قلق متزايد بين المصرفيين رغم قفزة تمويل الشركات الأمريكية

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم الزيادة الكبيرة في جمع الشركات الأمريكية للتمويلات خلال النصف الأول من عام 2024، إلا أن المصرفيين يزدادون حذراً بشأن استدامة هذا الانتعاش.

حيث تلقي حالة من عدم اليقين بشأن الانتخابات الرئاسية، وتوقيت خفض أسعار الفائدة بظلالها على بقية العام.

وقفز نشاط جمع التمويلات خلال النصف الأول من 2024، مع ارتفاع الاقتراض في أسواق الديون ذات التصنيف العالي والأسواق عالية المخاطر بالولايات المتحدة بنحو 50 % إلى 1.3 تريليون دولار، وفقاً لشركة «بيتشبوك إل سي دي».

وطبقاً لبيانات شركة «ديلوجيك» فقد قفزت عمليات التمويل من خلال الاكتتابات العامة الأولية بنسبة 80 % إلى نحو 20 مليار دولار.

إلا أن المصرفيين يقولون إن جزءاً من هذا النشاط كان سببه تبكير الشركات في جمع الأموال، تجنباً لتقلبات محتملة في وقت لاحق من العام، والبعض غير مقتنع بأن ما يحدث يمثل عودة إلى ظروف طبيعية بدرجة اكبر.

وقال ريتشارد زغيب، رئيس أسواق رأس المال العالمية للديون في سيتي غروب: «ستخفت مستويات النشاط إلى حد ما خلال الفترة المتبقية من العام»، مشيراً إلى وجود عوامل مؤثرة مثل التضخم، الذي يفوق المستهدف، وعدم انخفاض أسعار الفائدة حتى وقت لاحق من العام، والانتخابات الرئاسية. وأضاف: «سنطارد أي شيء وكل شيء، من حيث الصفقات، التي نعتقد أنه لديها أي فرصة لتجاوز خط النهاية».

وقال مارك ليناج، الرئيس العالمي لتمويل الاستثمار في «بي إن بي باريبا»، إنه رغم إمكانية وجود «فترات جيدة من النشاط» في النصف الثاني، إلا أنه يتوقع أن تكون الأحجام أقل، وأضاف: «لا أعتقد أن الأمور ستتوقف.. لا بالقطع»،.

وقد انخفض النشاط في أسواق الائتمان والأسهم العامة، وهو محرك رئيسي لإيرادات البنوك الاستثمارية، بشكل حاد عندما بدأ الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة عام 2022. وقد انخفضت أحجام الاكتتابات العامة الأولية بأكثر من 90 % في 2022 مقارنة بالعام السابق، في حين انخفضت إصدارات ديون الشركات بنسبة 40 %.

وانخفض إصدار السندات والقروض غير المصنفة بنسبة 70 % تقريباً، رغم أن الاقتراض عالي الدرجة، الذي يستفيد من الوصول الأكثر ثباتاً إلى التمويل، كان أكثر مرونة.

وانتعش الاقتراض هذا العام بفضل الطلب القوي من المستثمرين، ما سمح للشركات بالاقتراض بعلاوات رخيصة نسبياً، بهامش أعلى قليلاً من السندات الحكومية القياسية، حتى مع إبقاء الاحتياطي الفيدرالي على سعر الفائدة القياسي عند أعلى مستوى له منذ 23 عاماً. وقد حرص المستثمرون على تأمين العوائد قبل أن يبدأ البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة، وهو ما يتوقع حدوثه في وقت لاحق من العام.

ومن بين صفقات السندات عالية الجودة في الأشهر الأخيرة إصدار بقيمة 10 مليارات دولار من قبل هوم ديبوت، للمساعدة في تمويل استحواذها على موزعة منتجات البناء إس آر إس ديستربيوشن، وإصدار بقيمة 15 مليار دولار من قبل شركة الأدوية «أبفاي» في فبراير للمساعدة في تمويل عمليات شراء إيمونوجين وسيريڤيل.

مع ذلك في أسواق الديون منخفضة الجودة جاء كثير من الإصدارات الأخيرة، لإعادة تمويل الديون القائمة، بدلاً من اقتراض جديد لعمليات الدمج والاستحواذ.

