محمد الرمحي

«مصدر» تكثف مساعيها للاستحواذ على شركات أوروبية

مجموعة الطاقة المتجددة تضخ المزيد من رؤوس الأموال بأوروبا بعد شرائها أكبر شركات الطاقة المتجددة في اليونان

تكثف شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر)، المجموعة الإماراتية الرائدة عالمياً في قطاع الطاقة المتجددة، جهودها لاقتناص المزيد من عمليات الاستحواذ الأوروبية، بعد نجاحها في شراء أكبر الشركات اليونانية لإنتاج الطاقة المتجددة خلال الأسبوع الماضي، يأتي ذلك فيما تسببت الضائقة المالية بالقطاع في انخفاض التقييمات ما يخلق مجالاً أوسع أمام إبرام المزيد من الصفقات.

وصرح محمد جميل الرمحي، الرئيس التنفيذي لشركة «مصدر»، لـ «فاينانشال تايمز»، أن صفقة الاستحواذ على «تيرنا إنرجي» بقيمة 3.2 مليارات يورو هي مجرد بداية لتوسع أكبر في وسط وشرق أوروبا. وأضاف: «الواقع أننا لن نستحوذ فقط على هذه المنصة ونضيفها إلى محفظتنا، بل سنضخ مزيداً من رؤوس الأموال في اليونان وأوروبا».

وأردف الرئيس التنفيذي بالقول: «إنها صفقة استراتيجية بالنسبة لنا، حيث نعزز من خلالها حضورنا في اليونان، والأكثر أهمية من ذلك في شرق أوروبا على نطاق أوسع»، لافتاً إلى أن للشركة حضوراً في صربيا والجبل الأسود وبولندا، فضلاً عن «خطط قوية قيد الإعداد» للمنطقة.

وبعد عقد من النمو السريع، يتعرض قطاع الطاقة المتجددة لضغوط ناجمة عن ارتفاع أسعار الفائدة، خصوصاً في أوروبا، حيث قلصت الكثير من الشركات خططها أو قررت إلغاءها. ومع ذلك، أوضح الرمحي أن ارتفاع الفائدة دفع القطاع إلى العودة إلى أرض الواقع من جديد وجعل الناس «أكثر عقلانية» فيما يتعلق بالصفقات.

وقال: «كان الناس يتوقعون تقييمات عالية حينما كانت الفائدة عند مستوى الصفر أو سالبة. وإذا لم تمنحهم القيمة التي كانوا يحلمون بها، كان بإمكانهم التوجه إلى المصارف والاقتراض بفائدة صفرية ومواصلة نموهم. ما يعني أنهم لم يكونوا بحاجة لك، أما اليوم، فقد دفع ارتفاع الفوائد السوق إلى إدراك أن التقييم الذي كانوا يحلمون به لم يكن واقعياً بالمرة».

وعزز المشترون الذين يتمتعون بسيولة عالية في الولايات المتحدة والدول الخليجية في الشهور الأخيرة من وتيرة إبرام الصفقات في القطاع الذي يتطلب رؤوس أموال كثيفة.

ولدى «مصدر»، التي يمولها صندوق «مبادلة» السيادي وشركة الطاقة والمياه (طاقة)، إلى جانب شركة أبوظبي الوطنية للنفط (أدنوك)، بمحفظة تبلغ قيمتها 30 مليار دولار أمريكي من مشروعات الطاقة المتجددة.

وإلى جانب «تيرنا»، اشترت «مصدر» 49% من مشروع «دوغر بانك» لطاقة الرياح في المملكة المتحدة، بجانب جزء من مزرعة رياح بقيمة 1.6 مليار يورو في بحر البلطيق، فضلاً عن حصة تبلغ 50% من مجموعة تيرا-جين الأمريكية لتخزين طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

في الوقت نفسه، أعلنت بروكفيلد الكندية الاستثمارية وصندوق تيماسيك السيادي السنغافوري في الشهر الماضي خوضهما مفاوضات حصرية للاستحواذ على نيوين، مطورة الطاقة الشمسية والرياح الفرنسية، بقيمة 6.1 مليارات يورو، بعدما أفصحت الشركة عن حاجتها لمزيد من رؤوس الأموال للنمو. وأفاد كونور تيسكي، رئيس قسم الطاقة المتجددة لدى «بروكفيلد» عند الإفصاح عن المفاوضات، بأنه يتوقع إبرام مزيد من الصفقات.

وعلق: «لتكون قادرة على تلبية كل هذا الطلب على الكهرباء من الطاقة المتجددة، تحتاج هذه الشركات إلى أن تكون مدعومة من مساهمين لديهم رؤوس أموال ضخمة. وهذا ليس انتقاداً للمساهمين السابقين بأي حال من الأحوال، ممن أسسوا هذه الشركات الرائعة وحولوها إلى منصات كبيرة، لكن ثمة حجم مختلف مطلوب للمرحلة التالية من النمو».

ثمة صفقات أكبر أخرى في فضاء الطاقة المتجددة، تشمل استحواذ «كيه كيه آر» البالغ 2.8 مليار يورو على شركة «إنكافيس» لإنتاج الطاقة المتجددة التي تتخذ من ألمانيا مقراً لها، ويتوقع إبرام الصفقة في نهاية العام الجاري.

وعززت «مصدر» من وتيرة إبرامها للصفقات للوفاء بمستهدفها المتمثل في توليد 100 غيغاواط من الطاقة بحلول 2030. وتمتلك الشركة في الوقت الحالي مشروعات تقوم بتوليد ما يقرب من 20 غيغاواط من الطاقة سواء العاملة منها أم في طور التشييد أم قيد التطوير. وقال الرمحي: «كنا بحاجة إلى تغيير السرعة، ونحتاج إلى النظر في فرص جديدة وتقييمها، تكون كبيرة وواسعة النطاق. وكان لزاماً علينا أن نبدأ التفكير بشأن إبرام عمليات استحواذ كبيرة».

ورغم من يثار من تقارير حول مخاوف لدى حكومات أوروبية بشأن الملكية الأجنبية للبنية التحتية الضرورية للطاقة، فقد أفاد الرئيس التنفيذي بأن «مصدر» لم تواجه أي مشكلات حتى الآن. بل على النقيض، فتحت كل الأبواب أمامنا في كل مكان ذهبنا إليه.

وأشار الرمحي إلى تبني موقف حيادي حيال استخدام ألواح الطاقة الشمسية الصينية أو توربينات الرياح، مضيفاً: «نحن نؤمن بسوق مفتوحة وحرة. سنشتري من أي شخص بإمكانه زيادة حجم الأعمال وتوريد المنتج في الوقت الملائم وبالسعر المناسب».

الأكثر مشاركة