مأزق بوينغ الكبير ينقل الكثير من الصعوبات إلى مورديها

ت + ت - الحجم الطبيعي

تمتد الصعوبات التي تواجه شركة بوينغ إلى سلاسل التوريد الخاصة بها، حيث تدفع حالة عدم اليقين بشأن معدلات الإنتاج الموردين لتخمين عدد الأجزاء التي يجب تصنيعها لتجنب تكلفة الاحتفاظ بمخزون فائض.

وخفضت شركة تصنيع الطائرات إنتاج طائرتها الرئيسة «737 ماكس»، في إطار محاولاتها لتحسين جودة الإنتاج بعد انفصال لوحة باب أثناء رحلة جوية في يناير.

ويمثل تباطؤ الإنتاج اختباراً لمدى مرونة سلاسل التوريد الهشة في قطاع صناعة الطيران، التي سبق لها أن شهدت سنوات من خفض الأسعار وتقلبات في الإنتاج؛ بسبب جائحة كورونا وحادثين مميتين أديا إلى حظر طيران طائرات ماكس عالمياً.

ومن دون سلاسل توريد تعمل بكل كفاءة، ستجد بوينغ صعوبة في تسليم الطائرات إلى الشركات المتعطشة لها، وقد ينجم عن ذلك زعزعة استقرار العمالة في صناعة توظف مئات الآلاف من العمال.

وفي وقت سابق، قال بيتر غوندرمان، الرئيس التنفيذي شركة «أسترونيكس» الموردة لبوينغ، للمستثمرين، إن معدلات الإنتاج مثلت «المشكلة الكبرى». وذكرت الشركة المصنعة لأنظمة الطاقة الكهربائية، ومقرها شمال ولاية نيويورك، أن تقليص الشحنات قد يؤدي إلى خسارتها إيرادات بقيمة 11.5 مليون دولار، رغم أن الأرباح ستظل ضمن حدود توقعات الشركة.

وقال غوندرمان إن كل طائرة من طراز 737 ماكس تحتوي على منتجات من أسترونيكس تبلغ قيمتها قرابة 95 ألف دولار. وتساءل: «هل سيبطئون إنتاج الموردين؟ ربما، الأمر غير واضح.. كما أن الجدول الزمني الجديد لطلبياتنا غير واضح أيضاً. أعني، أنها مجرد تخمينات عشوائية في هذه المرحلة، ولا أحد لديه إجابة حقاً».

وحددت إدارة الطيران الفيدرالية سقف إنتاج بوينغ من طائرات ماكس عند 38 طائرة شهرياً، ومع ذلك تنتج بوينغ عدداً أقل من هذا الرقم، لكنها تخطط لزيادة الإنتاج إلى 38 في النصف الثاني من العام.

وقال المدير المالي، برايان ويست، إن الشركة تعدل الجداول الزمنية التي تنظم وتيرة وحجم شراء قطع الغيار. وسيؤثر ذلك على العمليات والشؤون المالية للموردين، وبعضهم شركات عامة قيمتها السوقية بالمليارات.

وقال أحد مستشاري الصناعة إن الشركات التي لديها تعاملات كثيرة مع شركة بوينغ «تتألم بالفعل في الوقت الحالي»، مضيفاً: «كان الجميع يتوقع زيادة في إنتاج طرازي 737 و787.. وربما قد استثمروا في الأفراد أو القدرات لتلبية هذه الزيادة، لذلك فإن التأخير يشكل معضلة».

وأكد كيفن مايكلز، المدير الإداري لشركة أيروديناميك آدفيسوري، من جانبه، أن سلاسل التوريد تعرضت إلى «ضعف شديد» خلال العقد الماضي.

وبدأ الرئيس التنفيذي السابق لشركة بوينغ، جيم ماكنيرني، مبادرة في عام 2021 استمرت تحت قيادة دينيس مويلنبرغ؛ حيث أصرت الشركة المصنعة على خفض الأسعار وتمديد شروط الدفع.

وأوضح مايكلز: «إذا كانت القواعد التي وضعتها تعيق عمل سلاسل إمداداتك، ولا يمكنك تحقيق عوائد على رأس المال، فهذا يعني أنك في الغالب ستلعب لعبة «واكا مول» (ضرب حيوانات الخلد التي تظهر وتختفي) خلال محاولتك زيادة الإنتاج بمعدل أعلى – بمعنى أنه مسعى لا جدوى منه».

