الناشرون الأكاديميون يجنون أرباحاً ضخمة من السباق المحموم على النشر

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشهد عملية نشر الإنتاج العلمي نشاطاً كبيراً ومتسارعاً، حيث تشير التقديرات إلى زيادة عدد المقالات المنشورة بمقدار النصف في غضون ستة أعوام فقط حتى 2022. لكن ذلك يفرض ضغوطاً هائلة على قطاع النشر الأكاديمي.

وأشارت دراسة حديثة إلى تحول لافت من نموذج الدفع مقابل القراءة إلى نموذج الدفع مقابل النشر، وهو ما أفضى إلى زيادة كبيرة بنسبة الأوراق البحثية العلمية المنشورة دون دفع أي مقابل بنسبة 20 % لتصل حصتها إلى نحو النصف في العقد التالي لعام 2010. وهناك منافع عدة من تسهيل الوصول إلى الأبحاث، لكن هذا التغيير قاد في الوقت نفسه إلى ظهور العديد من المشكلات.

لقد فتح هذا النموذج الجديد الباب أمام الآلاف من الناشرين «المفترسين»، وحالات كثيرة مراجعة أقران دون المعايير أو مزورة تماماً. وتضررت مجلات علمية مرموقة جراء استقالة عدد من المحررين؛ احتجاجاً على ارتفاع الرسوم أو الضغوط التجارية التي تترك تأثيرات بالغة الضرر على المعايير التحريرية.

ويواجه الناشرون ضغوطاً لتنقيح أحجام هائلة من البحوث الوهمية قبل مرحلة الطباعة. وأغلقت شركة جون وايلي الأمريكية للنشر في العام الماضي أربع مجلات «مفضوحة للغاية» كانت جزءاً من «هنداوي» التي اشترتها مقابل 298 مليون دولار في 2021. وسحبت الشركة أكثر من 1.700 مقال وتوقفت عن استخدام العلامة التجارية لـ «هنداوي»، وصرحت بأنها تتوقع انخفاض الإيرادات بما يتراوح بين 35 و40 مليون دولار في العام المالي 2024.

من ناحية أخرى، يتعرض الناشرون إلى ضغوط مستمرة بسبب الارتفاع الهائل لرسوم معالجة المقالات، والتي قد تصل إلى 12.000 دولار للمقال الواحد، والتي تفرض حينما يرغب المؤلفون في إتاحة الوصول إلى أعمالهم مجاناً. ويعد الوصول المفتوح لمقال بعينه في مجلة تعمل بنموذج الاشتراك «الهجين» باهظ التكلفة على وجه الخصوص.

ومن المقرر أن تتوقف مؤسسة «بيل آند ميليندا غيتس» عن دفع رسوم معالجة المقالات، وبدلاً من ذلك ستطالب الحاصلين على المنح بنشر المسودات على خوادم عامة. من جهته، دعا مجلس الاتحاد الأوروبي في العام الماضي إلى نموذج نشر غير هادف للربح، لمواجهة التكاليف المرتفعة.

ومع ذلك، لا توجد دلائل على اعتبار المستثمرين هذه الضغوط بمثابة تهديد لهوامش أرباح القطاع. وقد انخفضت هوامش أرباح «تيلور آند فرانسيس»، وهي شركة تابعة لشركة النشر والمعارض البريطانية إنفورما، بأكثر من 3 نقاط مئوية على مدى ثلاثة أعوام، مع استثمارها في أدوات وخدمات النشر مفتوح المصدر لكن المحللون يتوقعون أن ترتفع هوامش الأرباح بمقدار نقطتين مئويتين إلى 37 % بحلول نهاية العقد الجاري، بحسب «فيزيبل ألفا».

وتعد «إلسيفير»، جزء من شركة «ريلكس» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100»، رائدة السوق في النشر العلمي. وتتمتع الوحدة، التي تشتمل أيضاً على تحليلات للبيانات، بهوامش أرباح تشغيل مستقرة عند قرابة 38 %.

وحسب تقديرات توماس سينغلهيرست، رئيس بحوث الأسهم الإعلامية الأوروبية لدى «سيتي»، فإن حساب مجموع أجزاء الشركة يشي بتقييم ذراع النشر الأكاديمية لدى «ريلكس» بنحو 13 ضعف الأرباح قبل الفائدة والضرائب والإهلاك واستهلاك الدين.

وفي حين يقل ذلك بمقدار الثلث عن الشركة ككل، لكنه لا ينذر بأي مشكلات وشيكة. وعلى سبيل المقارنة، تتمتع دار «بلومزبري»، وهي ناشر ناجح لكتب الخيال والواقع، بمضاعف أرباح قبل خصم الفوائد والضريبة والاستهلاك وإطفاء الدين يبلغ ثماني مرات.

وقد يطمئن المستثمرون إزاء المرونة التي تبديها لـ «إلسيفير»، فقد نمت الأرباح والمبيعات خمسة أضعاف منذ 1995 على الرغم من صدور تحذيرات متكررة بشأن تأثير الإنترنت على نموذج أعمال الشركة. لكن كبار الناشرين يتمتعون بميزة مهمة في ضوء ارتفاع تكاليف التكنولوجيا والتسويق والإدارة. لكن بالنسبة للمؤسسات غير الهادفة للربح التي تفتقر إلى حجم أعمال كبير، فلن تكون قادرة على نشر المقالات بتكاليف أقل بالضرورة.

تجدر الإشارة إلى عوائق هائلة أمام دخول سوق النشر الأكاديمي رفيع المستوى. وقد زاد كبار الناشرين من حصتهم في الجانب المرموق من السوق، رغم طوفان الوافدين الجدد، بحسب بحث جديد عن سوق الوصول المفتوح إلى الأعمال. ويظل النشر في كبرى المجلات العلمية مهماً للمنح الأكاديمية والوظائف، مما يصب في صالح الأعمال إلى حد كبير.

كلمات دالة:
  • FT
Email