المستثمرون يحمّلون الشركات مسؤولية التعامل مع المخاطر البيئية

أطلقت مبادرة «مبادئ الاستثمار المسؤول» مجموعة من المستثمرين في دعم الطبيعة، رغم الضغوط التي تواجهها التحالفات المناخية، فلقد كان العامان السابقان شاقين على من يدافعون عن العمل الاقتصادي المنسق بشأن البيئة.

وتعرضت التحالفات التي تركز على المناخ لانتقادات شديدة من السياسيين الجمهوريين في الولايات المتحدة، الذين اتهموا الأعضاء بالسعي للانتقام من قطاع الوقود الأحفوري، وأثاروا تساؤلات حول قانون المنافسة، وتحت الضغط، حققت الشركات الكبرى على جانبي الأطلسي أرباحاً كبيرة بالخروج من هذه المبادرات البيئية.

رغم ذلك، يؤكد ديفيد أتكين، الرئيس التنفيذي لمبادرة مبادئ الاستثمار المسؤول، بأن التقدم لم يخرج عن مساره، وتعد هذه المبادرة من بنات أفكار الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان، وهي أكبر شبكة للمستثمرين من نوعها، حيث تضم أكثر من 5000 عضو مؤسس يديرون أصولاً بقيمة نحو 120 تريليون دولار.

وأضاف: «ربما ما تراه أن المستثمرين هنا لا يتحدثون بصوت عالٍ، لكن يمكننا نحن أن نتحدث لأننا نرى الأعمال الأساسية مستمرة، والموقعون معنا يقدمون تقارير كل عام عما يفعلونه كمستثمرين مسؤولين». ومثالاً على هذا العمل، فقد ظهرت تفاصيل جديدة عن «سبرينغ»، وهي مبادرة تركز على الطبيعة وسياسة إزالة الغابات، يدعمها أكثر من 200 مستثمر مؤسسي.

وفي إطار المبادرة، يركز المستثمرون على 60 شركة تعمل في بلدان ذات مخاطر حادة تتعلق بالطبيعة. ومن المثير للاهتمام أنه سيكون هناك تركيز كبير على دفع الشركات نحو «المشاركة السياسية المسؤولة».

ويبدو أن هذا يعكس تركيزاً أوسع ومتزايداً على الحاجة إلى سياسات حكومية طموحة حيال المناخ والتنوع البيولوجي، وعلى الدور الذي يمكن أن تلعبه الضغوط التي تمارسها الشركات في دعم أو عرقلة مثل هذه السياسات، وهذا يعني أن المستثمرين «المسؤولين» بحاجة إلى إيلاء اهتمام أكبر بأنشطة الضغط الذي تمارسه الشركات التي يستثمرون فيها.

وتضم مجموعة منتقاة من 20 شركة لجذب اهتمام المستثمرين إليها شركة «تويوتا» وغيرها من شركات صناعة السيارات الكبرى، والعديد من البنوك البرازيلية واثنتين من أكبر شركات إنتاج لحوم الأبقار في البلاد، وشركتي التكنولوجيا النظيفة الصينيتين «بي واي دي» و«كاتل»، وشركتي السلع الاستهلاكية لوريال وريكيت بينكيزر.

وأوضح ديفيد أتكين أن اختيار الشركات لم يقم على «أنها لا تفعل الشيء الصحيح»، بل بسبب تأثيرها في السياسات المرتبطة بالمخاطر الطبيعية، خاصة إزالة الغابات، كما أن المستثمرين الذين تطوعوا لأداء أدوار قيادية في هذه المبادرة يشكلون مجموعة متنوعة أيضاً، بينهم مستثمرون أوروبيون، مثل: ستوربراند وسكويتش ويدوز وفيدرايتيد هيرميس الأمريكية، وأسماء يابانية، مثل: سوميتومو ميتسوي ونامورا.

ويلعب العديد من مديري الأصول البرازيليين، بمن في ذلك جي جي بي ونيو إنفيتسمينوس، أدواراً قيادية أيضاً، وهو تطور رئيس، كما قال أتكين، نظراً لمركزية هذه الدولة في مواجهة تحدي إزالة الغابات.

وأضاف أتكينز أنه لا يزال توقيت الأمر غير مريح لبعض مديري الأصول، خاصة في الولايات المتحدة، لمعالجة القضايا البيئية، «لكن إذا كنت تعتقد أن هذه المخاطر يمكن أن تؤثر مادياً في محفظتك الاستثمارية، فلا يمكنك تجاهلها، وأنت ملزم من وجهة نظر ائتمانية بمواصلة العمل عليها».