وقال زغيب من «سيتي غروب»: إنه في حين أن النشاط كان «أعلى بالتأكيد، إلا أننا نقارن أنفسنا بفترات حجم تداول منخفض للغاية. والارتفاع البسيط مقابل مستويات النشاط المنخفضة بشكل لا يصدق عامي 2022 و2023 ليس ما كنا نأمله، وليس هو ما سيحافظ على حجم الإصدار الذي نحتاج إليه». وأضاف: «نحن نرحب بكل صفقة من تلك الصفقات التي تمت، لكنها قليلة ومتباعدة».

في الوقت نفسه في أسواق الأسهم كان هناك عدد قليل من الصفقات الكبيرة من قبل شركات التكنولوجيا سريعة النمو، التي هيمنت على مشهد الاكتتابات العامة قبل الانكماش الأخير.

بما في ذلك عروض بمليارات الدولارات من شركة فايكينج المشغلة للرحلات البحرية، وعامر سبورتس المالكة لشركة أركتيريكس، ومجموعة يو إل سولوشنز لاختبارات السلامة، وارتفعت مبيعات الأسهم اللاحقة للشركات المدرجة بنسبة 40 % تقريباً في النصف الأول إلى 75 مليار دولار مقارنة بالعام السابق؛ وفقاً لشركة ديلوجيك.

وحققت البنوك ما يقرب من 3.8 مليارات دولار من صفقات الأسهم الأمريكية حتى الآن هذا العام، وفقاً لشركة ديلوجيك، وإذا استمر المعدل نفسه في النصف الثاني فستتجاوز إيرادات العام بأكمله متوسط ما قبل جائحة كورونا. وقال جيسي مارك، الرئيس العالمي لأسواق رأس المال في شركة جيفريز: «إن إجمالي الرسوم (التي تكسبها البنوك) تتجاوز ما كان من الممكن توقع معظمه مع دخول عام 2024»،

لكن كما هي الحال مع سوق السندات فإن الشركات الحريصة على إتمام الصفقات في وقت مبكر عززت أحجام التداول الأخيرة، كما يقول المصرفيون، ومن المتوقع أن يبدأ النصف الثاني من العام بقوة.

حيث من المقرر إدراج شركة تشغيل المستودعات لاينيج في يوليو في أكبر اكتتاب عام أولي في العام حتى الآن. ويتوقع مارك فترة مزدحمة من مبيعات الأسهم اللاحقة، التي تبدأ في منتصف يوليو، بمجرد أن تعلن الشركات عن أرباح الربع الثاني من العام، كما يأمل المصرفيون أيضاً في عدد قليل من عمليات الإدراج في شهر سبتمبر- وهو وقت مزدحم تقليدياً من العام للاكتتابات العامة الأولية.

رغم ذلك من المرجح أن يتم تقليل نافذة كل من الاكتتابات العامة الأولية والمبيعات اللاحقة، بسبب الانتخابات في نوفمبر، في حين أن التقلبات الهائلة فيما يخص توقعات السوق حول موعد وسرعة خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة جعلت من الصعب على المرشحين للاكتتابات العامة الأولية التنبؤ بثقة بأرباحهم المستقبلية.

وقالت جيل فورد، الرئيس المشارك لأسواق رأس المال في ويلز فارجو: «الشيء الوحيد الذي نعرفه هو أن الانتخابات ستشتت الانتباه»، وأضافت: «سيكون هناك بعض (الاكتتابات العامة الأولية) في سبتمبر»، «لكن الكثيرين سينتظرون حتى أوائل العام المقبل». ويتطلع آخرون أيضاً إلى ما بعد النصف الثاني الصعب حتى عام 2025.

وقال أحد كبار المصرفيين في الاكتتابات العامة الأولية في أحد أكبر بنوك وول ستريت: «لقد حققنا بعض التقدم بثبات، لكن «تطبيع».. سوق الاكتتابات العامة الأولية؟ لم نصل إلى هناك بعد. هناك فرصة جيدة ألا نصل إلى هناك حتى العام المقبل».

كلمات دالة:
  • FT
Email