تتنافس شركات «إنتل» و«إيه إم دي» و«كوالكوم» و«إنفيديا» على إدخال معالجاتها في الجيل القادم من الحواسيب التي تدعم الذكاء الاصطناعي. وخلال هذا الأسبوع، اجتمع عمالة صناعة الرقائق في تايوان للإعلان عن «ثورة حواسيب الذكاء الاصطناعي»، التي تعد بأكبر تقدم منذ عقود في كيفية تفاعل المستهلكين والعاملين في المكاتب مع أجهزتهم الشخصية.

ومثل مؤتمر «كمبيوتكس» السنوي ملتقى لتجمع غير مسبوق للرؤساء التنفيذيين لشركات «إنفيديا» و«إنتل» و«إيه إم دي» و«كوالكوم» وآرك، حيث ألقوا خطابات تتضمن مقاطع فيديو لافتة أنتجها الذكاء الاصطناعي، مع دعايات مثيرة، لإثبات أن تقنياتهم وراء رقائق الحواسيب المدعومة بالذكاء الاصطناعي، التي يصنع العديد منها في تايوان، وتعد الأقوى والأكثر كفاءة.

وقال إيان كوتريس، محلل الرقائق لدى شركة الاستشارات مور ذان مور، إن كمبيوتكس كان المناسبة الأكثر صخباً لكل صانع رقائق لرواية قصته الخاصة عن حواسيب الذكاء الاصطناعي؛ وذلك استعداداً لما يتوقعه خبراء الصناعة من حدوث طفرة في الطلب على حواسيب الذكاء الاصطناعي خلال الأشهر المقبلة.

وهذه الحواسيب المحمولة والمكتبية، أدمجت فيها رقائق سيليكون خاصة لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل المساعدين الرقميين والبرامج التي يمكنها إنشاء كافة أنواع المحتوى، بدءاً من التعليمات البرمجية إلى مقاطع الفيديو على الجهاز نفسه، بدلاً من الاعتماد على الخدمات السحابية. وقال بات غيلسنغر، الرئيس التنفيذي لشركة إنتل، في خطاب تضمن أيضاً برنامج دردشة آلياً يقول إن منتجات شركته أكثر تنافسية من حيث الأسعار مقارنة بمنافسيها: عندما أفكر في سوق الحواسيب الشخصية، فإن هذه هي اللحظة الأكثر إثارة منذ 25 عاماً منذ بزوغ فجر واي فاي.

من جانبه، ذهب رئيس شركة كوالكوم، كريستيانو آمون إلى أبعد من ذلك بقوله إن صناعة الحواسيب الشخصية تولد من جديد، معتبراً أن حاسوب الذكاء الاصطناعي الشخصي هو التطور الأهم منذ نظام التشغيل ويندوز 95 من مايكروسوفت.

وأطلقت شركة مايكروسوفت سباق حواسيب الذكاء الاصطناعي على الكمبيوتر الشخصي عندما كشفت في مايو عن سلسلة من هذه الحواسيب. وسيتم تجهيز هذه الحواسيب المقرر طرحها هذا الشهر ببرنامج كوبايلوت، المساعد الذكي من مايكروسوفت، وستحتوي أيضاً على أداة استدعاء جديدة يمكنها استرجاع ما شاهده المستخدمون على أجهزتهم بسرعة عن طريق حفظ لقطات من شاشاتهم بشكل دوري.

واختارت مايكروسوفت شركة كوالكوم لتكون أول مورد لرقائق الذكاء الاصطناعي، رغم أن معالجاتها، التي تعتمد على آرم، تمثل حصة ضئيلة من مبيعات الحواسيب في سوق ويندوز، التي تهيمن عليها تاريخياً إنتل وإيه إم دي.

ويشير المحللون إلى أن هدف مايكروسوفت هو تشجيع المزيد من التنافس، وقال كوتريس إن شركة كوالكوم أظهرت قدراً أكبر من المرونة في تلبية المتطلبات التقنية لمايكروسوفت، بهدف ترسيخ مكانتها في سوق الحواسيب والتنويع بما يتجاوز نطاق الهواتف الذكية التقليدية.

وأشاد آمون من شركة كوالكوم بالشراكة بوصفها لحظة تاريخية، من خلال الربط بين رقاقتها وبرامج مايكروسوفت لدخول عصر جديد للحواسيب، إلا أن شركتي إنتل وإيه إم دي ليستا بعيدتين عن وضع رقائقهما الذكية في الحواسيب. وكشفت إيه إم دي عن معالجين جديدين خلال مؤتمر كمبيوتكس تم تصميمهما للحواسيب المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ومن المقرر شحنهما بكميات كبيرة نهاية الشهر المقبل.