ويعتبر صندوق بيوند نت زيرو التابع لشركة جنرال أتلانتيك، الذي تبلغ أصوله 3.5 مليارات دولار، من بين أكبر صناديق الأسهم الخاصة التي تركز على المناخ في العالم، ما يجعله مؤشراً جيداً على كيفية تطور المواقف تجاه تمويل الانتقال في الأسواق الخاصة.

وفي حدث أقيم منذ أيام لإطلاق تقريرها السنوي لعام 2023، قدم أعضاء اللجنة حججاً لتركيز انتقال التمويل إلى الشركات والقطاعات «البنية»؛ حيث توجد مساحة كبيرة لخفض الانبعاثات، بدلاً من مجرد الاستثمار في الشركات الخضراء التي تبدو جيدة على الورق.

وكجزء من صندوق بيوند نيت زيرو، استحوذت شركة جنرال أتلانتيك مؤخراً على حصة أغلبية في شركة جي آر إي إس بي الهولندية لتقييمات البيئة والمجتمع والحوكمة، التي تصنف استدامة مشاريع العقارات والبنية التحتية المملوكة لشركات الأسهم الخاصة ومديري الأصول. x وقال كريس بايك، المدير التنفيذي في جي آر إي إس بي، في اجتماع اللجنة: «لدي كل الوقت في العالم لوضع خطط انتقال موثوقة». وأكد: «نحن بحاجة إلى وضع رأس المال، حيث توجد الأشياء البنية، وهذا ما لا يفعله النموذج الحالي».

رغم ذلك، حتى الآن تفضل بيوند نت زيرو إلى حد كبير الحلول الرأسمالية المخفضة القائمة على التكنولوجيا، مثل موفري البيانات والتقييمات البيئية والاجتماعية والحوكمة. كما استثمرت في شركات مثل شركة الطاقة المتجددة صن كينج التي توفر أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية للأسر الأفريقية.

وفي مقابلة مع مورال موني، قال اللورد جون براون، المؤسس المشارك للصندوق رئيس مجلس الإدارة، إن الاستثمارات الحكومية الأخيرة في السياسة الصناعية، مثل القانون الأمريكي للحد من التضخم، قد خلقت المزيد من الفرص لنقل التكنولوجيا الخضراء وتصنيعها.

وقال إن الحكومات أصبحت أكثر استعداداً «لإزالة المخاطر» في الصناعات الخضراء من خلال تحمل الخسائر الأولية. وأشار براون إلى أن معظم أموال الصندوق الأول قد تم توزيعها، لكن الفرص التي يمكن أن تخلقها السياسة الصناعية للأسواق الخاصة ربما من المحتمل أن تظهر في استراتيجية التمويل التالي.

وأضاف براون: «إن إعادة التوطين الصناعي أمر وارد ويخلق فرصة استثمارية»، موضحاً أنه في بعض القطاعات المرتبطة بالمناخ، فإنه «لن يحدث الاستثمار أبداً ما لم تتحمل الحكومة التكاليف الأولية».

وأوضح أنه رأى فرصة كبيرة في جهود البلدان لتصنيع السلع الخضراء قرب الوطن. وبينما حقق المصنعون الصينيون تقدماً كبيراً في التقنيات الخضراء الرئيسية، مثل السيارات الكهربائية ووحدات الطاقة الشمسية، قال براون إن السؤال ليس ما إذا كانت الولايات المتحدة والدول الأوروبية ستتنافس في تلك الصناعات، بل متى؟

وتوقع جون براون أن تؤدي التحسينات في الهندسة إلى خفض التكاليف. ويمكن أن تكون جنرال أتلانتيك إحدى الوسائل لنقل هذه التكنولوجيا. وتابع: «قد تقول شركة صينية: لدينا محفظة من الأنشطة المتكاملة في مجال الطاقة الشمسية. هل يمكننا أن نقدمها لكم ونجعلكم المساهم الأكبر في الغرب؟»، مشيراً إلى أنه كان هناك «نقاش ضخم» حول الاستثمار في مثل هذه الاستراتيجية.

ومع ذلك، حذّر براون من أن الدعم الحكومي لا يضمن النجاح بالضرورة، ويمكن أن يتحول بسهولة إلى رفاهية للشركات، وقال: «علينا أن نفكر بعناية شديدة فيما إذا كان ما تفعله الحكومات مستداماً، وما إذا كان يقع في الواقع على عاتق السكان والمجتمع، وليس فقط على القطاع الخاص».

وأضاف أن القانون الأمريكي للحد من التضخم قام بعمل جيد في تجنب هذا الأمر، مشيراً إلى أن الاستثمارات في القانون قد تم توزيعها «بين الولايات الحمراء والزرقاء بطريقة إبداعية للغاية».

الأكثر مشاركة