وكانت شركة سبيريت، التي واجهت صعوبات فيما يتعلق بالجودة، أبرز ضحايا التباطؤ في إنتاج طراز ماكس. وتوقفت بوينغ عن قبول هياكل طائرات ماكس من الشركة المصنعة في كانساس التي لا تفي بالمواصفات؛ بهدف الحد من «الأعمال المتنقلة» في مصنعها في رينتون بواشنطن، حيث يمكن أن يؤدي العمل المنفذ خارج التسلسل إلى زيادة حدوث أخطاء في التصنيع.

ورغم توصل الشركتين إلى اتفاق في أبريل يقضي بدفع شركة بوينغ مبلغاً قدره 425 مليون دولار لشركة سبيريت، لا تزال الشركة الموردة تسجل تدفقات نقدية تشغيلية خارجة قدرها 416 مليون دولار في الربع الأول، مع خسارة صافية قدرها 617 مليون دولار، وفائض في المخزون. وفي 16 مايو، أعلنت الشركة عن خطط لتسريح نحو 459 عاملاً.

وقال جو بوتشينو، المتحدث باسم شركة سبيريت، إن الشركة «ستتكيف دائماً مع معدل التسليم لعملائها». وفي بيان، قال المتحدث باسم شركة بوينغ، بول لويس: «نواصل العمل عن كثب مع كل موردينا، بينما ندير وننفذ خطط معدلات الإنتاج».

وسبيريت ليست الوحيدة المتضررة، فقد تأثرت شركات «هوميت أيروسبيس» و«ترايومف غروب» و«هيكسيل» و«سنيور» و«إيه تي آي»، بتباطؤ إنتاج طائرات 737، رغم أن البعض عوض ذلك بعمل آخر، مثل إصلاح المحركات التوربينية المروحية، أو تأمين أعمال دفاعية إضافية في ظل انتعاش الطلب.

وخلال الأسبوع الماضي، صرح دانييل كراولي، الرئيس التنفيذي لشركة «ترايومف»، أنه بالنسبة للسنة المالية 2025، المنتهية في 31 مارس، فإن الشركة تفترض انخفاض معدل تسليم المنتجات إلى بوينغ بنسبة 20 - 30%، اعتماداً على البرنامج والمكون. كما تتوقع الشركة مبيعات بقيمة 1.2 مليار دولار للسنة المالية، أي أقل بنحو 70 مليون دولار من التقديرات السابقة.

وتزود الشركة بوينغ بمعدات بقيمة 300 ألف دولار لكل طائرة من طراز ماكس، ويشمل ذلك أنظمة تمديد وسحب معدات الهبوط وصندوق تروس للمحرك، كما توفر معدات بقيمة مليون دولار لطائرة 787.

وقال كاراولي: «لقد اعتمدنا افتراضات حذرة.. ولا نتوقع أن نضطر للعودة إلى المستثمرين والمحللين ونقول: إن الوضع أسوأ، وإن لدينا فجوة في توقعاتنا». كما خفضت الشركة طلباتها من المواد من مورديها، والتي كانت زادتها العام الماضي تحسباً لارتفاع معدلات الإنتاج.

وكان جون بلانت، الرئيس التنفيذي لشركة هوميت، قال في وقت سابق إن التباطؤ الذي شهدته بوينغ دفع الشركة إلى «إعداد خطط جديدة بالكامل» لهذا العام. وتفترض هوميت الآن أن شركة بوينغ ستنتج 20 طائرة طراز ماكس شهرياً لبقية العام، بانخفاض عن افتراض سابق بلغ 34 طائرة.

ومن خلال عملها في أدوات التثبيت، تخطط هوميت لتسليم كميات أقل «لتتحاشى موقفاً تنشغل فيه بالكثير من المخزون». وامتدت ضغوط سلاسل التوريد إلى شركة إيرباص، المنافس الرئيس لشركة بوينغ، التي تعمل على زيادة الإنتاج لتلبية الطلب المتزايد من عملاء شركات الطيران، وتحتاج إلى مورديها لمواكبة هذه التوريدات.

وغالباً ما يخدم الموردون شركتي بوينغ وإيرباص معاً، ما يجعل من الصعب تحمل تكاليف ثابتة إضافية، مثل زيادة عدد الموظفين، في ظل إمكانية تباين معدلات إنتاج شركات تصنيع الطائرات. علاوة على ذلك، فقد أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة الضغط على التكلفة.

لذلك، كان الرئيس التنفيذي لشركة إيرباص، غيوم فوري، واضحاً عندما شدد أمام المستثمرين في أبريل أن سلاسل التوريد تتعرض لضغوط، «وتطالنا بالفعل آثارها».

كلمات دالة:
  • FT
Email