وقالت إنتل إنها تتوقع شحن معالج لونار ليك، وهي شريحة رائدة تستهدف حواسيب الذكاء الاصطناعي الشخصية، خلال الربع الثالث، في توقيت موسم التسوق بالعطلات، وذكرت أنه سيوضع في 80 حاسوباً شخصياً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي من 20 شركة مصنعة. وقال راكيش كومار، أستاذ الهندسة الكهربائية وهندسة الكمبيوتر بجامعة إلينوي في أوربانا شامبين، إنه بالنظر إلى علاقاتهما (إنتل، وإيه إم دي) القوية الممتدة لعقود مع مصنعي أجهزة الكمبيوتر، فمن المرجح أنهما سيتكيفان بشكل جيد مع سوق حواسيب الذكاء الاصطناعي.

ويبدو أن التزاحم لتقديم منتجات ثورة الذكاء الاصطناعي في تايبيه كان يهدف إلى استباق مؤتمر أبل السنوي للمطورين العالميين، الذي يبدأ غداً في سيليكون فالي، ومن المتوقع أن يقدم للمرة الأولى مجموعة من ميزات الذكاء الاصطناعي للمنتجات المدعومة برقائق آبل. ويتزامن هذا النشاط المحموم مع انتعاش سوق أجهزة الكمبيوتر الشخصية، مع نمو الشحنات بنسبة 3.2% على أساس سنوي في الربع الأول، وفقاً لمجموعة الأبحاث كاناليس. ويأتي هذا النمو بعد عامين من ضعف المبيعات بعد التحول إلى العمل عن بعد خلال جائحة كورونا.

وقال محللو مورغان ستانلي إن حواسيب الذكاء الاصطناعي الشخصية ستكون عاملاً رئيساً خلال المرحلة التالية من نمو سوق الحواسيب الشخصية، حيث سيرتفع معدل الاختراق من 2% في 2024، إلى 65% في 2028، وستختار الشركات الحواسيب التي تشغل تطبيقات الذكاء الاصطناعي داخلياً، لأنها أرخص وأكثر أماناً ومرونة من السحابة.

وقال كومار إن سوق أجهزة الكمبيوتر الشخصية يجب أن يراقب شركة إنفيديا، رغم أن تركيزها الرئيس ينصب على ترسيخ ريادتها في معالجات الذكاء الاصطناعي لمراكز البيانات. وبدأت إنفيديا في البداية بصناعة رقائق للحواسيب المخصصة للألعاب، إلا أن طفرة الذكاء الاصطناعي أدت إلى أن 87% من مبيعاتها البالغة 26 مليار دولار في الربع الأول من هذا العام، تأتي من منتجاتها لمراكز البيانات. و

قال راكيش كومار إن إنفيديا يمكنها الاستفادة من ميزة وحدات معالجة الرسومات الخاصة بها للتنافس في سوق حواسيب الذكاء الاصطناعي.

وأعلنت مايكروسوفت بالفعل أنها ستستخدم وحدات معالجة الرسومات الخاصة بها في حواسيب الذكاء الاصطناعي المستقبلية.

وهناك إقبال على السوق الناشئة من صغار مصنعي أجهزة الكمبيوتر، حيث تستغل العشرات من الشركات المصنعة للإلكترونيات الاستهلاكية من تايوان والصين مؤتمر كمبيوتكس لعرض الملحقات المعدلة لدمج برامج الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك لوحات المفاتيح وسماعات الرأس المزودة بأزرار خاصة لتشغيل تطبيق كوبايلوت.

ورغم الضغط للترقية إلى الذكاء الاصطناعي، يشكك المحللون فيما إذا كان الطلب الاستهلاكي سيكون قوياً بدرجة كافية لتبرير ارتفاع الأسعار الأجهزة الأكثر قوة. وقال كوتريس: ما يحفز الأشخاص على ترقية أجهزتهم هو زيادة الإنتاجية.. هل تساعدك هذه الأجهزة على تسريع العمل؟ لقد بلغنا مرحلة إتاحة الأجهزة، لكننا لم نرَ بعد ما إذا كان ثمة برنامج يمكنه الإجابة عن هذا التساؤل.