقييمات، ما قد يؤدي إلى عدم اتساق واضح.

والبيانات الأخيرة من شركة غالوب للتحليلات والاستشارات تكشف لنا الكثير؛ إذ وافق 2 % فقط من رؤساء إدارة الموارد البشرية بشركات ضمن قائمة «فورتشن 500»، الذين شملهم استطلاع أخير، بقوة على أن نظام إدارة الأداء ألهم الموظفين للتطوير، كما تبنى الموظفون مشاعر سلبية مماثلة، حيث أفاد موظف واحد فقط من بين كل خمسة أن التقييمات كانت شفافة أو عادلة أو أدت إلى تحسين الأداء.

ليس غريباً إذن أن العديد من أعضاء النقابات لا يثقون بالمرة في عمليات تقييم الأداء، ومن غير المرجح أن يقبل المديرون المترددون أو عديمو الخبرة، وهم نسبة ضخمة من الإجمالي وفقاً لمعهد الإدارة المعتمد، على إجراء هذه التقييمات، وفي المقابل، تختار بعض الشركات استبدال التقييمات بعمليات فحص متكررة وغير رسمية بين المديرين والموظفين.

وأشار بحث أجرته شركة ماكنزي إلى أنه في الحالات التي ألغت فيها المؤسسات تقييمات الأداء، برزت دائماً الحاجة إلى شكل من أشكال التقييم السنوي الموثق للمساعدة في اتخاذ قرارات بشأن بعض المسائل، مثل الترقيات وزيادة الأجور، ويعني ذلك أنه في المؤسسات الكبيرة على وجه الخصوص، من المستحيل تجنب هذه التقييمات تماماً.

ويقول عالم النفس التنظيمي والخبير في تحليل الأفراد، توماس تشامورو بريموزيك: «من المحتمل أن يكون هذا هو أهم جانب يتعين معالجته عندما يتعلق الأمر بإدارة الموظفين»، مضيفاً: «إذا كنت غير قادر على تقييم أداء الفرد بشكل موضوعي، فلن تتمكن من تنفيذ أي إجراء مجدٍ آخر فيما يخص إدارة الشركة بنجاح».

وسرد سريعاً قائمة تشمل مهام، مثل: توظيف وترقية الأفراد المناسبين، وتوزيع المكافآت، وتحديد الجيل الجديد من القادة، وبناء فريق عمل ناجح، كما يعد النظام الموضوعي ضرورياً لتنويع مكان العمل، خاصة أن الأفراد من خلفيات غير تقليدية قد يواجهون صعوبة أكبر في التعامل مع هيكل غير رسمي.

وتتضمن معظم نماذج تقييم الأداء التي تقدمها الشركات أسئلة عامة للمديرين حول موظفيهم، ثم يقوم المديرون بملء تقييماتهم وانتقاداتهم وغيرها من الملاحظات، ويعد هذا النهج غير المحدد المسؤول جزئياً عن التحيز.

ويمكن أن يسهم وضع معايير موضوعية للمديرين لتقييم الموظفين، بما في ذلك الأهداف الشخصية والجماعية المحددة وإشراك الموظفين أنفسهم، في تحقيق تقييمات أكثر مصداقية وشفافية.

إضافة إلى ذلك، من المهم تشجيع ثقافة التقييمات، مع إجراء مناقشات مع الموظفين بشكل أكثر تواتراً من تقييمات نهاية العام أو الربع السنوية. ويجب أن يتسم المديرون بالتعاطف والفضول وتقبل النقد، واستخدام التقييمات نفسها وسيلة لتغيير أساليبهم.

ويقول بن ويغيرت، مدير قسم البحوث والاستراتيجية لإدارة مكان العمل لدى غالوب: «إن إدارة الأداء التقليدية لم تكن فعالة على الإطلاق، حيث تحدد الأهداف في بداية العام ومراجعتها في نهاية العام». ويقترح أنه يجب على المديرين السعي لإجراء «محادثة واحدة لتقديم التقييمات في الأسبوع»، ويمكن للمديرين من خلالها مناقشة أولويات الموظفين، وتحديد الدعم الذي يحتاجون إليه، وتقدير الأداء الجيد، والتحقق من رفاهيتهم، أو إجراء نقاشات جادة للتأكد من عدم تفاقم مشكلة ما.

ويوضح قائلاً: «هذا هو مفتاح النجاح، فهو ينطوي على حوار مستمر يتم من خلاله إجراء تعديلات مستمرة للأهداف، وتتوج بعد ذلك بمراجعة نهاية العام، بحيث لا يترك مكاناً للمفاجآت».

وقد لا يستهوي البعض فكرة إجراء مناقشات متكررة، لكن إذا كان المديرون أكثر تناغماً مع موظفيهم، فربما تتحسن العلاقات في مكان العمل ويتحسن أداء الفريق، لكن إذا سارت الأمور على نحو خاطئ، فثمّة تنبيهات مبكرة.

أما بالنسبة لماسك، فمن الواضح أن تقييمات الأداء هي بمثابة طريق أحادي الاتجاه، وكما قال عنه أحد مستخدمي منصة «رديت» مؤخراً: «لا يمكن استبدالك من منصب الرئيس التنفيذي إذا قمت بطرد الجميع».