التكنولوجيا الناشئة لا تزال مرتفعة التكلفة لكن الانخفاض المتوقع لتكاليفها قد يغير الوضع تماماً
إذا ألقينا نظرة شاملة على مشهد إزالة الكربون، لوجدنا تبايناً كبيراً في مختلف التقنيات المعمول بها، فبالنسبة للتجهيزات الصغيرة التي يسهل تصنيعها في المصانع، كالألواح الشمسية على سبيل المثال، فقد هوت تكاليفها وانتشر استخدامها. أما المعدات التي تتطلب مشروعات هندسية كبيرة، مثل المنشآت النووية التقليدية، فقد عانت من العديد من الإرجاءات والزيادات في التكاليف. كذلك، تشي المشكلات التي تحيط بتوربينات الرياح بأن توسيع نطاق المشروعات يكون أكثر نجاحاً عندما يكون توسيع القدرات التصنيعية هو لب المشروع، وليس حجم المنتج.
ويأمل مناصرو الاستخلاص المباشر للكربون من الهواء في استغلال سحر منحنى التعلم. وتلتقط التكنولوجيا الناشئة ثاني أكسيد الكربون من الجو، ثم تخزنه في مستودعات تحت الأرض. ومن شأن أكبر منشأة على مستوى العالم، التي افتتحتها «كلايمت ووركس» في أيسلندا، التقاط 36.000 طن من ثاني أكسيد الكربون من الجو سنوياً، وهو الكم الذي ينبعث عن قرابة 4500 أسرة بريطانية. وتُعد التكلفة باهظة على نحو مدهش، إذ تُقّدر التكلفة بواقع 1000 دولار لكل طن من ثاني أكسيد الكربون اليوم.
ومع ذلك، وعلى النقيض من المنشآت النووية، فإن محطات الاستخلاص المباشر للكربون من الجو تُصنّع حسب الطلب، إذ تتألف من الكثير من الصناديق المزودة بالمراوح والمرشحات، ويحفز هذا آمالاً في شكل مختلف كلياً من أشكال منحنى التكاليف.
وفيما يتعلق بالصناديق، فإن توزيع التكلفة على ثاني أكسيد الكربون الذي ستلتقطه على مدى عمرها الافتراضي سيولّد تكلفة رأسمالية قدرها 330 دولاراً لكل طن من ثاني أكسيد الكربون، أو ثلث الإجمالي. وستنخفض أسعار هذه الصناديق على نحو حاد، مع انتقالها من مرحلة التصنيع حسب الطلب إلى التصنيع واسع النطاق. وقد ينتهي الأمر بالتكلفة إلى انخفاض حاد إلى نطاق يتراوح بين 100 و150 دولاراً لكل طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول 2050، إذا أمكننا أن نضيف إلى المعطيات التحسن الذي يطرأ على كفاءة استهلاك الطاقة، وإذا اتسع إنتاج محطات الاستخلاص المباشر للكربون من الجو لتبلغ سعتها عدد كبير من الغيغاطن، وهو ما تتطلبه غالبية مسارات الصافي الصفري.
وبطبيعة الحال، فإن التوقعات التي تمتد لـ 25 عاماً ليست سوى خطوط على رسوم بيانية. ومع ذلك، فإن مسألة محطات الاستخلاص المباشر للكربون من الجو تبدو منطقية على نطاق واسع، وقد تدفعها إلى التنافس مع بعض من خيارات الحد من الانبعاثات الكربونية الأكثر تكلفة.
وعلى سبيل المثال، تتمثل واحدة من الخيارات الجديرة بالتأمل لإزالة الكربون من رحلات الطيران لمسافات طويلة، في صنع وقود اصطناعي نفاث يستخدم الهيدروجين الأخضر، ثم تفاعله مع ثاني أكسيد الكربون الملتقط من الجو. وقد تكون هذه طريقة باهظة التكلفة للالتفاف على المشكلة، إذ تشير الأرقام التقريبية إلى أن تكلفتها ربما تبلغ 220 دولاراً لكل ثاني أكسيد الكربون المتجنب، أي ضِعف تكلفة محطات الاستخلاص المباشر للكربون من الجو.
ليس من الصعب إذن أن تعرف السبب وراء احتمالية تفضيل شركات الطيران خيارات إزالة الكربون المحلية، التي تخلق سلسلة إمداد يمكن لها التعاطي معها وربما الاستثمار فيها أيضاً. وتدفع اللوائح التنظيمية الحالية الشركات صوب هذا الاتجاه .
لكن مثل هذه القطاعات التي يصعب تجنب الانبعاثات الكربونية فيها ستكون مفيدة في سبيل دعم توسيع العمل بمحطات الاستخلاص المباشر للكربون من الجو. ومن شأن الانخفاض المتوقع في تكاليفها تقليل العبء المتزايد لانتقال الطاقة.