تهديدات قانونية تلقي بظلالها على مساعي إنعاش بورصة لندن

يحق للمساهمين الشعور بالغضب حيال التجاوزات التي ترتكبها الشركات وغياب الكفاءة المؤسسة، لكن هل يجب أن يتوقعوا المزيد من الحقوق تلقائياً؟

لنأخذ على سبيل المثال قضية شركة التعهيد «سيركو»، المدرجة في لندن، ومجموعة الأمن «جي فور إس» منذ يوليو 2013، فقد انخفضت أسهم الشركتين بحدة بعد اتهامات بتقاضي رسوم مبالغ فيها من الحكومة بملايين الجنيهات لتتبع المخالفين إلكترونياً.

وفقدت سيركو 236 مليون جنيه استرليني من قيمتها السوقية في يوم واحد، بعد أن تبين أنها قامت بفرض رسوم لتتبع مجرمين لا يزالون في السجن أو مطلقي السراح أو في عداد الموتى، في حين خسرت «جي فور إس» 167 مليون جنيه استرليني من قيمتها خلال اليوم نفسه، بعد أن طالبت بدفع مبالغ للحراس الدؤوبين لدرجة أنهم ربطوا جهاز تتبع على ساق اصطناعية. وتلقت شركة سيركو لاحقاً غرامة قدرها 19 مليون جنيه استرليني، وتم تغريم شركة «جي فور إس» 44 مليون استرليني، بعد تحقيق أجراه مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة. ولم يكن أي من إجراءات الإنفاذ تلك مجدياً للمستثمرين؛ لذا قاموا برفع دعاوى قضائية.

وخلال الأسبوع الماضي في أول دعوى قضائية للمساهمين في المملكة المتحدة تحال إلى المحكمة، قررت سيركو أن الدفع هو أفضل سمات الشجاعة، وتوصلت إلى تسوية لم يتم الكشف عنها. بينما تم تسوية الدعوى الجماعية لمساهمي «جي فور إس» قبل إحالتها إلى المحكمة.

لقد تحققت العدالة كما يقول المستثمرون. ونظراً لأن هذا أمر نادر الحدوث عندما يكون مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة منخرطاً، فمن السهل فهم سبب ثقتهم في الدعاوى المدنية، ومن السهل أيضاً معرفة السبب وراء سعي المساهمين في ستاندرد تشارترد، وباركليز، وغلينكور، وإنتين، وريكيت بينكيرز، الآن اتباع سبل مماثلة بشأن دعاوى أخرى متعلقة بالخسائر المالية.

ولدى أولئك الذين يشعرون بفراغ جيوبهم من المال دليل على أنهم يمكن أن يربحوا قضايا التعويضات في المملكة المتحدة بتكلفة معقولة. فقد أسفر إجراء جماعي ضد رويال بنك أوف سكوتلاند للتلاعب بحقوق اكتتاب في عام 2008، عن تسوية بمبلغ 800 مليون جنيه استرليني. وكما قال أحد المحامين: «ظهر جلياً أن هذه الدعاوى مربحة تماماً». من ناحية أخرى، لدى الغاضبين سبب للاعتقاد بأن التقاضي يمكن أن يرفع معايير حوكمة الشركات.

فقد حققت دعوى قضائية للمساهمين ضد تيسكو، بتهمة المبالغة في تقدير الأرباح، 193 مليون جنيه استرليني، وأصدرت تحذيراً للمديرين الماليين في مؤشر فوتسي. وأوضح محام آخر أنها «إضافة للسوق، ولصالح المساهمين». لكن، هل سيشكل توسيع نطاق الدعاوى الجماعية حقاً إضافة لسوق لندن؟

في الواقع، يشعر مستشارو الشركات وحتى بعض المحامين بالقلق من احتمال تشجيع شركات المحاماة التجارية العدوانية، وممولي الدعاوى القضائية على رفع دعاوى قضائية مزعجة، ولاحظ مستشارو «غرانت ثورنتون» في مناقشة عامة عبر الإنترنت أن «توفر تمويل التقاضي من طرف ثالث والتأمين اللاحق لإجراءات التقاضي في المملكة المتحدة يزيد جاذبية رفع دعاوى الأوراق المالية في هذه الولاية القضائية».

وقال أحد المحامين إن «المحامين الأمريكيين على دراية تامة بقضايا هبوط الأسهم، ويكرسون مسيرتهم المهنية بالكامل لها.. وفي الواقع، لا يتعلق الأمر بمحاسبة الشركات، بل يتعلق بكسب المال».x إضافة إلى ذلك، لا يحصل المساهمون دائماً على الكثير من الأموال. فعندما تكون التسويات متواضعة، ينتهي الأمر إلى محدودية للمبالغ المدفوعة إلى المدعين، بعد حصول المحامين والممولين وشركات التأمين على حصتهم.

وهنا، يمكن لتصريحات ما بعد التسوية من الأطراف المتقاضية أن تكون ذات دلالة، فعندما يصر المدعون أن الأمر كان يتعلق فقط بمحاسبة الإدارة، فهذا يعني عادة أن التعويض «لم يكن كبيراً»، على حد قول سيركو. رغم ذلك، قد يصبح من الأسهل على المساهمين تنفيذ أوامر هؤلاء المحامين وممولي التقاضي.

ورغم أن النظام القانوني بالمملكة المتحدة لا يسمح بالانسحاب من الدعاوى الجماعية مثل الولايات المتحدة، حيث يفترض أن جميع المساهمين قد انضموا تلقائياً، فقد طلب من محكمة الاستئناف السماح بترتيب مشابه، يطبق حالياً في قضايا المنافسة، في دعوى مستثمر ريكيت. إن دعوى قضائية كبرى لن تغير التصورات عن لندن كوجهة للإدراج بين عشية وضحاها.

رغم ذلك، يقترح البعض في مجال القانون أنه بعد بضع سنوات من موافقة المحكمة «قد يكون ثمة تأثير غير مباشر، وارتفاع ملحوظ في وتيرة الدعاوى الجماعية». وبالنسبة لسوق لندن التي تسعى للتعافي من سلسلة الأضرار التي ألحقتها بنفسها – بدءاً من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى لوائح الإدراج، ومن الحوكمة إلى التعويضات - سيكون من باب قصر النظر إعطاء سبب آخر للشركات البريطانية للبقاء خصوصاً وعدم طرح أسهمها، وخسارة أفضلية أخيرة على الولايات المتحدة.